responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 506

أولى فإن الزيادة محققة و الربح هناك متوهم فإن اللّٰه صادق في إخباره ثم إن الشاكر الذي له هذه الزيادة المحققة بشكره هو في أهله لا يفارق وطنه و لا أهله و لا ولده و لا يغري بنفسه و لا يركب الأخطار و لا يتعب بدنه و لو تصدق بماله كله فهو كتاجر باع بنسيئة فهو له مدخر يجده يوم فقره و حاجته عند اللّٰه فإن رزقه الذي تقوم به نشأته و أرزاق عياله لا بد منها يأتي بها اللّٰه كما قال لقمان يٰا بُنَيَّ إِنَّهٰا إِنْ تَكُ مِثْقٰالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمٰاوٰاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللّٰهُ إِنَّ اللّٰهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ فهذا تاجر باع بنسيئة إلى أجل و أجله زمان القيامة فهو حلول الأجل فهذا يا أخي حكمة تحويل الرداء

(وصل اعتبار كيفية تحويله)

و هو على ثلاث مراتب يجمعها كلها العالم إذا أراد أن يخرج من الخلاف الذي بين علماء الشريعة و هو أن يرد ظاهره باطنه و باطنه ظاهره و أعلاه أسفله و أسفله أعلاه و الذي على يمينه على يساره و الذي على يساره على يمينه و كل ذلك تأكيد في الإشارة إلى تحويل الحالة التي هم عليها

[تأثير الظاهر في الباطن و بالعكس]

فأما اعتبار ظاهر الرداء و باطنه فهو تأثير أعمال ظاهره في باطنه أعني في قلبه بما تنتج له هذه الأعمال و أعمال باطنه أيضا المحمودة تظهر بالفعل على ظاهره مثل نيته أن يتصدق فيتصدق أو ينوي فعل خير ما فيفعله فما كان في باطنه قد ظهر بالفعل على ظاهره من أسر سريرة ألبسه اللّٰه رداءها و من عمل عملا صالحا أثر له في نفسه و قلبه المحبة و الطلب إلى الشروع في عمل آخر و لا سيما إن أنتج له ذلك العمل في الدنيا علما في نفسه كما

قال صلى اللّٰه عليه و سلم من عمل بما علم أورثه اللّٰه علم ما لم يكن يعلم و قال تعالى إِنْ تَتَّقُوا اللّٰهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقٰاناً

[إلحاق العالم الأعلى بالأسفل و الأسفل بالأعلى]

و أما تحويل أعلى الرداء و أسفله فهو إلحاق العالم الأعلى بالأسفل في التسخير و إلحاق العالم الأسفل بالأعلى في الطهارة و التقديس فينزل الأعلى رحمة بالأسفل و يرفع الأسفل عناية إلى رتبة الأعلى في النسبة إلى اللّٰه تعالى و الافتقار إليه و إن اللّٰه كما توجه إلى أعلى الموجودات قدرا و هو القلم الإلهي و العقل الأول بما أعطاه من العلم و السعادة كذلك توجه إلى أدنى الموجودات قدرا و أشقاهم و أخسهم منزلة عند اللّٰه على حد واحد

[ما من جوهر فرد إلا و هو مرتبط بحقيقة إلهية]

فإن اللّٰه من حيث ذاته ما فيه مفاضلة لأنه لا يتصف بالكل فيتحقق فيه البعض و ما من جوهر فرد من العالم كله أعلاه و أسفله إلا و هو مرتبط بحقيقة إلهية و لا تفاضل في ذلك الجانب الأعز الأحمى فهو مستو على عرشه الأعلى و

لو دليتم بحبل لهبط على اللّٰه اجتمع أربعة من الأملاك على الكعبة واحد نازل من السماء و آخر عرج من الأرض السفلي و الثالث جاء من ناحية المشرق و الرابع من ناحية المغرب فسأل كل واحد منهم صاحبه من أين جئت فكلهم قالوا من عند اللّٰه و روينا عن بعض شيوخنا حديثا يرفعه أو يبلغ به رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أنه قال إن اللّٰه في السماء كما هو في الأرض و إن الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم فساوى بين العالمين في الطلب و معلوم ما بينهما من التفاوت في العرف

[ذكريات تاريخية و معارف ذوقية]

و اتفق لي في هذا المشهد ذوقا و ذلك أني حملت في يدي شيئا محقرا بحيث يراه الناس ما كان يقتضيه منصبي في الدنيا و هو ذو رائحة خبيثة من هذا السمك المالح فتخيل أصحابي أني حملته مجاهدة لنفسي لعلو منصبي عندهم عن حمل مثل ذلك و قالوا لشيخي ما قصر فلان في مجاهدته فقال حتى نسأله بأي نية حمله فسألني الشيخ بحضور الجماعة و ذكر لي ما ذكروه فقلت لهم أخطأتم في التأويل علي و اللّٰه ما نويت شيئا من ذلك و لكني رأيت اللّٰه على علو قدره ما نزه نفسه عن خلق مثل هذا فأنزه نفسي عن حمله فشكرني الشيخ و تعجب الأصحاب و هو من هذا الباب بل و اللّٰه في حملي إياه شرفي فإنه نظير القدرة في إيجاد عينه و لا فرق عند العارفين بين العالي و الدون المعتاد هذا خلوف فمن الصائم عند اللّٰه أطيب من ريح المسك و أين إدراك الشم من الرائحتين فلا تنظروا في الأشياء المتفاضلة إلا بارتباطها بالحقائق الإلهية و إذا كان هذا نظركم فإنكم لا تحقرون شيئا من العالم فلا تقس اللّٰه و لا تحمله على نفسك و خذ الأشياء على ما تعطيها الحقائق

[ظهور المؤمن في الآخرة بنعيم الكافر في الدنيا و بالعكس]

و أما تحويل ما هو على اليمين إلى الشمال و بالعكس فاعتباره إن صفات السعداء في الدعاء الخشوع و الذلة و هم أهل اليمين في الدنيا فتتحول هذه الصفة على أهل الشمال في الدار الآخرة فكان السعداء أخذوها منهم في الدنيا قال تعالى في حق السعداء اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاٰتِهِمْ خٰاشِعُونَ و قال خٰاشِعِينَ لِلّٰهِ و قال أعني في عكس الصفة عليهم يَخٰافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصٰارُ و قال في حق الأشقياء في الدار الآخرة خٰاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ و قال وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خٰاشِعَةٌ عٰامِلَةٌ نٰاصِبَةٌ تَصْلىٰ نٰاراً حٰامِيَةً و تحويل آخر و هو أن يتصف العبد السعيد في الآخرة بما يتصف به العبد الشقي في الدنيا في الثروة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 506
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست