responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 528

شرفها بسر لا يعلمه إلا أهل اللّٰه فإنه من الأسرار المخصوصة بهم فكما إن الحد يجمعهم كذلك المقام يجمعهم لذاتهم إن شاء اللّٰه تعالى قال تعالى في الذين شقوا إِنَّ رَبَّكَ فَعّٰالٌ لِمٰا يُرِيدُ و لم يقل عذابا غير مجذوذ كما قال في السعداء : فإنه قال يٰا أَيُّهَا الْإِنْسٰانُ و لم يخص شخصا من شخص بل الظاهر أنه يريد من خالف أمره و عصاه مطلقا لا من أطاعه مٰا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ فنبه الغافل عن صفة الحق التي هي كرمه فإنه من كرمه أوجده و لهذا قال له اَلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوّٰاكَ فَعَدَلَكَ يقول له بكرمه أوجدك ليقول له العبد يا رب كرمك غرني فقد يقولها لبعض الناس هنا في خاطره و في تدبره عند التلاوة فيكون سبب توبته و قد يقولها في حشره و قد يقولها له و هو في جهنم فتكون سببا في نعيمه حيث كان فإنه ما يقولها له إلا في الوقت الذي قد شاء أن يعامله بصفة الكرم و الجود فإن رحمته سبقت غضبه و رحمة اللّٰه وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ منة و استحقاقا و بالأصل فكل ذلك منة منه سبحانه فإنه الذي كَتَبَ عَلىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ للمتقي و المتقي بمنته سبحانه اتقاه و جعله محلا للعمل الصالح

(وصل في فصل صفة الصلاة على الجنازة)

[الاختلاف في عدد التكبير على الجنازة]

فمنها عدد التكبير و اختلف الصدر الأول في ذلك من ثلاث إلى سبع و ما بينهما لاختلاف الآثار

ورد حديث أن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم كان يكبر على الجنازة أربعا و خمسا و ستا و سبعا و ثمانية و قد ورد أنه كبر ثلاثا و لما مات النجاشي و صلى عليه صلى اللّٰه عليه و سلم كبر عليه أربعا و ثبت على أربع إلى أن توفاه اللّٰه تعالى

(وصل الاعتبار في
هذا الفصل)

أكثر عدد الفرائض أربع و لا ركوع في صلاة الجنائز بل هي قيام كلها و كل وقوف فيها للقراءة له تكبير فكبر أربعا على أتم عدد ركعات الصلاة المفروضة فالتكبيرة الأولى للإحرام يحرم فيها أن لا يسأل في المغفرة لهذا الميت إلا اللّٰه تعالى و التكبيرة الثانية يكبر اللّٰه تعالى من كونه حيا لا يموت إذا كانت كُلُّ نَفْسٍ ذٰائِقَةُ الْمَوْتِ و كُلُّ شَيْءٍ هٰالِكٌ إِلاّٰ وَجْهَهُ و التكبيرة الثالثة لكرمه و رحمته في قبول الشفاعة في حق من يشفع فيه أو يسأل فيه مثل الصلاة على النبي صلى اللّٰه عليه و سلم لما مات و قد كان عرفنا أنه من سأل اللّٰه له الوسيلة حلت له الشفاعة فإن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم لا يشفع فيه من صلى عليه و إنما يسأل له الوسيلة من اللّٰه لتحضيضه أمته على ذلك و التكبيرة الرابعة تكبيرة شكر لحسن ظن المصلي بربه في أنه قبل من المصلي سؤاله فيمن صلى عليه فإنه سبحانه ما شرع الصلاة على الميت إلا و قد تحققنا أنه يقبل سؤال المصلي في المصلي عليه فإنه إذن من اللّٰه تعالى في السؤال فيه فهو لا يأذن و في نفسه أنه لا يقبل سؤال السائل قال تعالى في الشفاعة يوم القيامة وَ لاٰ يَشْفَعُونَ إِلاّٰ لِمَنِ ارْتَضىٰ و قال مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّٰ بِإِذْنِهِ و قال وَ لاٰ تَنْفَعُ الشَّفٰاعَةُ عِنْدَهُ إِلاّٰ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ و قد أذن لنا أن نشفع في هذا الميت بالصلاة عليه فقد تحققنا الإجابة بلا شك ثم يسلم بعد تكبيرة الشكر سلام انصراف عن الميت أي لقيت من ربك السلام و لهذا

شرع النبي صلى اللّٰه عليه و سلم أن يكفوا عن ذكر مساوي الموتى فإن المصلي قد قال في آخر صلاته عليه السلام عليكم فأخبر عن نفسه أن الميت قد سلم منه فإن ذكره بمساءة بعد هذا فقد كذب نفسه في قوله السلام عليكم فإنه ما سلم منه من ذكره بسوء بعد موته فإن ذلك يكرهه الميت و يكرهه اللّٰه للحي فإن الحي يذكره به و لا ينتهي عن فعل مثله فيؤديه ذلك إلى أن يكون قليل الحياء من ربه

(وصل في فصل رفع الأيدي عند التكبير في الصلاة على الجنائز و التكييف)

[رفع الأيدى يؤذن بالافتقار]

و أما رفع الأيدي عند كل تكبيرة و التكتيف فإنه مختلف فيهما و لا شك أن رفع اليدين يؤذن بالافتقار في كل حال من أحوال التكبير يقول ما بأيدينا شيء هذه قد رفعناها إليك في كل حال ليس فيها شيء و لا تملك شيئا

[التكتيف شافع و الشافع سائل]

و أما التكتيف فإنه شافع و الشافع سائل و السؤال حال ذلة و افتقار فيما يسأل فيه سواء كان ذلك السؤال في حق نفسه أو في حق غيره فإن السائل في حق الغير هو نائب في سؤاله عن ذلك الغير فلا بد أن يقف موقف الذلة و الحاجة لما هو مفتقر إليه فيه و التكتيف صفة الأذلاء و صفته وضع اليد على الأخرى بالقبض على ظهر الكف و الرسغ و الساعد فيشبه أخذ العهد في الجمع بين اليدين يد المعاهد و المعاهد أي أخذت علينا العهد في أن ندعوك و أخذنا عليك العهد بكرمك في أن تجيبنا فقلت وَ إِذٰا سَأَلَكَ عِبٰادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّٰاعِ إِذٰا دَعٰانِ و لم يقل دعاني في حق نفسه و لا في حق غيره

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 528
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست