responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 474

ربه في ملأ ذكره اللّٰه في ملأ فالعبد ينزل في هذه المسألة منزلة إمام و الحالة الأخرى أن يكون حال العبد مع اللّٰه على صورة ما يكون حال الحق مع العبد مثل قوله يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ فأهل طريق اللّٰه على ما تقضي به الحقائق في هذه المسألة أن حب العبد لو لا ما أحبه اللّٰه أو لا ما رزقه محبته و لا و فقه إليها و لا استعمله فيها و هكذا جميع ما يكون فيه العبد من الأمور المقربة إلى اللّٰه عز و جل فهذا المقام يحذر أهل اللّٰه من الغفلة فيه فلهذا شبهناه بصلاة الخوف

(وصل في فصل صلاة الخائف عند المسايفة)

[اختلاف الناس في الصلاة عند المسايفة]

فمن الناس من قال لا يصلي و من الناس من قال يصلي بعينيه إيماء و الذي أذهب إليه أنه مأمور في ذلك الوقت بالصلاة على قدر ما يمكنه أن يفعله منها و ذلك أن كل حال ما عدا حال المسايفة فهو استعداد للجهاد و القتال ما هو عين الجهاد و لا عين القتال فإذا وقعت المسايفة ذلك هو عين الجهاد و القتال الذي أمر اللّٰه عباده بالثبات فيه و الاستعانة بالصبر و الصلاة فقال تعالى يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلاٰ تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبٰارَ ثم توعد من لم يثبت فقال وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاّٰ مُتَحَرِّفاً لِقِتٰالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بٰاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللّٰهِ وَ مَأْوٰاهُ جَهَنَّمُ يعني إن قتل في تلك الحالة وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ و قال في تلك الحالة وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ و هو حبس النفس عن الفرار في تلك الحال وَ الصَّلاٰةِ فأمره بالصلاة و أنها من المأمور المعينة له على خذلان العدو فجعلها من أفعال الجهاد فوجبت الصلاة و الفرار في تلك الحال من الكبائر فأمره اللّٰه بالصبر و هو الثبات في تلك الحال و الصلاة فوجبت عليه كما وجب الصبر فيصليها على قدر الإمكان فالله يقول فَاتَّقُوا اللّٰهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ و قال لاٰ يُكَلِّفُ اللّٰهُ نَفْساً إِلاّٰ وُسْعَهٰا و قد كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يوتر على الراحلة يومئ إيماء مع الأمان فأحرى إيقاع الفرض مع الخوف و وجود الأمن و البشرى أنها من أسباب النصر فيصلي على قدر استطاعته في ذلك الوقت و على تلك الحال بحيث أن لا يترك القتال و لا يتوانى فيه فذلك استطاعة الوقت فإن المكلف بحكم وقته و سواء كان على طهارة أو على غير طهارة و المخالف لهذا ما حقق النظر في أمر اللّٰه و لا ما أراده اللّٰه برفع الحرج عن المكلف في دين اللّٰه في قوله تعالى مٰا(جَعَلَ)عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ

[أهل الاجتهاد و أهل التقليد]

و بعد هذا فإني أقول لا يخلو هذا المكلف إذا كان في هذا الموطن على هذه الحال إما أن يكون مجتهدا أو مقلدا فإن كان من أهل الاجتهاد فلا كلام فإنه يعمل بحسب ما يقتضيه دليله و يحرم عليه مخالفة دليله و إن كان مقلدا فالأولى به عندنا إن يقلد من قال بجواز الصلاة في حال المسايفة و على غير طهارة فيها فإن القرآن يعضده و لا حجة للمقلد في التخلف عن تقليد من يقول بالصلاة فإنه أبرأ لذمته و أولى في حقه و يكون ممن ذكر اللّٰه على كل أحيانه اقتداء برسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم

في الصحيح عن عائشة قالت كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يذكر اللّٰه على كل أحيانه و ما خصت حالا من حال

وصل الاعتبار في ذلك

حال المسايفة هو حال العبد مع الشيطان في وسواسه و حين توسوس إليه نفسه و اللّٰه في تلك الحالة أقرب إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ فهو مع قربه في حرب عظيم فإذا نظر العبد في هذه الحال إلى هذا القرب الإلهي منه فإنه يصلي و لا بد من هذه حالته و لو قطع الصلاة كلها في محاربته فإنه إنما يحاربه بالله فإنه يؤدي الأركان الظاهرة كما شرعت بالقدر الذي هو فيه من الحضور مع اللّٰه في باطنه في صلاته كما يؤدي المجاهد الصلاة حال المسايفة بباطنه كما شرعت بالقدر الذي يستطيعه من الإيماء بعينيه و التكبير بلسانه في جهاد عدوه في ظاهره فإن وسوسة الشيطان في ذلك الوقت لم تخرجه عما كلفه اللّٰه من أداء ما افترضه عليه و طهارته في وقت الوسوسة عين محاربته كإسباغ الوضوء على المكاره و إن أخطر له الشيطان إذا رأى عزمه في الجهاد في اللّٰه أن يقاتل ليقال رغبة منه و حرصان يحبط عمل هذا العبد و كان قد أخلص النية أولا عند شروعه في القتال أنه يقاتل ذابا عن دين اللّٰه و لتكون كلمة اللّٰه هي العليا و كلمة الذين كفروا السفلي : و الكافر هنا هو المشرك من جهة الشريك خاصة و إنما قلنا هذا لأن أهل اللّٰه يعرفون ما أشرت به إليهم في هذا القول فلا يبالي بهذا الخاطر فإن الأصل الذي بنى عليه صحيح و الأساس قوي و هو النية في أول الشروع فإن عرض الشيطان له بترك ذلك العمل الذي قد شرع فيه على صحة و وسوس إليه أنه فاسد بما خطر له من الرياء فيرد عليه بقوله تعالى وَ لاٰ تُبْطِلُوا أَعْمٰالَكُمْ فتدفع بهذه الآية الشبهة التي ألقاها إليك من ترك العمل

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 474
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست