responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 510

دعوا إلى السجود هنالك سجد أصحاب الأعراف امتثالا لأمر اللّٰه فرجحت كفة حسناتهم بهذه السجدة و ثقلت فسعدوا لأنها سجدة تكليف مشروعة في ذلك الموطن عن أمر إلهي فيدخلون الجنة

(وصل السجدة الثانية)

و هي سجود الظلال بالغدو و الآصال مع سجود عام و هذه سجدة سورة الرعد و هي عند قوله تعالى وَ لِلّٰهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ ظِلاٰلُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصٰالِ و ظلال الأرواح أجسادها فأخبر اللّٰه تعالى أنه يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمٰاوٰاتِ و هم الأعلون وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ و هم الأسفلون عالم الأجساد الذين قاموا بالنشأة العنصرية طوعا للأرواح من حيث علمهم و مقامهم و للأجسام من حيث ذواتهم و أعيانهم و كرها في الأرواح من حيث ذواتهم و في الأجسام من حيث رياستهم و تقدمهم على أبناء جنسهم

[الإنسان الكامل بشر ملكى و ملك بشرى]

و هذا سجود إخبار فتعين على العبد أن يصدق اللّٰه في خبره عمن ذكر فإنه من أهل الأرض بجسده و من أهل السموات بعقله فهو الملك البشري و البشر الملكي فيسجد طائعا لربه و كرها من تقييده بجهة خاصة لا يقتضيها علمه و إن كان ساجدا في نفس الأمر سجودا ذاتيا و إن لم يشعر بذلك فيوقعها عبادة فإن ذلك أنجى له

[امتداد الظلال في الغدو و الآصال]

و ذكر الغدو و الآصال لامتداد الظلال في هذه الأوقات فجعل امتدادها سجودا فهي في الغدو تتقلص رجوعا إلى أصلها الذي منه انبعثت و خوفا على نفسها من الاحتراق فكأنها نقتصر على ذاتها و في الآصال تمتد و تطول بالزيادات من إظهار نعم اللّٰه التي أسبغها عليها و الغدو و الآصال من الأوقات المنهي عن الصلاة فيها فأخرج حكم السجود في هذه الأوقات عن حكم النافلة و جعل حكمه حكم الفرائض أو المقضي من النوافل فتعين على التالي في هذه الآية السجود فيجازي من باب من صدق ربه تعالى في خبره

[سجدة الاقتداء بالمهدى و سجدة التصديق بالتحقيق]

فسجدة الأعراف سجدة اقتداء بهدى الملائكة و هذه سجدة تصديق بتحقيق

(وصل السجدة الثالثة)

سجود العالم الأعلى و الأدنى في مقام الذلة و الخوف سجود هذه السجدة عند قوله وَ يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ فذكر الملائكة و الظلال و سجدوا في الأعراف سجود اختيار لما يقتضيه جلال اللّٰه و هنا أثنى اللّٰه عز و جل عليهم بأنهم يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ فسجدوا شكرا لله لما أثنى اللّٰه عز و جل عليهم بأنهم يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ فسجدوا شكرا لله لما أثنى اللّٰه عز و جل عليهم بما وفقهم إليه من امتثال أوامره

[السجود لله رغبة]

فسجدها العبد رغبة في أن يكون ممن أثنى اللّٰه عليه بما أثنى على ملائكته فهي للعبد سجود ذلة و خضوع فإنه يقول يتفيؤا ظلاله الضمير في ظلاله يعود على الشيء المخلوق و قد قلنا إن الأجساد ظلال الأرواح فلا تتحرك إلا بتحريك الأرواح إياها تحريكا ذاتيا

[السجود لله ذلة و خضوعا]

ثم قال عَنِ الْيَمِينِ وَ الشَّمٰائِلِ سُجَّداً لِلّٰهِ وَ هُمْ دٰاخِرُونَ أي أذلاء فهو سجود ذلة و خضوع فمن سجد هذه السجدة و لم يشاهد سجود ظله في اليمين إذا وقع له التجلي في الشمائل و لا شاهد سجود ظله في الشمائل إذا وقع له التجلي في اليمين و لم يحصل له التأثير في عالم الكون خاصة فإن الآثار في حضرة العين سهلة الوجود و ما تظهر الرجال أصحاب القوة و اليمين إلا في تأثيرهم في الكون فهذا من خصوص سجود هذه السجدة

(وصل السجدة الرابعة)

سجود العلماء بما أودع اللّٰه في كلامهم من علوم الأسرار و الأذواق و هو سجود تسليم و بكاء و خشوع وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْنٰاهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ وَ مٰا أَرْسَلْنٰاكَ إِلاّٰ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً وَ قُرْآناً فَرَقْنٰاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النّٰاسِ عَلىٰ مُكْثٍ وَ نَزَّلْنٰاهُ تَنْزِيلاً يقول وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْنٰاهُ لتحكم به بين الناس فيما اختلفوا فيه من الحق وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ لذاته وَ مٰا أَرْسَلْنٰاكَ خطاب لمن أنزل عليه تِبْيٰاناً لِكُلِّ شَيْءٍ إِلاّٰ مُبَشِّراً تبشر قوما بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَ رِضْوٰانٍ وَ جَنّٰاتٍ لَهُمْ فِيهٰا نَعِيمٌ مُقِيمٌ و تبشر قوما بِعَذٰابٍ أَلِيمٍ وَ نَذِيراً معلما بمن تبشره و بما تبشر

[القرآن آيات بينات في سور منزلات]

و قرآنا و كلاما جامعا لأمور شتى فَرَقْنٰاهُ أي فصلناه آيات بينات في سور منزلات لِتَقْرَأَهُ أي تجمعه و تجمع عليه الناس عَلَى النّٰاسِ عَلىٰ مُكْثٍ تؤدة مرتلا وَ نَزَّلْنٰاهُ عما يجب له من التعظيم إلى مخاطبة من لا يعرف قدره وَ مٰا قَدَرُوا اللّٰهَ حَقَّ قَدْرِهِ قُلْ يا أيها النبي آمِنُوا بِهِ صدقوا به أَوْ لاٰ تُؤْمِنُوا أو تردوه و لا تصدقوا به إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أعطوا العلامات التي تعطي اليقين و الطمأنينة في الأشياء من قبله ممن تقدمه من أمثاله إِذٰا يُتْلىٰ تتبع آياته بعضها بعضا بالمناسبة التي بين الآية و الآية يَخِرُّونَ لِلْأَذْقٰانِ سُجَّداً يقعون على وجوههم مطاطئين أذلاء و السجود التطأطؤ أسجد البعير إذا طأطأه ليركبه و يقولون سُبْحٰانَ رَبِّنٰا أي وعده صدق و كلامه حق إِنْ كٰانَ وَعْدُ رَبِّنٰا لَمَفْعُولاً واقعا كما وعد الوعد يستعمل في الخير

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 510
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست