responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 48



تيقنت أن الأمر غيب و أنه لدى الكشف و التحقيق حي و مرئي
قلت فعند ما وقعت مني هذه الأبيات و ألحقت بيته المكرم من جهة ما بجانب الأموات خطفني مني خطفة قاهر و قال لي قولة رادع زاجر انظر إلى سر البيت قبل الفوت تجده زاهيا بالمطيفين و الطائفين بأحجاره ناظرا إليهم من خلف حجبه و أستاره فرأيته يزهو كما قال فأفصحت له في المقال و أنشدته في عالم المثال على الارتجال

أرى البيت يزهو بالمطيفين حوله و ما الزهو إلا من حكيم له صنع
و هذا جماد لا يحس و لا يرى و ليس له عقل و ليس له سمع
فقال شخيص هذه طاعة لنا قد أثبتها طول الحياة لنا الشرع
فقلت له هذا بلاغك فاستمع مقالة من أبدى له الحكمة الوضع
رأيت جمادا لا حياة بذاته و ليس له ضر و ليس له نفع
و لكن لعين القلب فيه مناظر إذا لم يكن بالعين ضعف و لا صدع
يراه عزيزا إن تجلى بذاته فليس لمخلوق على حمله وسع
فكنت أبا حفص و كنت علينا فمني العطاء الجزل و القبض و المنع

(وصل) [منزلة الفتى الفائت المتكلم الصامت]

ثم إنه أطلعني على منزلة ذلك الفتى و نزاهته عن أين و متى فلما عرفت منزلته و إنزاله و عانيت مكانته من الوجود و أحواله قبلت يمينه و مسحت من عرق الوحي جبينه و قلت له انظر من طالب مجالستك و راغب في مؤانستك فأشار إلى إيماء و لغزا إنه فطر على أن لا يكلم أحدا إلا رمزا و إن رمزى إذا علمته و تحققته و فهمته علمت أنه لا تدركه فصاحة الفصحاء و نطقه لا تبلغه بلاغة البلغاء فقلت له يا أيها البشير و هذا خير كثير فعرفني باصطلاحك و أوقفني على كيفية حركات مفتاحك فإني أريد مسامرتك و أحب مصاهرتك فإن عندك الكفؤ و النظير و هو النازل بذاتك و الأمير و لو لا ما كانت لك حقيقة ظاهرة ما تطلعت إليه وجوه ناضرة ناظرة : فأشار فعلمت و جلى لي حقيقة جماله فهيمت فسقط في يدي و غلبني في الحين علي فعند ما أفقت من الغشية و أرعدت فرائصى من الخشية علم أن العلم به قد حصل و ألقى عصا سيره و نزل فتلا حاله على ما جاءت به الأنباء و تنزلت به الملائكة الأمناء إِنَّمٰا يَخْشَى اللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ الْعُلَمٰاءُ فجعلها دليلا و اتخذها إلى معرفة العلم الحاصل به سبيلا فقلت له أطلعني على بعض أسرارك حتى أكون من جملة أحبارك فقال انظر في تفاصيل نشأتي و في ترتيب هيأتي تجد ما سألتني عنه في مرقوما فإني لا أكون مكلما و لا كليما فليس علمي بسواي و ليست ذاتي مغايرة لأسمائي فأنا العلم و المعلوم و العليم و أنا الحكمة و المحكم و الحكيم ثم قال لي طف على أثري و انظر إلي بنور قمري حتى تأخذ من نشأتي ما تسطره في كتابك و تمليه على كتابك و عرفني ما أشهدك الحق في طوافك من اللطائف مما لا يشهده كل طائف حتى أعرف همتك و معناك فأذكرك على ما علمت منك هناك

[تلويحات ببعض أسرار الوجود و اكتشاف الذاتية]

فقلت أنا أعرفك أيها الشاهد المشهود ببعض ما أشهدني من أسرار الوجود المترفلات في غلائل النور و المتحدات العين من وراء الستور التي أنشأها الحق حجابا مرفوعا و سماء موضوعا و الفعل إلى الذات لطيف و لعدم دركه على شريف

فوصفه ألطف من ذاته و فعله ألطف من وصفه
و أودع الكل بذاتي كما أودع معنى الشيء في حرفه
فالخلق مطلوب لمعنى كما يطلب ذات المسك من عرفه
و لو لا ما أودع في ما اقتضته حقيقتي و وصلت إليه طريقتي لم أجد لمشربه نيلا و لا إلى معرفته ميلا و لذلك أعود علي عند النهاية و لهذا يرجع فخذ البركار في فتح الدائرة عند الوصول إلى غاية وجودها إلى نقطة البداية فارتبط آخر الأمر بأوله و انعطف أبده على أزله فليس إلا وجود مستمر و شهود ثابت مستقر و إنما طال الطريق من أجل رؤية المخلوق فلو صرف العبد وجهه إلى الذي يليه من غير أن يخل فيه لنظر إلى السالكين إذا وصلوا بعين بئس و اللّٰه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 48
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست