responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 507

و الملك و السلطان فينقلب إليه المؤمن في الآخرة و يتحول إليه و يتحول عنه الكافر في الآخرة فيظهر المؤمن في الآخرة بنعيم الكافر الشقي في الدنيا و يظهر الكافر المنعم في الدنيا في الآخرة بصفة الشقاء و البؤس الذي كان فيه المؤمن في الدنيا فهذا اعتبار اليمين و الشمال في تحويل الرداء

(وصل في اعتبار وقت التحويل

و هو في الاستسقاء في أول الخطبة أو بعد مضى صدر الخطبة)فاعلم أن اعتبار التحويل في أول الخطبة هو أن يكون الإنسان في حال نظره لربه بربه فينظر في أول الخطبة لربه بنفسه و هو قوله في أول الصلاة حمدني عبدي فلو كان حال المصلي في وقت الحمد حال فناء بمشاهدة ربه أنه تعالى حمد نفسه على لسان عبده لم يصدق من جميع الوجوه حمدني عبدي و هو الصادق سبحانه في قوله حمدني عبدي فلا بد أن يكون العبد يشاهد نفسه في حمده ربه و هو صدق

[الثناء على ربه بربه في حال فناء علمى و مشهد سنى]

و من قال بعد مضى صدر من الخطبة فهو إذا قال العبد إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ فكان في أول الخطبة يثني على ربه بربه بحال فناء علمي و مشهد سنى بربه عن نفسه فإنه بكلامه حمده فلما أوقع الخطاب كان ثناؤه بنفسه على ربه فيحول عن حالته تلك في هذا الوقت فهذا اعتبار تعيين التحويل في أول الخطبة أو بعد مضى صدر الخطبة

(وصل اعتبار استقبال القبلة)

من كان وجها كله يستقبل ربه بذاته كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يرى من خلفه كما يرى من أمامه فكان وجها كله فينبغي للمستسقي ربه أن يقبل على ربه بجميع ذاته فإنه ما فيه جزء محسوس أو معنوي ظاهر أو باطن إلا و هو فقير محتاج إلى رحمة اللّٰه به في استجلاب نعمه أو بقاء النعم عليه و لهذا يجيب اللّٰه المضطر في الدعاء فإن المضطر هو الذي دعا ربه عن ظهر فقر إليه و ما منع الناس الإجابة من اللّٰه في دعائهم إياه إلا كونهم يدعونه عن ظهر غنى لالتفاتهم إلى الأسباب و هم لا يشعرون و ينتجه عدم الإخلاص و المضطر المضمون له الإجابة مخلص مخلص ما عنده التفات إلى غير من توجه إليه

[فخر الدين الرازي في السجن]

أخبرني الرشيد الفرغاني رحمه اللّٰه عن فخر الدين شيخه ابن خطيب الري عالم زمانه أن السلطان حبسه و عزم على قتله و ما له شفيع عنده مقبول قال فطمعت أن أجمع همي على اللّٰه في أمري أن يخلصني من يد السلطان لما انقطعت بي الأسباب و حصل الياس من كل ما سوى اللّٰه فما تخلص لي ذلك لما يرد علي من الشبه النظرية في إثبات اللّٰه الذي ربطت معتقدي به إلى أن جمعت همتي و كليتي على الإله الذي تعتقده العامة و رميت من نفسي نظري و أدلتي و لم أجد في نفسي شبهة تقدح عندي فيه و أخلصت إليه التوجه بكلي و دعوته في التخلص فما أصبح إلا و قد أفرج اللّٰه عني و أخرجني من السجن فهذا اعتبار استقبال القبلة فإن ذلك إشارة إلى القبول

(وصل اعتبار الوقوف عند الدعاء)

القيام في الاستسقاء عند الدعاء مناسب لقيام الحق بعباده فيما يحتاجون إليه فإنه طلب للرزق بإنزال المطر الذي تركن نفوسهم إليه و يستبشرون بقول اللّٰه اَلرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَى النِّسٰاءِ و النفوس كلها في مقام الأنوثة لمن عقل فإن كل منفعل فرتبته رتبة الأنثى و ما ثم إلا منفعل و الفعل مقسم على الحقيقة بين الفاعل و المنفعل فمن الفاعل الاقتدار و من المنفعل القبول للاقتدار فيه و هنا سر يتضمن أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّٰاعِ إِذٰا دَعٰانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي فالذي يجعل اللّٰه الرزق على يديه قائم على من يرزق بسببه فشرع القيام في الدعاء في الاستسقاء كأنه يقول بحال قيامه بين يدي ربه ارزقنا ما نقوم به على عيالنا بما تنزله من الغيث علينا فإنه السبب في وجود ما به قوام أنفسنا إِنَّكَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

(وصل اعتبار
الدعاء في هذا الباب)

الدعاء مخ العبادة و بالمخ تكون القوة للأعضاء كذلك الدعاء مخ العبادة به تقوى عبادة العابدين فإنه روح العبادة إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبٰادَتِي العبادة هنا عين الدعاء سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دٰاخِرِينَ و هو البعد عن اللّٰه فإن جهنم سميت به لبعد قعرها

(وصل اعتبار رفع الأيدي عند الدعاء)

على الكيفيتين الأيدي محل القبض و العطاء فبها ما أخذ و بها ما أعطى فلها القبض بما تأخذ و البسط بما تعطي فيرفع العبد يديه مبسوطتين ليجعل اللّٰه فيهما ما سأله من نعمه فإن رفعها و جعل بطونها إلى الأرض فرفعها تشهد العلو و الرفعة ليدي ربي تعالى التي هي اليد العليا و يَدٰاهُ مَبْسُوطَتٰانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشٰاءُ و يجعل الداعي بطون يديه إلى الأرض في الاستسقاء أي أنزل علينا مما بيديك من الخير و البركة ما تسد به فقرنا و فاقتنا التي علقتها بالأسباب فأوحدها إليك و فرغها بما تنزله من الغيث من أجلها

[ركعتا الاستسقاء و نعمتا الظاهر و الباطن]

فهذا و أشباهه اعتبار صلاة الاستسقاء و أحوال أهله و كون صلاتها ركعتين هو قول اللّٰه وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظٰاهِرَةً وَ بٰاطِنَةً

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 507
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست