responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 541

ما ذكر أن اللّٰه قد هداهم به قال لو شئتم أن تقولوا لقلتم وجدناك طريدا فأويناك و ضعيفا فنصرناك الحديث فذكر ما كان منهم في حقه و كان اللّٰه قادرا على نصره من غير سبب و لكن فعل ما تقتضيه الحكمة لما جبل عليه من خلقه اللّٰه على صورته فقال لرسوله صلى اللّٰه عليه و سلم وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاٰتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ

[اللّٰه هو الممتن على عباده بجميع ما هم فيه]

فهذا فخر و يد و منة يتعرض فيها علة و مرض لكن عصم اللّٰه نبيه من ذلك فجعل سبحانه في مقابلة هذه العلة دواء كما هي أيضا دواء لما هو لها دواء فقال تعالى يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ فإن افتخرنا بالصلاة عليه على طريق المنة وجدناه قد صلى علينا حين أمر بذلك و إن تصور في الجواز العقلي أن يمتن بصلاته علينا منعته من ذلك صلاتنا عليه أن يذكر هذا مع كونه السيد الأعظم و لكن لم يترك له سبحانه المنة على خلقه ليكون هو سبحانه المنعم الممتن على عباده بجميع ما هم فيه و ما يكون منهم في حق اللّٰه من الوفاء بعهوده فاجعل بالك لما نبهتك عليه فإنه من أسرار المعرفة بالله و بمراتب ما سوى اللّٰه إن كنت فطنا

(وصل) [من أسرار إقامة الصلاة]

[ربط إقامة الصلاة بالزمان و المكان]

اعلم أن اللّٰه قد ربط إقامة الصلاة بأزمان و هي الأوقات المفروض فيها إقامة الصلوات المفروضات فقال تعالى فَأَقِيمُوا الصَّلاٰةَ إِنَّ الصَّلاٰةَ كٰانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتٰاباً مَوْقُوتاً و ربطها بأماكن و هي المساجد قال تعالى فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّٰهُ أَنْ تُرْفَعَ أي أمر اللّٰه أن ترفع حتى تتميز البيوت المنسوبة إلى اللّٰه من البيوت المنسوبة إلى المخلوقين و يذكر فيها اسمه بالأذان و الإقامة و التلاوة و الذكر و الموعظة يُسَبِّحُ يقول يصلى لَهُ فِيهٰا أي من أجل أن أمرهم اللّٰه بالصلاة فيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصٰالِ رِجٰالٌ و لم يذكر النساء لأن الرجل يتضمن المرأة فإن حواء جزء من آدم فاكتفى بذكر الرجال دون النساء تشريفا للرجال و تنبيها على لحوق النساء بالرجال فسمى النساء هنا رجالا فإن درجة الكمال لم تحجر عليهن بل يكملن كما تكمل الرجال و ثبت في الخبر كمال مريم و آسية امرأة فرعون

[رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّٰه]

فقال لاٰ تُلْهِيهِمْ تِجٰارَةٌ أي لا تشغلهم تجارة وَ لاٰ بَيْعٌ فالتجارة أن يبيع و يشتري معا و البيع أن يبيع فقط فمدحهم بالتجارة و هو البيع و الشراء في أي شيء كان مما أمر اللّٰه بالتجارة فيه قال تعالى هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلىٰ تِجٰارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذٰابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُجٰاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ بِأَمْوٰالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ و قال في البيع إِنَّ اللّٰهَ اشْتَرىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوٰالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ و هو الثمن و جعلها الثمن

للحديث الوارد في الخصمين من الظالم و المظلوم إذا أصلح اللّٰه بين خلقه يوم القيامة فيأمر اللّٰه المظلوم أن يرفع رأسه فينظر إلى عليين فيرى ما يبهره حسنه فيقول يا رب لأي نبي هذا لأي شهيد هذا فيقول اللّٰه تعالى لمن أعطاني الثمن قال و من يملك ثم هذا قال أنت بعفوك عن أخيك هذا فيقول يا رب قد عفوت عنه فيقول خذ بيد أخيك فأدخل الجنة و لما أورد رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم هذا الحديث تلا فَاتَّقُوا اللّٰهَ وَ أَصْلِحُوا ذٰاتَ بَيْنِكُمْ فإن اللّٰه يصلح بين عباده يوم القيامة

[المؤمن ممدح في القرآن بالتجارة و البيع]

فالمؤمن ممدوح في القرآن بالتجارة و البيع فيما ملك بيعه و ما صرح اللّٰه فيه بأنه يشترى خاصة فإن التجارة معاوضة و قبض ثمن و البيع بيع ما يملكه و الشراء شراء ما ليس عندك و ما وصف بالشراء في القرآن إلا من أشهدهم اللّٰه عن جناية فقال أُولٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلاٰلَةَ بِالْهُدىٰ وَ الْعَذٰابَ بِالْمَغْفِرَةِ و قال إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّٰهِ وَ أَيْمٰانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً و السبب في أن المؤمن ما وصفه اللّٰه بالشراء فإنه خلقه اللّٰه و ملكه جميع ما خلق اللّٰه في أرضه الذي هو مسكنه و محله فقال خَلَقَ لَكُمْ مٰا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فجميع ما في الأرض ملكه فما بقي له ما يشتريه و حجر عليه الضلالة و هي صفة عدمية فإنها عين الباطن و هو عدم و لم يأمرنا اللّٰه باتباعه فإنه من العدم خرجنا إلى الوجود فلا نطلب ما خرجنا منه هذا تحقيقه لأنه خلقنا لنعبده فإذا اشترينا الضلالة بالهدى فقد اخترنا العدم على الوجود و الباطل على الحق الذي خلقنا له فلم يصف المؤمن بالشراء

[المؤمن الكيس يبيع المباح بالواجب]

و مما ملكه اللّٰه ما هو مباح له و ما هو واجب عليه إن لا يخرجه و لا يبيعه و هي الواجبات و الفرائض فيبيع صنف المباحات بالواجبات فلهذا شرع له البيع فيما أبيح له بيعه فالمؤمن الكيس الفطن ينظر الوقت الذي يكون فيه بحكم الإباحة يقول ما لي ربح في هذا الملك و الدنيا دار تجارة فلنبع هذا المباح بواجب فهو أولى بي و لا نخسر وقتي فيكون في فرجة مع إخوانه فيقول يا رب أحب أن أبيع هذا المباح بواجب فيقول اللّٰه له ذلك إليك فيبيع الفرجة بالاعتبار فيما يعطيه ذلك المكان من الحسن و الجمال من الدلالة على اللّٰه عز و جل فيفكر في حسن خلق اللّٰه و كماله و جماله فتكون فرجته أتم و أفرح لقلبه و ليس من المباح في شيء فإنه قد باعه بهذا الواجب فاعتبر الحق جانب البيع و لم يعتبر في

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 541
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست