responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 521

(فصل في الأموات الذين يجب غسلهم)

فأما الأموات الذين يجب غسلهم فاتفقوا على غسل الميت و المقتول الذي لم يقتل في معترك حرب الكفار و اختلفوا في الشهيد المقتول في حرب الكفار و في غسل المشرك و في غسل من ينطلق عليه اسم شهيد و فيمن قتله مشرك في غير المعترك فمن قائل يغسل كل هؤلاء و من قائل لا يغسلون

[الغسل عبادة و نظافة]

فمن راعى أن الغسل عبادة يعود ما فيها من الثواب على المغسول قال لا يغسل المشرك و من رأى أن غسل الميت تنظيف قال يغسل المشرك

و أمر النبي صلى اللّٰه عليه و سلم بغسل عمه أبي طالب و هو مشرك و

أمر النبي صلى اللّٰه عليه و سلم بقتلى أحد أن يدفنوا في ثيابهم و لا يغسلون

[الشهيد لا يغسل لمطلق الشهادة]

فمن رأى أن الشهيد لا يغسل لمطلق الشهادة قال لا يغسل من نص النبي صلى اللّٰه عليه و سلم أنه شهيد و من رأى و فهم من النبي صلى اللّٰه عليه و سلم بقرينة حال إن الشهيد الذي لا يغسل هو المقتول في المعترك في حرب الكفار قال يغسل ما عداه

(وصل
اعتبار هذا الفصل)

[الشهيد حى يرزق]

المقتول في سبيل اللّٰه في معترك حرب الكفار حي يرزق و إنما أمرنا بغسل الميت و هذا الشهيد الخاص لا يقال فيه إنه ميت و لا يحسب أنه ميت بل هو حي بالخبر الإلهي الصدق الذي لاٰ يَأْتِيهِ الْبٰاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لاٰ مِنْ خَلْفِهِ

[أخذ البصر عن إدراك حياة الشهيد]

و لكن اللّٰه أخذ بأبصارنا عن إدراك الحياة القائمة به كما أخذ بأبصارنا عن إدراك أشياء كثيرة كما أخذ أيضا بأسماعنا عن إدراك تسبيح النبات و الحيوان و الجماد و كل شيء قال اللّٰه تعالى وَ لاٰ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّٰهِ أَمْوٰاتاً بَلْ أَحْيٰاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ و قال تعالى وَ لاٰ تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ أَمْوٰاتٌ بَلْ أَحْيٰاءٌ وَ لٰكِنْ لاٰ تَشْعُرُونَ بحياتهم كما يحيي الميت عند السؤال و نحن نراه من حيث لا تشعر و نعلم قطعا أنه يسأل و لا يسأل إلا من يعقل و لا يعقل إلا من هو موصوف بالحياة فنهينا أن نقول فيهم أموات و أخبرنا أنهم أحياء و لكن لا نشعر و ما ورد مثل هذا في من لم يقتل في سبيل اللّٰه فهو ميت و إن كان شهيدا أو هو حي مثله و ما أخبرنا بذلك الشهيد هو الحاضر عند اللّٰه و لهذا قال عِنْدَ رَبِّهِمْ

[الميت يغسل و يطهر ليحضر عند ربه]

و إنما يغسل الميت و يطهر ليحضر عند ربه طاهرا فيلقاه في البرزخ بعد الموت على طهارة مشروعة و هذا الشهيد حاضر عند ربه بمجرد الشهادة التي هي القتل في سبيل اللّٰه فإنه لا يغسل و هو عند ربه

(وصل في اعتبار غسل المشرك)

و هو القاتل بالأسباب بالركون إليها و الاعتماد عليها و الاعتقاد بأن اللّٰه يفعل الأشياء بها لا عندها و ذلك لعدم علمه لضعف نفسه و اضطراب إيمانه كما يضطرب في صدق وعده تبارك و تعالى في الرزق مع قسمه سبحانه عليه لعباده فقال فَوَ رَبِّ السَّمٰاءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مٰا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ فهذا ضرب من الشرك الصريح لا الخفي لغلبة الطبع عليه في مألوف العادة قال بعضهم موبخا لمن اضطرب إيمانه

و ترضى بصراف و إن كان مشركا ضيمنا و لا ترضى بربك ضامنا

[طهارة القلب الميت باليقين]

فيجب على العلماء بالله طهارة قلب هذا الميت و غسله باليقين و الطمأنينة حتى يتنظف قلبه فيجب غسل المشرك و من رأى أن مثل هذا الشرك لا يقدح في الايمان بالرزق و يقول إنما اضطرب بالطبع لكون الحق ما عين الوقت و لا المقدار منه

[إن اللّٰه بحكمته ربط المسببات بالأسباب]

فاعلم إن اللّٰه بحكمته قد ربط المسببات بالأسباب و أن ذلك الاضطراب ما هو عن تهمة من المؤمن في حق اللّٰه و أنه ربما لا يرزقه و إنما ذلك الاضطراب اضطراب البشرية و الإحساس بألم الفقد و عدم الصبر فإن اللّٰه قد أعلمه أنه يرزقه و لا بد سواء كان كافرا أو مؤمنا لكونه حيوانا فقال تعالى وَ مٰا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاّٰ عَلَى اللّٰهِ رِزْقُهٰا و لكن ما قال له متى و لا من أين فما عين الزمان و لا السبب بل أعلمه أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها

[الموت فزع للمؤمن و العارف و الكافر]

فما يدري عند فقد السبب المعتاد لحصول الرزق عند وجوده هل فرغ و جاء أجله أم لا فيكون فزعه و اضطرابه من الموت فإن الموت فزع إما للمؤمن فلما قدم من إساءة و إما للعارف فللحياء من اللّٰه عند القدوم عليه و الكافر لفقد المألوفات فالصورة في الخوف واحدة و الأسباب مختلفة

و من لم يمت بالسيف مات بغيره تنوعت الأسباب و الداء واحد

[التعوذ من الجوع و الوقاية من المرض]

و إن كان لم يفرغ رزقه في علم اللّٰه فيكون اضطرابه لجهله بوقت حصول الرزق كما قدمنا بانقطاع السبب فيخاف من طول المدة و ألم الجوع المتوقع و الحاجة الداعية له إلى الوقوف فيه لمن لا يسهل عليه الوقوف بين يديه في ذلك لعزة نفسه عنده و

قد كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يتعوذ من الجوع و يقول إنه بئس الضجيع فإنه بلاء من اللّٰه يحتاج من قام به

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 521
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست