responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 470

و من قائل بهذا و بالسفر المباح أي ذلك كان و من قائل بكل سفر مما يسمى سفرا قربة كان أو مباحا أو معصية و به أقول

(وصل الاعتبار في ذلك)

قال تعالى وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ هذا في الأعيان و قال في الأعيان و في الأحوال و قال وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ و قال أَلاٰ إِلَى اللّٰهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ و قال مٰا مِنْ دَابَّةٍ إِلاّٰ هُوَ آخِذٌ بِنٰاصِيَتِهٰا فهذه الآيات كلها و أمثالها تدل على سفر الإنسان إلى اللّٰه فيقصر فإن اللّٰه هو الغاية لكل مسافر سواء سافر منه أو من كون نفسه أو كون من الأكوان و فيه أو في أسماء ربه و الحق سبحانه غاية الطريق قصدت الطرق أو لم تقصد فما هو غاية قصد السالك فإن السالك مقيد القصد و لا بد و اللّٰه لا يتقيد إلا بالإطلاق فإن الإطلاق تقييد فلهذا أمرنا بالتقصير في كل ما ينطلق عليه اسم سفر قربة كان أو مباحا أو معصية و من راعى أو كان مشهده قوله تعالى كَلاّٰ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ و قوله وَ أَنَّ هٰذٰا صِرٰاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لاٰ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ لم ير التقصير إلا في سفر الطاعة أو في سفر الطاعة و المباح لأن الصلاة قربة إلى اللّٰه سعادية و المذهب الأول أولى فإن المعصية لم يثبت كونها معصية عند هذا المسافر فيها إلا بكونه مؤمنا أو على مذهب خاص بالمؤمن بها أنها معصية فهو ممن خلط عَمَلاً صٰالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً و هو مسافر فلأي معنى نراعي حكم المعصية فنقول بأنه لا يقصر بكونه سافر في غير ما يرضى اللّٰه و غاب صاحب هذا القول عن حكم الايمان بهذه المعصية من هذا المسافر أنه مؤمن بأنها معصية فهو في طاعة فإنه قد أرضى الرب سبحانه من كونه مؤمنا بأنها معصية و الايمان في حكمه أقوى من الفعل المعين المسمى معصية فما يمنعه إن يحكم له بجواز القصر و هو مسافر بإيمانه بها في طاعة أيضا و الحسنة بعشر و السيئة واحد إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صٰابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ فكيف إن كانوا مائتين و المعصية في عشرين و الآيات التي أحتج بها من تعيين الصراط و الحجة إنما ذلك فيمن ليس بمؤمن و من ليس بمؤمن فما هو مخاطب بتمام و لا قصر لأن الصلاة لا تجب عليه إلا بعد الايمان و إن كان مخاطبا بالجملة فمذهبنا أولى في هذه المسألة

(وصل في فصل الموضع الرابع من الخمسة المواضع)

و هو الموضع الذي منه يبدأ المسافر بالقصر قال بعض العلماء لا يقصر حتى يخرج من بيوت القرية و لا يتم حتى يدخل أول بيوتها و من قائل لا يقصر إذا كانت قرية جامعة حتى يكون منها بنحو ثلاثة أميال

(وصل الاعتبار في ذلك)

الإنسان جسم و روح فما دام روح الإنسان مستوطنا في جسمه و عالم حسه يجري بحكم طبيعته فهو مقيم غير مسافر فيتم صلاته فإذا سافر الروح عن جسمه و تركه وراء بحال فناء فقد غاب عنه في أول قدم و إذا غاب عنه فسنته القصر في الصلاة و معنى القصر هنا ما يختص به الروح من حكم الصلاة من كونه روحا لا من كونه مدبر الجسم فإنه في هذه الحال غائب عن جسمه فلا يبقى عليه من حكم الصلاة إلا ما يختص به و من راعى كون جسميته ذات ثلاث شعب و هو ما يحويه من الطول و العرض و العمق و هو سار في كل مسمى بالجسم إلا في مذهب المتكلمين فإن الجسم عندهم طول بلا عرض يعني أقل جسم و في مذهب غيرهم ثمانية جواهر هي أقل الأجسام فإنه جمع بين الطول من كونه جوهرين و العرض من كونه أربعة جواهر و هو السطح و العمق من كونه ثمانية جواهر و هو سطحان و أربعة خطوط و سواء كان عند هذا الروح جسمه الخاص به أو انتقل عن جسمه في غيبته المدبر له إلى جسم آخر طبيعي يشاهده فما زال من حكم الجسمية فلا يقصر حتى يغيب عنها بالكلية و يتجرد عن مشاهدة الجسمية و يبقى روحا فحينئذ يبتدئ بصلاته الخاصة به و هو القصر فهذا اعتبار صاحب الثلاثة الأيام

[القرية الجامعة و هي الجسمية الشاملة]

و القرية الجامعة و هي الجسمية الشاملة لجسمه و لجسم غيره فإن من أصحابنا من يقول إنه من انتقل في غيبته من صورة حسه إلى صورة محسوسه فلا يسمى غائبا كانت تلك الصورة ما كانت روحانية أو أسمائية أو معنوية أو جسمية مهما تجلت له في الصور الجسمية فهو مقيم في الجسم فوجب عليه الإتمام في الصلاة التي يدخلها القصر و الإتمام و هي الرباعية فإن الثنائية و هي الصبح لا يدخلها القصر فإن الركعة الواحدة لوحدانية الحق و الركعة الثانية لوحدانية العبد فلا بد من مصل و مصلى له فلا قصر في صلاة الصبح و أما الثلاثية و هي المغرب فإن الركعتين اللتين يجهر فيهما فهما شفعية الإنسان و كونهما يجهر فيما بالقراءة لأنهما نصبتا دليلا على الحق و الدليل لا يكون إلا علانية ظاهرا معلوما و دليل بغير مدلول لا يصح فكانت الركعة الثالثة لوجود المدلول و هو الحق و كانت القراءة فيها سرا لكونه غيبا فلا سبيل إلى القصر في المغرب فإنه دليل على العبد و شفعيته و على الحق و أحديته

[لا يعرف الواحد إلا بالواحد]

فلم يبق القصر إلا في الرباعية لوجود

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 470
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست