responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 496

منها إذ لا نص في ذلك فاختار بعضهم عشرين ركعة سوى الوتر و استحسن بعضهم ستا و ثلاثين ركعة و الوتر ثلاث ركعات و هو الأمر القديم الذي كان عليه الصدر الأول و الذي أقول به في ذلك أن لا توقيت فيه فإن كان و لا بد من الاقتداء فالاقتداء برسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في ذلك فإنه ثبت عنه صلى اللّٰه عليه و سلم أنه ما زاد على ثلاث عشرة ركعة بالوتر شيئا لا في رمضان و لا في غيره إلا أنه كان يطولهن و يحسنهن فهذا هو الذي اختاره ليجمع بين قيام رمضان و الاقتداء برسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم قال تعالى لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ

(وصل الاعتبار في هذا الفصل)

رمضان اسم من أسماء اللّٰه تعالى فالقيام في هذا الشهر من أجل هذا الاسم لأنه إذا ورد وجب القيام له قال تعالى يَوْمَ يَقُومُ النّٰاسُ لِرَبِّ الْعٰالَمِينَ و رمضان اسمه سبحانه فيقوم العارف إجلالا لهذا الاسم الذي اختص به هذا الشهر الكريم هذا يحضر العارف في قيامه ثم إن لهذا الشهر من نعوت الحق حكما ليس لغيره و هو فرض الصوم على عباد اللّٰه و هو صفة صمدانية يتنزه الإنسان فيها عن الطعام و الشراب و النكاح و الغيبة و هذه كلها نعوت إلهية يتصف بها العبد في حال صومه فإذا جاء الليل قام العبد بين يدي الحق بصفاته التي كان عليها في نهاره و فرض له القيام في وقت الفطر ليعلم أنه عبد فقير متغذ ليس له ذلك التنزه حقيقة و إنما هو أمر عرض له ينبهه على التخلق بأوصاف اللّٰه من التنزيه عن حكم الطبيعة

[كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لله]

و لهذا أخبرنا تعالى في الحديث المروي عنه إن الصوم له و كل عمل ابن آدم لابن آدم يقول إن التنزه عن الطعام و الشراب و النكاح لي لا لك يا عبدي لأني القائم بنفسي لا أفتقر في وجودي إلى حافظ يحفظه علي و أنت تفتقر في وجودك لحافظ يحفظه عليك و هو أنا فجعلت لك الغذاء و أفقرتك إليه لينبهك أني أنا الحافظ عليك وجودك ليصح عندك افتقارك

[غناء الحق و افتقار العبد]

و مع هذا الافتقار طغيت و تجبرت و تكبرت و تعاظمت في نفسك و قلت لمن هو مثلك أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلىٰ و مٰا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلٰهٍ غَيْرِي و أنا و أنا و أنا و ما استحييت في ذلك من فضيحتك بجوعك و عطشك و بولك و خراءتك و تألمك بالحر و البرد و الآلام العارضة يا ابن آدم رهصتك ثلاث رهصات الفقر و المرض و الموت و مع ذلك إنك و ثاب فقيام رمضان قيام في اللّٰه فمن كان الحق ظرفا له فإن اللّٰه بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ فهذا معنى الظرفية فليس له خروج عنه فأحاطته بك في رمضان إحاطة تشريف و تنزيه حيث شرع لك فرضا في عبوديتك الاضطرارية للاتصاف بما ينبغي له لا لك و هو التنزه عن الغذاء و ملابسة النساء طول النهار و هو النصف من عمر وجودك ثم تستقبل الليل فتخرج من ربوبيتك المنزهة عن الغذاء و النكاح إلى عبوديتك بالفطر و الكل رمضان

[الصيام كالصلاة قسمة بنصفين بين العبد و ربه]

فأنت في رمضان كما أنت في الصلاة من

قوله قسمت الصلاة بيني و بين عبدي بنصفين فنصفها لي و نصفها لعبدي كذلك رمضان قسمه بينه و بين عبده بنصفين نصف له و هو

قوله الصوم لي و هو زمان النهار و النصف للعبد و هو الليل زمان فطره و

قد قال في الصلاة إنها نور و

قال في الصوم إنه ضياء و الضياء هو النور قال تعالى هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيٰاءً و قال وَ جَعَلَ الشَّمْسَ سِرٰاجاً و شرع القيام في ليل رمضان و رغب فيه للمناسبة التي بين الصلاة و الصوم في القسمة و النور ليكون ليله بصلاته مثل نهاره بصومه فبالنهار يتحد به و بالليل يتوحد له كما قلنا

إذا صحت عزائمنا ففي الأسرار نتحد

[صحة العزائم و اتحاد الاسرار]

و العزيمة النية و النية شرط في الصوم من الليل فنحن في الصوم مع الحق كما قالت بلقيس في عرشها كأنه هو و هو كان هو و إنما جهلها أدخل كاف التشبيه كذلك جهل الإنسان يقول أنا الصائم و كيف ينبغي للمتغذي أن يكون صائما هيهات

قال اللّٰه الصوم لي لا لك فأزال عنه دعوى الصوم كما أزال عن بلقيس تشبيه العرش بعرشها فعلمت بعد ذلك أنه هو لا غيره فهذا معنى قولنا

إذا صحت عزائمنا ففي الأسرار نتحد

[الاتحاد صحة النسبة لكل من المتحدين]

فإن قلت الصائم هو الإنسان صدقت و إن قلت الصوم لله لا للإنسان صدقت و لا معنى للاتحاد إلا صحة النسبة لكل واحد من المتحدين مع تميز كل واحد عن الآخر في عين الاتحاد فهو هو و ما هو هو كما قلنا في بعض ما نظمناه في هذا المعنى في حال غلب علي

لست أنا و لست هو
لا و أنا ما هو أنا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 496
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست