responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 527

البعث

[المصلي يناجي ربه]

و المصلي يناجي ربه فإذا وقف المصلي في المناجاة و ليس بينه و بين الأرض حائل و كانت الأرض مشهودة لبصره ذكرته بنشأته و بما خلق منه و بإهانته و ذلته فإن الأرض قد جعلها اللّٰه ذلولا مبالغة في الذلة بهذه البنية قال الشاعر

ضروب بنصل السيف سوق سمانها إذا عدموا زادا فإنك عاقر
فجاء ببنية فعول للمبالغة في الكرم و لا أذل ممن يطئوه الأذلاء و نحن نطأها و جميع الخلائق و نحن عبيد أي أذلاء فربما شغل المصلي النظر في نفسه و ما خلق منه عن مناجاة ربه بما يقرأ من كلامه فيغيب عما يقول للحق و ما يقول له الحق و هو سوء أدب من التالي فكان الحائل أولى لما نهي المصلي أن يستقبل رجلا مثله في قبلته أو يصمد إلى سترته صمدا و ليجعلها على حاجبه الأيمن أو الأيسر هذا كله حتى لا يقوم له مقام الوثن غيرة إلهية فإنهم كانوا يصورونه على صورة الإنسان فأمر يستره الميت لأن الميت بين يدي المصلي و المصلي يناجي الحق في قبلته شفيعا في هذا الميت و سيأتي اعتباره في الصلاة على الميت إن شاء اللّٰه تعالى

(وصل في فضل المشي مع الجنازة)

[المشي مع الجنازة كالسعي إلى الصلاة]

المشي مع الجنازة كالسعي إلى الصلاة فقال بعضهم من السنة المشي أمامها و قال آخرون المشي خلفها أفضل و الذي أذهب إليه أن يمشي راجلا خلفها قبل الصلاة عليها فيجعلها أمامه كما يجعلها في الصلاة و بعد الصلاة يمشي أمامها خدمة لها بين يديها إلى منزلها و هو القبر ظنا بالله جميلا إن اللّٰه قبل الشفاعة فيها عند الصلاة عليها و أن القبر لها روضة من رياض الجنة فإن اللّٰه قد ندب إلى حسن ظن عبده به

فقال أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا و

روى أن اللّٰه سئل من أحب إليك عيسى أم يحيى عليهما السلام فقال اللّٰه تعالى للسائل أحسنهما ظنا بي يعني عيسى فإن الخوف كان الغالب على يحيى

[الملائكة تمشي مع الجنازة ما لم يصحبها صراخ]

و الأولى أن لا يركب أدبا مع الملائكة لا غير فإن الملائكة تمشي مع الجنازة ما لم يصحبها صراخ فإن صحبها صراخ تركتها الملائكة فعند ذلك أنت مخير بين الركوب و المشي فإن الميت على نعشه كالشخص في المحفة محمول قال صاحبنا أبو المتوكل و قد رأينا نعشا يحمل و عليه الميت فأشار إليه و قال

ما زال يحملنا و تحمله الورى عجبا له من حامل محمولا

وصل الاعتبار فيه المشي أمام الجنازة

لأن الماشي شفيع لها عند اللّٰه فيتقدم ليخلو بالله في شأنها فإن الشفيع لا يدري هل تقبل شفاعته فيها أم لا حتى إذا وصلت إلى قبرها وصلت مغفورا لها بكرم اللّٰه في قبول سؤال الشافع و إن كانت من المغفورين لها قبل ذلك كان الماشي أمامها من المعرفين بقدومها لمن تقدم عليه في منزلها الذي هو قبرها فهو كالحاجب بين يديها تعظيما لها يشهد ذلك كله أهل الكشف

[اعتبار الماشي خلف الجنازة]

و أما الماشي خلفها فإنه يراعي تقديمها بين يديه كما يجعلها بين يديه في الصلاة عليها ليعتبر بالنظر إليها فيها فإن الموت فزع و إن الملك معها و

إن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم قام عند ما رأى جنازة يهودي فقيل له إنها جنازة يهودي فقال أ ليس معها الملك و قال مرة أخرى إن الموت فزع و قال مرة أخرى أ ليست نفسا و لكل قول وجه أرجى الأقوال أ ليست نفسا لمن عقل فكان قيامه مع الملك

[الملائكة أفضل من البشر على الإطلاق]

و في هذا الحديث قيام المفضول للفاضل عندنا و عند من يرى أن الملائكة أفضل من البشر على الإطلاق و هكذا قال لي رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في مبشرة أريتها

[شرف النفس الناطقة]

و أما قوله صلى اللّٰه عليه و سلم في هذا أ ليست نفسا في حق يهودي فإنه أرجى ما يتمسك به أهل اللّٰه إذا لم يكونوا من أهل الكشف و كانت بصائرهم منورة بالإيمان في شرف النفس الناطقة و إن صاحبها إن شقي بدخول النار فهو كمن يشقى هنا بأمراض النفس من هلاك ما له و خراب منزله و فقد ما يعز عليه ألما روحانيا لا ألما حسيا فإن ذلك حظ الروح الحيواني و هذا كله غير مؤثر في شرفها فإنها منفوخة من الروح المضاف إلى اللّٰه بطريق التشريف فالأصل شريف و لما كانت من العالم الأشرف قام لها رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بكونها نفسا فقيامه لعينها و هذا إعلام بتساوي النفوس في أصلها

[شمول الرحمة الإلهية]

و روى القشيري في رسالته عن بعض الصالحين أنه قال من رأى نفسه خيرا من نفس فرعون فما عرف فذمه و أخبر أنه ليس له أن يرى ذلك و هذه مسألة من أعظم المسائل تؤذن بشمول الرحمة و عمومها لكل نفس و إن عمرت النفوس الدارين و لا بد من عمارة الدارين كما ورد و إن اللّٰه سيعامل النفوس بما يقتضيه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 527
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست