responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 534

بعناية اللّٰه و هذا من عناية اللّٰه و أهل لا إله إلا اللّٰه بكل وجه و على كل حال لا يقبلهم الخلود في النار إلا من أشرك أو سن الشرك فإنهم لا يخرجون من النار أبدا

[التوحيد لا يقاومه شيء]

فالأهواء و البدع و كل كبيرة لا تقدح في لا إله إلا اللّٰه لا تعتبر مؤثرة في أهل لا إله إلا اللّٰه فإن التوحيد لا يقاومه شيء مع وجوده في نفس العبد و لو لا النص الوارد في المشرك و فيمن سن الشرك لعمت الشفاعة كل من أقر بالوجود و إن لم يوحد فإن المشرك له ضرب من التوحيد أعني توحيد المرتبة الإلهية العظمى فإن المشرك جعل الشريك شفيعا عند اللّٰه يقولون هٰؤُلاٰءِ شُفَعٰاؤُنٰا عِنْدَ اللّٰهِ كما قالوا مٰا نَعْبُدُهُمْ إِلاّٰ لِيُقَرِّبُونٰا إِلَى اللّٰهِ زُلْفىٰ فوحد هذا المشرك اللّٰه في عظمته ليست للشريك عنده هذه الرتبة إذ لو كانت له ما اتخذه شفيعا و الشفيع لا يكون حاكما

[عذاب المشرك يوم القيامة]

فلهم رائحة من التوحيد و بهذه الرائحة من التوحيد و إن لم يخرجوا من النار لا يبعد أن يجعل اللّٰه لهم فيها نوعا من النعيم في الأسباب المقرونة بها الآلام و أدنى ما يكون من تنعيمهم أن يجعل المقرور في الحرور و نقيضه الذي هو المحرور في الزمهرير حتى يجد كل واحد منهما بعض لذة كما كانت لهم هنا بعض رائحة من التوحيد فيخلقهم اللّٰه على مزاج يقبلون به نعيم هذه الأسباب المعتادة بوجود الألم عندها في المزاج الذي لا يلائمه ذلك و ما ذلك على اللّٰه بعزيز فإنه الفعال لما يريد و ما ورد نص يحول بيننا و بين ما ذكرناه من الحكم فبقي الإمكان على أصله في هذه المسألة و في الشريعة ما يعضده من قوله وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ و

قوله رحمتي سبقت غضبي

(وصل في فصل من قتله الإمام حدا)

فمن الناس من لم ير أن يصلي عليه الإمام و منهم من رأى أنه يصلي عليه الإمام و به أقول

(اعتبار هذا الفصل)

الغاسل غير ممنوع من الصلاة على من غسله و الإمام هنا غاسل فإن القتل هنا للمقتول طهور معنوي مكفر و قد ورد في ذلك الخبر فللإمام أن يصلي عليه لتحقق طهوره

[لو مات من عليه الحد صلى عليه الإمام]

و العجب من صاحب هذا المذهب الذي يمنع من صلاة الإمام عليه و هو عنده لو مات من عليه هذا الحد صلى عليه الإمام مع تحققه بأنه مشغول الذمة بهذا الحد الواجب عليه و أنه غير طاهر النفس فإن أمره إلى اللّٰه إن شاء آخذه به و إن شاء عفا عنه و بهذا وردت الأخبار

[إقامة الحد في الدنيا تكفير عن المحدود في الآخرة]

فالأولى أن يصلي عليه الإمام إذا قتله حدا كالغاسل سواء فإنه لا معنى لإقامة الحدود على المؤمنين في الدنيا إلا إزالتها عنهم في الآخرة بخلاف من قتل سياسة أو كفرا لا حدا

(وصل في فصل من قتل نفسه هل يصلى عليه أم لا يصلى عليه)

فقيل يصلى عليه و من قائل لا يصلى عليه و بالأول أقول

(وصل اعتبار هذا الفصل)

لما أذن اللّٰه عز و جل في الشفاعة بالصلاة على الميت علمنا أنه عز و جل قد ارتضى ذلك و أن السؤال فيه مقبول و أخبر أن الذي يقتل نفسه في النار خالدا مخلد فيها أبدا و أن الجنة عليه حرام و ما ورد نهي عن الصلاة على من قتل نفسه فيحمل ذلك على من قتل نفسه و لم يصل عليه فيجب على المؤمنين الصلاة على من قتل نفسه لهذا الاحتمال فيقبل اللّٰه شفاعة المصلي عليه فيه و لا سيما و الأخبار الصحاح و الأصول تقضي بخروجه من النار و يخرج الخبر الوارد بتأبيد الخلود مخرج الزجر

[الموت سبب في لقاء اللّٰه]

و الحكمة المشار إليها في هذه المسألة في قول اللّٰه تعالى بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة ففيه إشارة حقيقة فالاشارة يُسٰارِعُونَ و سٰابِقُوا و

من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا و الموت سبب لقاء اللّٰه فكان الإنسان في حياته يسافر و يقطع المنازل بأنفاسه إلى لقاء ربه و قد جعل له حدا مخصوصا فاستعجل اللقاء فبادر إليه قبل وصوله إلى ذلك الحد و هو السبب الذي لا تعمل له في لقائه فإن كان عن شوق للقاء الحق فإنه يلقاه برفع الحجب ابتداء فإنه

قال حرمت عليه الجنة و الجنة الستر أي منعت عنه أن يستر عني فإنه بادرني بنفسه و لم يقل ذلك على التفصيل فحمله على وجه الخبر للمؤمن لما يعضده من الأصول أولى

[الإيمان قوى السلطان في المؤمن]

و أما قوله عليه السلام فيمن قتل نفسه بحديدة و بسم و بالتردي من الجبل فلم يقل في الحديث من المؤمنين و لا من غيرهم فتطرق الاحتمال و إذا دخل الاحتمال رجعنا إلى الأصول فرأينا إن الايمان قوى السلطان لا يتمكن معه الخلود على التأبيد إلى غير نهاية في النار فنعلم قطعا إن الشارع أخبر بذلك عن المشركين في تعيين ما يعذبون به أبدا

فقال من قتل نفسه بحديدة منهم فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا أي هذا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 534
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست