و ذلك الصادر لا يخلو من أن يكون ذا إرادة أو لا يكون فإن لم يكن فلا شيء عليه و إن كان ذا إرادة فلا يخلو ما أن يكون مجبورا في مروره بين يديه في عين اختياره عنده أو لا يكون إلا مختارا فالمختار يأثم و المجبور ليس بإثم
(وصل في فصل النفخ في الصلاة)
فقوم كرهوه و قوم أوجبوا منه الإعادة و قوم فرقوا بين أن يسمع أو لا يسمع فاعلم إن راجع ذلك إلى أنه كلام أو ليس بكلام و هو غير حسن بلا خلاف
(وصل الاعتبار في ذلك)
عيسى عليه السلام حاضر مع ربه في كل حال و لم يقطع نفخه الروح في الطائر حضوره مع ربه و نفخه وقع بإذنه و كيف يؤذن له فيما يحجبه عن حضوره مع ربه و هو مطلوب هو و كل مخلوق أن لا يزال الحق بين أعينهم و في سرائرهم كما لا يزال بعينه و هو المراقبة في الطرفين فمن اعتبر النفخ بدلا من كن جعله كلاما و من اعتبره لا بمعنى كن و إنما اعتبره سببا لم يجعله كلاما و يجعل قوله بِإِذْنِي معمولا لقوله فَيَكُونُ(طَيْراً) طائرا لا لقوله فَتَنْفُخُ فِيهٰا
(وصل في فصل الضحك في الصلاة)
اتفقوا على أنه يقطع الصلاة و اختلفوا في التبسم فمن قائل هو بمنزلة الضحك فقال يقطع الصلاة و من قائل لا يلحق بالضحك فلا يقطع الصلاة
(وصل الاعتبار في ذلك)
الضحك للمناجي يقدح في الهيبة و الأدب و غير الأديب لا يناجي فإن تبسم لا يخلو ما أن يتبسم من أجل ضحك ربه في نازلة تقع كمثل عجوز موسى عليه السلام و قصة هناد فمن الأدب أن يتبسم العبد في مثل هذه النوازل لضحك الحق و أما إن كان في نازلة تعطي التبسم لنفسه فتبسم فإنه سيئ الأدب فلا يصلح للحضور و يحال بينه و بين الحضور فيستأنف التوبة و العمل فهو بمنزلة من يقول إن التبسم يقطع الصلاة
(وصل في فصل صلاة الحاقن)
فمن قائل تبطل صلاته و يعيد و من قائل بالكراهة و الذي أذهب إليه أن النهي لا يدل على فساد المنهي و إنما يدل على تأثيم فاعله فقط فتكون صلاة الحاقن جائزة و هو مأثوم كالمصلي في الدار المغصوبة
(وصل الاعتبار في ذلك)
الخبيث السريرة في حال الصلاة المفكر في سوء يفعله أو يوقعه بأحد إذا فرغ من صلاته مع كونه مؤمنا فالصلاة صحيحة و هو ممن حدث نفسه بسوء و قد عفا عن ذلك ما لم يعمل أو يتكلم به
(وصل في فصل المصلي يرد السلام على من يسلم عليه)
فرخصت فيه طائفة و به أقول فإنه ذكر اللّٰه و هو من الأذكار المشروعة في التشهد في الصلاة فله أصل يرجع إليه و الدعاء في الصلاة جائز و فيه ذكر الناس مثل قول المصلي اغفر لي و لو الذي و منع ذلك قوم بالقول و أجازوه بالإشارة و منعه آخرون على الإطلاق و أجاز قوم أن يرده في نفسه و قال قوم يرد إذا فرغ من الصلاة
(وصل الاعتبار في ذلك)
قال تعالى وَ إِذٰا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا فجاء بالفاء فلا يجوز التأخير و لم يخص صلاة من غيرها فكل ذكر لله مشروع بدعاء أو غيره معين كتشميت العاطس و رد السلام فإنه يجوز التلفظ به في الصلاة و غيرها إذا لم يكن واجبا فكيف و الوجوب مقرون برد السلام و تشميت العاطس إذا حمد اللّٰه انتهى الجزء الثالث و الأربعون (بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)
(وصل فصل القضاء)
[وجوب القضاء على الناسي و النائم]
اتفق المسلمون على وجوبه على الناسي و النائم و اختلفوا في العامد و المغمى عليه و الذي أذهب إليه أن الناسي و النائم وجب على كل واحد منهما أداء الصلاة التي نام عنها أو نسيها فإن أراد الفقهاء بالقضاء وجوب الصلاة عليه كما يريدون بالأداء فيه أقول و إن أرادوا به الفرقان بين من أداها في الوقت المعلوم المخاطب به اليقظان الذي يعصي العامد لتركها فيه و بين أدائها في وقت تذكر الناسي و يقظة النائم بالقضاء فلا بأس و إن أرادوا بالقضاء خلاف ما ذكرناه و إنه غير مؤد للصلاة و إنه صلاها في غير وقتها على خلاف صورة ما ذكرناه فلا أقول به فإن الناسي و النائم غير مخاطب بتلك الصلاة في حال