responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 492

عنها و ما رأيت في زماننا من يحافظ عليها من الفقهاء إلا صاحبنا زين الدين يوسف بن إبراهيم الشافعي الكردي و فقه اللّٰه لذلك

[صلاة الأولياء الأوابين]

و في هاتين الركعتين قبل صلاة المغرب من الأجر ما لا يعلمه إلا اللّٰه فإن لله بين كل أذان و إقامة تجل خاص و اطلاع فمن ناجاه في ذلك الوقت اختص بأمر عظيم و هو كما قلنا

في الخبر المروي الذي صححه الكشف عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بين كل أذانين صلاة يريد الأذان و الإقامة فسماها أذانا لأنها إعلام بالقيام إلى الصلاة و حضور الإمام كما يقال في الشمس و القمر القمران في لسان العرب و كذلك العمران في أبي بكر و عمر و هي صلاة الأولياء الأوابين و كان الصدر الأول شديد المحافظة عليهما و سبب ذلك التوفيق الإلهي أن النفل عبودية اختيار و الفرض عبودية اضطرار فيحتاج في عبودية الاضطرار إلى حضور تام بمعرفة ما ينبغي للسيد المعبود من الآداب و الجلال و التنزيه فتقوم عبودية الاختيار لها كالرياضة للنفس و كالعزلة بين يدي الخلوة فإن دخول العبد للفرض من النفل ما يكون مثل دخوله من الفعل المباح لأنه لا بد أن يبقى للداخل في خاطره مما تقدم له قبل دخوله أثر فلهذا حافظ عليهما من حافظ

[النافلة قبل الفريضة كالصدقة قبل النجوى]

و ركعتا الفجر كذلك فإن النافلة قبل الفريضة صدقة من الشخص على نفسه يقول اللّٰه إِذٰا نٰاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوٰاكُمْ صَدَقَةً فما ظنك بمناجاة الحق تعالى آكد و أوجب و حكم ركعتي الفجر سنة بالاتفاق

فإن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم قضاها بعد طلوع الشمس حين نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فصلاهما ثم صلى الصبح و ما هي عندنا قضاء و أنه صلاها في وقتها كما صلى الصبح في وقتها فإن ذلك وقت صلاة النائم و الناسي فلا يقال قضاها على اصطلاح الفقهاء

(وصل في فصل القراءة في ركعتي الفجر)

استحب بعضهم أن يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فقط و قال بعض العلماء لا بأس أن يضيف إلى أم القرآن سورة قصيرة و قال بعضهم ليس في القراءة في ركعتي الفجر توقيت يستحب و الذي أذهب إليه أن يوجز فيهما و يخفف في كمال بلا توقيت و الفاتحة لا بد منها فإنها عين الصلاة في الصلاة و من لم يقرأ بها في صلاته فما صلى و قد وردت السنة بتحسينهما و إن زاحمك الوقت

(وصل في اعتبار هذا الفصل)

سبب التخفيف فيها من السنة للخبر الوارد أن مقدار الزمان في محاسبة اللّٰه عباده يوم القيامة بأجمعهم كركعتي الفجر فكان يخففهما رحمة بأمته و هي بالجملة صلاة فحكمها حكم الصلاة و ما عدا الفرائض و إن كانت عبودية اختيار فإن في ركعتي الفجر شبهة عبودية اضطرار لما تتضمنه صلاة النفل من الفرائض

[منزلة العبد في النافلة]

فالعبد في النافلة و ما عدا الفرائض من الصلوات بمنزلة عبد قد عتق منه شقص أو بمنزلة المكاتب أو بمنزلة المدبر فإن في هؤلاء من روائح الحرية ما ليست للعبد الذي ما له هذه الحالات فالسنن من النوافل حال العبودية فيها حال المكاتب و المدبر و النافلة التي ليست بسنة أي ليست من فعله صلى اللّٰه عليه و سلم دائما و لا من نطقه بتعيينه بمنزلة عبد عتق منه شقص فهو حر من حيث إنه عتق منه ما عتق و هو عبد من حيث ما بقي منه دون عتق ما بقي فهذه حالة في العبودية بين عبودية الاضطرار و عبودية الاختيار كالسنن بين الفرائض و النوافل سواء

[فاتحة الكتاب هي الكافية]

فأما من رأى في القراءة فيها الفاتحة فقط فلأنها الكافية فإن بها يصح أنه صلى و أما من زاد السورة بعد الفاتحة فليعلم المنزلة التي حصلت له من هذه الخاصة لأن السورة بالسين هي المنزلة قال النابغة في ممدوحه

أ لم تر أن اللّٰه أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب
بأنك شمس و الملوك كواكب إذا طلعت لم يبد منهن كوكب

[آيات سور القرآن و دلالات معرفة الإنسان]

و سور القرآن منازله و كما أنه لكل سورة آيات كذلك لكل منزلة لأحد عند اللّٰه دلالات و أوضحها المعرفة بالله فالتأييد في الإفصاح عنها و هذه الدلالة سيدة الدلالات كآية الكرسي سيدة آي القرآن فهو قرآن من حيث ما اجتمع العبد و الرب في الصلاة و هو فرقان من حيث ما تميز به العبد من الرب مما اختص به في القراءة من الصلاة

[منزلة العبد من ربه في الفاتحة]

و العبد في الفاتحة قد أبان الحق بمنزلته فيها و أنه لا صلاة له إلا بها فإنه تعرفه بمنزلته من ربه و أنها منزلة مقسمة بين عبد و رب كما ثبت فينبغي للعبد أن يقرأ سورة بعد الفاتحة من غير أن تتقدمه روية فيما يقرأ من السور أو الآيات من سورة واحدة أو من سور فإن تقدم الرواية في تعيين ما يقرأ بعد الفاتحة يقدح في علم من يريد الوقوف على وجه الحق في منزلته عند اللّٰه فهو الخاطر الأول

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 492
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست