responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 441

سجود الوجه كالحياة و لما كانت الحياة تقتضي الشرف و العزة لنفسها على سائر الصفات و الأسماء لكون هذه الصفات في وجودها مشروطة بوجود الحياة و كانت العزة و الحياة مرتبطتين كالشيء الواحد مثل ارتباط الجبهة و الأنف في كونهما عظما واحدا و إن كانت الصورة مختلفة فمن قال إن المقصود الوجه و أدنى ما ينطلق عليه اسم الوجه يقع به الاجتزاء أجاز السجود على الأنف دون الجبهة و على الجبهة دون الأنف كالذي يرى أن الذات هي المطلوبة الجامعة و من نظر إلى صورة الأنف و صورة الجبهة و نظر إلى الأولى باسم الوجه فغلب الجبهة و إن الأنف و إن كان مع الجبهة عظما واحدا لم يجز السجود على الأنف دون الجبهة لأنه ليس بعظم خالص بل هو للعضلية أقرب منه إلى العظمية فتميز عن الجبهة فكانت الجبهة المعتبرة في السجود كذلك الحياة هي المعتبرة في الصفات و إن العزة و إن كانت لها بالإحاطة فإن العلم له الإحاطة أيضا فاشتركا فلم ير للعزة أثرا في هذا الأمر و من قال لا بد أن يكون وجه الحق منيع الحمى عزيزا لا يغالب قال بالسجود على الجبهة و الأنف معا و لما كان الأنف في الحس محل التنفس و التنفس هو الحياة الحيوانية كانت نسبته إلى الحياة أقرب النسب

[الأعضاء السبعة و الصفات السبع و نظام العالم]

و بوجود هذه السبعة ثم نظام العالم و كان مألوها مربوبا و لم يبق في الإمكان حقيقة إمكانية تطلب أمرا زائدا على هذه السبعة فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه ليس في الوجود أكمل من الحق و كماله في ألوهته بهذه الصفات المنسوبة إليه سبحانه فلو انعدمت صفة واحدة من هذه الصفة أو نسبة لم تصح المرتبة التي أوجدت العالم و لم يكن للعالم وجود و قد وجد فالمرتبة موجودة فالكمال حاصل و الارتباط معقول و لو ارتفع السبب لارتفع المسبب و لو زال المسبب من العقل لم يجد السبب من يظهر فيه أثره فيزول كونه سببا و كونه سببا إنما هو لذاته فينعدم السبب لانعدام المسبب من كونه سببا لا غير لا من حيث العين المنسوب إليها السببية فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ من ذاته و كلامنا إنما هو من كونه إلها فكلامنا في المرتبة لا في العين كما نتكلم في السلطان من كونه سلطانا لا من كونه إنسانا و لا فائدة في الكلام إلا في حقائق المراتب لأن بها يعقل التفاضل بين الأعيان يقول أبو طالب المكي رحمه اللّٰه إن الأفلاك تدور بأنفاس العالم و إذا أعطى الأمر ما في قوته بحيث لا يبقى عنده شيء يعطيه هلك من كونه معطيا و المعتبر في بقاء العالم إنما هو عين جوهره الذي أظهرت كونه صورة ما فالصور لا يلزم من انعدام شيء منها انعدام العالم من حيث جوهريته إلا أن لا تكون الصورة أصلا فيعدم العالم من حيث جوهره لانعدام جميع الصور و يتعلق بهذا الباب مسائل من الإلهيات كثيرة

(فصل بل وصل في الإقعاء)

[أصل عام يسرى في جميع مسائل الشرع]

أريد أن أعطى أصلا في هذه المسألة يسرى في جميع مسائل الشرع فنقول إن الشارع إذا أتى بلفظ ما فإنه يحمل ذلك اللفظ على ما هو المفهوم منه بالمصطلح عليه في لغة العرب إلى أن يخصص الشارع ذلك اللفظ بوصف خاص يخرجه بذلك الوصف عن مفهوم اللسان المصطلح عليه فإذا عين الشارع ما أراده بذلك اللفظ صار ذلك الوصف بذلك اللفظ أصلا فمتى ورد اللفظ به من الشارع فإنه يحمل على المفهوم منه في الشرع حتى يدل دليل آخر من الشرع أو من قرائن الأحوال أنه يريد بذلك اللفظ المفهوم منه في اللغة أو أمرا آخر بعينه أيضا هذا مطرد في جميع ما يتلفظ به الشارع و مثاله لفظة الوضوء و الصلاة و الصيام و الحج و الزكاة و أمثال هذا

[الإقعاء هيئته و حكمه في الصلاة]

ثم نرجع إلى ما نحن بسبيله فأقول إن الإقعاء المفهوم منه في اللغة إقعاء الكلب و القرد و صفته أن يجلس الرجل على أليتيه يفضي بهما إلى الأرض في الصلاة ناصبا فخذيه فهذه صفة الإقعاء إقعاء الكلب و السبع و لا خلاف اذكر بين العلماء أن هذه الهيئة ليست من صفات الصلاة و قد ورد النهي عن الإقعاء في الصلاة فنحن نحمله على الإقعاء المعروف في اللسان فإن خصصه الشرع بهيئة مخصوصة تخرجه عن المفهوم منه في اللسان منطوق بها وقفنا عندها و نعلم أن تلك الهيئة هي التي نهي عنها فقالت طائفة إن الإقعاء المنهي عنه هو أن يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين و أن يجلس على صدور قدميه و روى عن ابن عمر أنه كان يفعل ذلك لأنه كان يشتكي قدميه و الثابت عن ابن عمر أن قعود الرجل على صدور قدميه ليس من سنة الصلاة و كان ابن عباس يقول الإقعاء على القدمين في السجود على هذه الصفة هي سنة نبيكم صلى اللّٰه عليه و سلم

(الاعتبار في ذلك)

هيأة الإقعاء هيأة المستوفز المحتفز و هكذا ينبغي أن يكون العبد مع اللّٰه في أحواله و لهذا قال ابن عباس الإقعاء سنة نبيكم صلى اللّٰه عليه و سلم فإن العبد ينبغي

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 441
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست