responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 531

الصلاة سواء و هي بشرى من اللّٰه في حق الميت كأنه يقول لهم ما ثم إلا السلامة له و لكم و إن اللّٰه قد قبل الشفاعة بما قررناه من الأذن فيها

[الميت سعيد بالصلاة عليه]

و كل من قال إن الميت إذا كان من أهل الصلاة عليه و صلى عليه لا تقبل الشفاعة فما عنده خبر جملة واحدة لا و اللّٰه بل ذلك الميت سعيد بلا شك و لو كانت ذنوبه عدد الرمل و الحصى و التراب أما المختصة بالله من ذلك فمغفورة و أما ما يختص بمظالم العباد فإن اللّٰه يصلح بين عباده يوم القيامة فعلى كل حال لا بد من الخير و لو بعد حين و لهذا ينبغي للمصلي على الميت إذا شفع في صلاته عند اللّٰه أن لا يختص جناية بعينها و ليعم في ذكره كل ما ينطلق عليه به أنه مسيء إساءة تحول بينه و بين سعادته و ليسأل اللّٰه التجاوز عن سيئاته مطلقا و أن يعترف عن الميت بجميع السيئات و إن لم يحضر المصلي التعميم في ذلك فإن اللّٰه إن شاء عمه بالتجاوز و إن شاء عامل الميت بحسب ما وقعت فيه الشفاعة من الشافع و لهذا ينبغي للمصلي على الميت أن يسأل اللّٰه له في التخليص من العذاب لا في دخول الجنة لأنه ما ثم دار ثالثة إنما هي جنة أو نار و ذلك أنه إن سأل في دخول الجنة لا غير فإن اللّٰه يقبل سؤاله فيه و لكن قد يرى في الطريق أهوالا عظاما فلهذا ينبغي أن تكون شفاعة المصلي في إن ينجي اللّٰه من صلى عليه مما يحول بينه و بين العافية و استصحابها له فإن ذلك أنفع في حق الميت و إذا فعل هكذا صح التعريف بالسلام من الصلاة أي قد لقي السلامة من كل ما يكرهه

(وصل في فصل تعين الموضع الذي يقوم الإمام فيه المصلي من الجنازة)

[اختلاف في مقام الإمام من الجنازة]

و اختلفوا أين يقوم الإمام من الجنازة فقالت طائفة يقوم في وسطها ذكرا كان أو أنثى و قال قوم يقوم من الذكر عند رأسه و من الأنثى عند وسطها و منهم من قال يقوم منهما عند صدرهما و قال قوم يقوم منهما حيث شاء و لا حد في ذلك و به أقول

(وصل الاعتبار في ذلك)

للخيال و الوهم سلطان و مقصود المصلي إنما هو سؤال اللّٰه تعالى و الحديث معه في حق هذا الميت و إحضار الميت بين يديه فلا يبالي أين يقوم منه فإن التردد في ذلك يفصم الخاطر عن المقصود و لا سيما إن كانت الجنازة أنثى فيتوهم الإمام إذا وقف عند وسطها أن يسترها عمن خلفه فلم يسترها عن نفسه و يقدح ذلك التوهم في حضوره في حقها مع اللّٰه

[القلب الذي يستقبل الحق]

فإن الحق إنما يستقبله على الحقيقة من الإنسان قلبه فإذا كان قلب المصلي بهذه المثابة من التفرقة و استحضار ما لا ينبغي بالتوهم فقد أساء الأدب في الشفاعة و من هذه حاله فليس بشفيع و كان هذا المصلي أولى باسم الميت من الميت لسوء أدبه مع اللّٰه و مع الموت و مع الميت فلا يحضر المصلي أين يقوم من الجنازة و ليستفرغ همته في اللّٰه الذي دعاه إلى الشفاعة فيها عنده و كم من مصل على جنازة و الجنازة تشفع فيه جعلنا اللّٰه من الشافعين هنا و هناك

[الإنسان مكلف من رأسه إلى رجليه]

الإنسان مكلف من رأسه إلى رجليه و ما بينهما فإنه مأمور بأن لا ينظر إلى ما لا يحل له النظر إليه شرعا و بجميع ما يختص برأسه من التكليف و مأمور بأن لا يسعى بأقدامه إلى ما لا يحل له السعي إليه و فيه و منه و ما بينهما مما كلفه اللّٰه أن يحفظه في تصرفه من يد و بطن و فرج و قلب فلو تمكن للمصلي أن يعم الميت بذاته كلها لفعل فليقم منها حيث ألهمه اللّٰه و القيام عند قلبه و صدره أولى فإنه كان المستخدم لجميع الأعضاء بالخير و الشر فذلك المحل هو أولى أن يقوم المصلي الشافع عنده بلا شك و يجعله بينه و بين اللّٰه و يعينه فإنه إذا غفر له غفر لسائر جسده فإن جميع الأعضاء تبع للقلب في كل شيء دنيا و آخرة

[القلب كبضعة و القلب كلطيفة]

و

يقول رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فيه إن في الجسد بضعة إذا صلحت صلح سائر الجسد و إذا فسدت فسد سائر الجسد ألا و هي القلب كذلك إذا قبلت الشفاعة فيها قبلت في سائر الجوارح أراد الشرع بالقلب هنا المضغة التي يحوي عليها الصدر و لا يريد بالقلب لطيفته و عقله و في هذا التنبيه هنا سر لمن فهم و علم لا يحصل إلا بالكشف يقول تعالى إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَذِكْرىٰ لِمَنْ كٰانَ لَهُ قَلْبٌ و قال وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبٰابِ كما قال أيضا وَ لٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ و في باب الإشارة عن الحق فيريد بالصلاح و الفساد إذا أراد المضغة ما يطرأ في البدن من المرض و الصحة و الموت فإن القلب الذي هو هذه المضغة هو محل الروح الحيواني و منه ينتشر الروح الحيواني في جميع ما يحس من الجسد و ما ينمي و هو البخار الخارج من تجويف القلب الذي يعطيه الدم الذي أعطاه الكبد فإذا كان الدم صالحا كان البخار مثله فصلح الجسد و بالعكس فهو تنبيه من الشارع لنا بما هو الأمر عليه

[الجسم الطبيعي العنصري و اللطيفة الإنسانية]

فإن العلم بما هو الأمر عليه في هذا الجسم الطبيعي العنصري الذي هو آلة للطبقة الإنسان المكلفة في إظهار ما كلفه الشارع إظهاره

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 531
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست