responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 529

[الدعاء للميت و الشفاعة عند اللّٰه فيه]

ثم أذنت لنا في الدعاء للميت و الشفاعة عندك فيه فلم يبق إلا الإجابة فهي متحققة عند المؤمن و لهذا جعلنا التكبيرة الاخيرة شكرا و السلام سلام انصراف و تعريف بما يلقي الميت من السلام و السلامة عند اللّٰه و منا من الرحمة و الكف عند ذكر مساوية

(وصل في فصل القراءة في صلاة الجنازة)

[الخلاف في صورة القراءة على الجنازة]

فمن قائل ما في صلاة الجنازة قراءة إنما هو الدعاء و قال بعضهم إنما يحمد اللّٰه و يثني عليه بعد التكبيرة الأولى ثم يكبر الثانية فيصلي على النبي صلى اللّٰه عليه و سلم ثم يكبر الثالثة فيشفع للميت ثم يكبر الرابعة و يسلم و قال آخر يقرأ بعد التكبيرة الأولى بفاتحة الكتاب ثم يفعل في سائر التكبيرات مثل ما تقدم آنفا و به أقول و ذلك أنه إذ و لا بد من التحميد و الثناء فبكلام اللّٰه أولى و قد انطلق عليها اسم صلاة فالعدول عن الفاتحة ليس بحسن و به قال الشافعي و أحمد و داود

(وصل الاعتبار في هذا الفصل)

قال أبو يزيد البسطامي اطلعت على الخلق فرأيتهم موتى فكبرت عليهم أربع تكبيرات قال بعض شيوخنا رأى أبو يزيد عالم نفسه هذه الصفة تكون لمن لا معرفة له بربه و لا يتعرف إليه و تكون لأكمل الناس معرفة بالله فالعارف المكمل يرى نفسه ميتا بين يدي ربه عز و جل إذ كان الحق سمعه و بصره و يده و لسانه يصلي عليه قال تعالى هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ فإذا كان الحق هو المصلي فيكون كلامه القرآن

[قراءة القرآن بعد التكبيرة الأولى]

و العارفون لا بد لهم من قراءة فاتحة الكتاب يقرأها الحق على لسانهم و يصلي عليهم فيثني على نفسه بكلامه ثم يكبر نفسه عن هذا الاتصال في ثنائه على نفسه بلسان عبده في صلاته على جنازة عبده بين يدي ربه عز و جل و يكون الرحمن في قبلته و هو المسئول و يكون المصلي هو الحي القيوم

[الصلاة على النبي بعد التكبيرة الثانية]

ثم يصلي بعد التكبيرة الثانية على نبيه المبلغ عنه قال تعالى إِنَّ اللّٰهَ وَ مَلاٰئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ فلو لم يكن من شرف الملائكة على سائر المخلوقات إلا جمع الضمير في يصلون بينهم و بين اللّٰه لكفاهم و ما احتيج بعد ذلك إلى دليل آخر و نصب الملائكة بالعطف حتى يتحقق أن الضمير جامع للمذكورين قبل ثم يكبر نفسه على لسان هذا المصلي من العارفين عن التوهم الذي يعطيه هذا التنزل الإلهي في تفاضل النسب بين اللّٰه و بين عباده من حيث ما يجتمعون فيه و من حيث ما يتميزون به في مراتب التفضيل فربما يؤدي ذلك التوهم أن الحقائق الإلهية يفضل بعضها على بعض بتفاضل العباد إذ كل عبد في كل حالة مرتبط بحقيقة إلهية و الحقائق الإلهية نسب تتعالى عن التفاضل فلهذا كبر الثالثة

[الدعاء للميت بعد التكبيرة الثالثة]

ثم شرع بعد القراءة و الصلاة على النبي صلى اللّٰه عليه و سلم في الدعاء للميت من قوله وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبٰالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتىٰ لكان هذا القرآن الذي أنزل عليك يا محمد و إذا كان الأمر على هذا الحد و الميت في حكم الجمادات في الظاهر لذهاب الروح الحساس فكان حكمه حكم الجماد و قال تعالى لَوْ أَنْزَلْنٰا هٰذَا الْقُرْآنَ عَلىٰ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خٰاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللّٰهِ فوصفه بالخشية و عين وصفه بالخشية عين وصفه بالعلم بما أنزل عليه قال تعالى إِنَّمٰا يَخْشَى اللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ الْعُلَمٰاءُ فالمعنى الذي أوجب له عدم الخشية إنما هو ارتباط الروح بالجسد فحدث من المجموع ترك الخشية لتعشق كل واحد منهما بصاحبه فلما فرق بينهما رجع كل واحد منهما إلى ربه بذاته فعلم ما كان قبل قد جهله بتركيبه فصحبته الخشية لعلمه فأول ما يدعى به للميت في الصلاة عليه و يثني على اللّٰه به في الصلاة عليه القرآن فإن الميت في مقام الخشية من جهة روحه و من جهة جسمه فإذا عرف العارف فلا يتكلم و لا ينطق إلا بالقرآن فإن الإنسان ينبغي له أن يكون في جميع أحواله كالمصلي على الجنازة فلا يزال يشهد ذاته جنازة بين يدي ربه و هو يصلي على الدوام في جميع الحالات على نفسه بكلام ربه دائبا فالمصلي داع أبدا و المصلى عليه ميت أو نائم أبدا فمن نام بنفسه فهو ميت و من مات بربه فهو نائم نومة العروس و الحق ينوب عنه و لنا في هذا المعنى

يا نائما كم ذا الرقاد و أنت تدعى فانتبه
لكن قلبك نائم عما دعاك و منتبه
كان الإله يقوم عنك بما دعا لو نمت به
في عالم الكون الذي يرديك مهما مت به
فانظر لنفسك قبل سيرك إن زادك مشتبه
اللهم أبدله دارا خيرا من داره يعني النشأة الأخرى فيقول اللّٰه قد فعلت فإن نشأة الدنيا هي داره و هي دار منتنة كثيرة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 529
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست