responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 508

فالركعة الواحدة للنعمة الظاهرة يسد بها الخلل الظاهر و الركعة الثانية للنعمة الباطنة يسأل فيها ما يكون فيه غذاء الأرواح و القلوب من العلوم و المعارف و التجلي و اليد النعمة انتهى الجزء السادس و الأربعون (بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)

(وصل في فصل ركعتي تحية المسجد)

اختلف علماء الشريعة في الركعتين لدخول المسجد فمن قائل إنها سنة و من قائل بوجوبهما و الذي أذهب إليه و أقول به إن هاتين الركعتين لا تجب على من دخل المسجد إلا إن أراد القعود في المسجد فإن وقف و لا يجلس أو عبر فيه و لم يقعد فهو مخير عندي إن شاء ركعهما و إن شاء لم يركعهما و لا حرج عليه و يأثم بتركهما إن قعد و لم يركعهما إلا أن يدخل في الوقت المنهي عن الصلاة فيه أو يكون على غير طهارة

(وصل في اعتبار هذا الفصل)

لا يخلو هذا الداخل في المسجد أن يدخل في زمان إباحة النافلة أو في زمان النهي عن صلاة النافلة فإن دخل في زمان النهي فلا يركع فإنه ربما يتخيل بعض الناس أن الأمر بتحية المسجد يعارض حديث النهي عن الصلاة في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها

[النهى و مدى معارضته للأمر الثابت]

فاعلم إن النهي لا يعارض به الأمر الثابت عند الفقهاء إلا عندنا فإن لنا في ذلك نظرا و هو أن النهي إذا ثبت و الأمر إذا ثبت فإن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أمرنا إذا نهانا عن أمر بامتثال ذلك النهي مطلقا من غير تخصيص و أن تجتنب كل منهي عنه يدخل تحت حكم ذلك النهي و

قال في الأمر الثابت صلى اللّٰه عليه و سلم في هذا الحديث و إذا أمرتكم بأمر فافعلوا منه ما استطعتم فقد أمرنا بالصلاة عند دخول المسجد و نهانا عن الصلاة في أوقات معينة فقد حصلنا بالنهي الثابت في حكم من لا يستطيع إتيان ما أمر به في هذه الحال لوجود النهي فانتفت الاستطاعة شرعا كما تنتفي عقلا فإن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم لم يقل فافعلوا منه ما استطعتم الاستطاعة المشروعة و لا المعقولة فوجب العموم في ذلك فيقول إن النهي المطلق منعني من الإتيان بجميع ما يحويه هذا الأمر الوارد من الأزمنة فلا أستطيع إتيان هذه الصلاة في هذا الوقت المخصص بالنهي شرعا فاعلم ذلك

[المسجد بيت اللّٰه و الكرسي تجليه]

المسجد بيت اللّٰه و الكرسي تجليه لمن أراد أن يناجيه فمن دخل عليه في بيته وجب عليه إن يحييه بما أمره أن يحييه فعلمنا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم كيف نحيي بيت ربنا فإنه يقول فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّٰهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهٰا بِالْغُدُوِّ وَ الْآصٰالِ رِجٰالٌ يقول عبد اللّٰه بن عمر لو كنت مسبحا أتممت يعني متنفلا و سبحة الضحى صلاة الضحى إذا دخلنا المسجد نسلم على الحاضرين فيه من الملإ الأعلى بقولنا السلام عليكم إن كان هنالك من البشر أحد من كان من صبي أو امرأة أو رجل فإذا لم يكن أحد ممن يسمى إنسانا فلا يخلو هذا الداخل إما أن يكون ممن كشف اللّٰه عن بصره غطاء الحجاب المعتاد فيدرك من فيه من الأرواح العاقلين من جن و ملك فيسلم عليهم كما يسلم على من وجد فيه من البشر و إن لم يكن من أهل الكشف لمن فيه فليقل السلام علينا و على عباد اللّٰه الصالحين و ينوي كل صالح لله من جميع عباده من كل ما سوى اللّٰه فيصيب ذلك السلام كل عبد صالح لله في السماء و الأرض و لا يقل السلام على اللّٰه فإن اللّٰه هو السلام

[تحية المسجد و تحية ملوك الأعاجم]

و ليركع ركعتين بين يدي ربه عز و جل و ليجعل الحق تعالى في قبلته و تكون تلك الصلاة بما فيها من الركوع و السجود مثل التحية التي تحيا بها ملوك الأعاجم إذا دخل عليهم أو ظهروا لرعاياهم و قد مضى اعتبار و أحوال الركوع و القيام و الجلوس و السجود فهاتان الركعتان سجود تحية فإن كان دخوله في غير وقت صلاة أعني دخل في الأوقات المنهي عن إيقاع الصلاة فيها فعند ما يدخل المسجد يقوم بين يدي ربه عز و جل خاضعا ذليلا مراقبا ممتثلا أمر سيده في نهيه عن الصلاة في ذلك الوقت كما نهاه أن يقول في تحياته في الصلاة السلام على اللّٰه

[ركعتا الشكر]

فإن رسم له سيده تعالى بالقعود في بيته فليركع ركعتين شكر اللّٰه تعالى على ذلك حيث أمره سيده بالقعود عنده في بيته فهاتان الركعتان في ذلك الوقت ركعتا شكر و من ركع قبل الجلوس و ما في نيته أن يجلس و هو وقت صلاة فتانك الركعتان تحية لله لدخوله عليه في بيته و من راعى من أهل اللّٰه من العارفين دخوله على الحق في بيته و لم يخطر له خاطر التقييد بالأوقات كان ركوعه ركوع تحية لدخوله و من كان حاله الحضور مع اللّٰه على الدوام و مناجاته في كل حال فليست بتحية مطلقا و لكنهما ركعتا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 508
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست