responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 453

هو في غير صف إلا في صف من ذاته و بهذا أجاز من أجاز الصلاة خلف الصف وحده و قد بينا مذهبنا في ذلك بطريقة تعضدها أصول الشرع

(فصل بل وصل في الرجل أو المكلف يريد الصلاة فيسمع الإقامة هل يسرع في المشي إلى
المسجد مخافة أن يفوته جزء من الصلاة أم لا)

[حكم الإسراع في المشي إلى المسجد من الوجهة الشرعية]

فمن قائل لا يجوز الإسراع بل يأتي و عليه السكينة و الوقار و به أقول و من قائل يجوز الإسراع حرصا على الخير و أكره له ذلك

(وصل اعتبار ذلك) [من الوجهة الباطنية]

المسارعة إلى الخيرات مشروعة و السكينة مشروعة و الوقار و الجمع بينهما أن تكون المسارعة بالتأهب المعتاد قبل دخول وقتها فيأتيها بسكينة و وقار فيجمع بين المسارعة و السكينة و إنما أمر العبد بالمسارعة إلى الخيرات لتصرفه في المباحات لا غير فمن كانت حالته أن لا يتصرف في مباح فهو في خير على كل حال و لذلك ورد ما يدل على الحالين معا فقيل سٰارِعُوا إِلىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ و هي العبادة هنا من سارع إليها فقد سارع إلى المغفرة و قال في الحالة الأخرى أُولٰئِكَ يُسٰارِعُونَ فِي الْخَيْرٰاتِ فجعل المسارعة فيها و في الأولى إليها فإنها ما هي نائبة عنه و هنا وجه أيضا و ذلك أن المغفرة لا تصح إلا بعد حصول فعل الخير الموجب لها فنحن نسارع في الخيرات إلى المغفرة فكان المسارع فيه غير المسارع إليه فالعبد إذا كان تصرفه في غير المباح فلا بد أن يكون في مندوب أو واجب فإن كان في مندوب و استشعر بحصول وقت واجب سارع إليه في مندوبة بإقامة أسبابه التي لا يصح ذلك الواجب إلا بها و معنى المسارعة هنا المبادرة إلى الأفعال التي هي شرط في صحة ذلك الواجب فمن رأى الجماعة واجبة و من قال بإتمام الصف و وجوبه و هو في خير فإنه آت إلى الصلاة مثلا فيسمع الإقامة فأمره الشارع أن يأتي إليه و عليه وقار و سكينة و سبب ذلك أن الحق لا يتقيد بالأحوال و أن الآتي إلى الصلاة في صلاة ما دام يأتي إليها أو ينتظرها فنفس الإسراع المشروع قد حصل و أما الإسراع بالحركة فإنه يقتضي سوء الأدب و تقييد الحق و لهذا

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم للذي دب و هو راكع حتى دخل الصف و هو أبو بكرة زادك اللّٰه حرصا و لا تعد يعني إلى إسراع الحركة و ما قال له زادك اللّٰه إسراعا فإن الحرص أوجب له الإسراع فنبهه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم على إن الحرص على الخير هو المطلوب و هو الإسراع المطلوب لله من العبد لا حركة الاقدام فإن ذلك يؤذن بتحديد اللّٰه و اللّٰه مع العبد حيث كان و قد وقع لك التفريط أولا بتأخرك فهنالك كان ينبغي لك الإسراع بالتأهب كما حكي عن بعضهم أنه ما دخل عليه منذ أربعين سنة وقت صلاة إلا و هو في المسجد و حكي عن آخر أنه بقي كذا سنة ما فاتته تكبيرة الإحرام مع الإمام و قوله بوقار يشير أن العبد ينبغي له أن يعامل اللّٰه في نفسه بما يستحقه من الجلال و الهيبة و الحياء فإن هذه الأحوال تؤثر ثقلا في الجوارح و تثبت الموازنة حركته مع اللّٰه أن يقع منه كما أمره اللّٰه بخضوع و خشوع و هو السكينة المطلوبة كما قال لو خشع قلبه لخشعت جوارحه يعني لسرى ذلك في جوارحه فإن السرعة بالإقدام لا تكون إلا ممن همته متعلقة بالجهة التي يسارع إليها من أجل اللّٰه لا بالله و ينبغي للعبد أن تكون همته متعلقة بالله فيكون المشهود له الحق تعالى و من كان بهذه المثابة كانت حالته الهيبة و السكون فلا تسمع إلا همسا قال تعالى وَ خَشَعَتِ الْأَصْوٰاتُ لِلرَّحْمٰنِ فَلاٰ تَسْمَعُ إِلاّٰ هَمْساً هذا مع الاسم الرحمن فكيف بمن لا يعرف أي اسم إلهي يمشي إليه أو يمشي به فمن كان حاله في الوقت ما يمشي إليه و يقصده أجاز الإسراع و من كان حاله مشاهدة من يقصد به قال لا يجوز فإنه تضييع للوقت و الشارع إنما يراعي وارد الوقت و وقت الآتي إلى الصلاة مشاهدة المقصود بها فشرع له السكينة و الوقار في الإتيان دون سرعة الأقدام إعظاما لحرمة الوقت و استيفاء لحقه

(فصل بل وصل)
[وقت قيام المأموم إلى الصلاة من الوجهة الشرعية]

متى ينبغي للمأموم أن يقوم إلى الصلاة إذا كان في المسجد ينتظر الصلاة فمن قائل في أول الإقامة و من قائل عند قوله حي على الصلاة و من قائل عند قوله حي على الفلاح و من قائل حتى يرى الإمام و هو الأولى عندي و من قائل لا توقيت في ذلك و

قد ورد عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم لا تقوموا حتى تروني فإن صح هذا الحديث وجب العمل به و لا يعدل عنه و أما مذهبنا في ذلك إن لم يصح هذا الحديث المسارعة في أول الإقامة ثم إن عندنا و لو صح الحديث

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 453
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست