responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 417

خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس و ذلك لما قال له عز و جل وَ ثِيٰابَكَ فَطَهِّرْ فجاء في دعائه بلفظ الثوب أعلاما للحق لقوله حتى تعلم و هذا غاية الأدب حيث يترك علمه لإيمانه أي ما دعوتك إلا بما أمرتني به أن أفعله من تطهير الثوب لمناجاتك فلتكن أنت يا رب المتولي لذلك التطهير فإنه لا حول لي و لا قوة إلا بك و كل وصف لا يليق بجلالك فهو خطية من تخطيت و هو أن يتجاوز العبد حده فيخطو في غير محله و يجول في غير ميدانه فهو كالماشي في الأرض المغصوبة فإذا خطأ العبد في غير ما أمره به سيده سمي مخطئا و خاطئا و سميت تلك الفعلة و الحركة خطيئة فالعبد عبد و الرب رب

(وصل
لبقية الدعاء)

ثم يقول اللهم اغسلني من خطاياي بالماء و الثلج و البرد أي تول أنت سبحانك غسل خطاياي فأضاف الغسل إليه يقول فإنك قد شرعت لي أن أقول لا حول و لا قوة إلا بالله و شرعت لي أن أقول إذا قلت إِيّٰاكَ نَعْبُدُ أقول وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ أي على عبادتك فإن لم تتولني بقوتك و معونتك فيما أمرتني به من تطهير ذاتي لمناجاتك فكيف أناجيك في حالة جعلتها دنسا و أنت القائل وَ جَعَلْنٰا مِنَ الْمٰاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ فاغسل خطاياي بالماء أي أحي قلبي بأن تبدل سيئاته حسنات بالتوبة و العمل الصالح فهذه الحياة هنا على هذا الحال بورود الماء على النجاسة و الدنس تطهير أي ما كان دنسا صار نقيا و ما كان نجسا صار طاهرا فإن دنسه و نجاسته لم تكن لذاته و إنما كان بحكم شرعي انفرد به هذا الموطن فلما اجتمع بالماء لورود الماء عليه كان للاجتماع حكم آخر سمي به نقاء و طهارة فعاد القبيح حسنا و السيئة حسنة فمثل هذا الفعل هو المطلوب لا إزالة العين بل إزالة الحكم فإن العين موجودة في الجمع بينها و بين الماء و قوله و الثلج يقال في الرجل إذا سر قلبه بأمر ما ثلج فؤاد الرجل أي هو في أمر يسر به فيقول يا رب إنك إذا فعلت مثل هذا الغسل سر قلبي حيث تطهر لما يرضيك بما يرضيك فينقلب غمه سرورا

[ما ثم إلا اللّٰه و أنا]

و قوله و البرد هو ما ينطفي من جمرة الاحتراق الذي قام بالقلب من كونه حين دعاه ربه لمناجاته على حالة لا يصلح أن يقف بها بين يدي ربه فيحب ما يطفي تلك النار فجاء بلفظ البرد من البرد و في رواية بالماء البارد فهو المستعمل في كلام العرب كذا رويناه عنهم قال شاعرهم

و عطل قلوصي في الركاب فإنها ستبرد أكبادا و تبكي بواكيا
يقول إن من الناس من كان في نفسه من حياتي حرقة و نار حسدا و عداوة إذا رأوا قلوصي معطلة عرفوا بموتي فبرد عنهم ما كانوا يجدونه بحياتي من النار و أبكت أوليائي الذين كانوا يحبون حياتي فانتقلت صفات هؤلاء إلى هؤلاء و هؤلاء إلى هؤلاء كما انتقل ذل الأولياء و تعبهم و نصبهم و مكابدتهم و كدهم في الدنيا في طاعة ربهم إلى الأشقياء من الجبابرة في النار و انتقل سرور الجبابرة و راحة أهل الثروة في الدنيا إلى أهل السعادة أهل الجنة في الآخرة فالذي ذكر هذا الشاعر في شعره هي حالة كل موجود إذ كل موجود لا بد له من عدو و ولي قال تعالى لاٰ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ فجعلهم أعداء له كما قال في جزائه إياهم ذٰلِكَ جَزٰاءُ أَعْدٰاءِ اللّٰهِ فإذا كان لله أعداء فكيف بأجناس العالم و كذلك الولاية لله أولياء و لكل موجود فالعالم بالله المشغول به من يقول ما ثم إلا اللّٰه و أنا فيفني الكل في جناب الحق و هو الأولى و هو الولي حقا إذ كانت هذه الحالة سارية حقا و خلقا فَإِنَّ اللّٰهَ عَدُوٌّ لِلْكٰافِرِينَ كما هو ولي للمؤمنين فهم عبيده أعداؤه فكيف حال عبيده بعضهم مع بعض بما فيهم من التنافس و التحاسد فإذا سأل العارف من اللّٰه هذا التطهير بعد تكبيرة الإحرام عند ذلك يشرع في التوجيه

(وصل متمم لأكمل صلاة في التوجيه)

[العالم بالله يعمد إلى أكمل الصلوات عند اللّٰه]

و إنما ذكرنا هذا لأن العالم بالله يعمد إلى أكمل الصلوات عند اللّٰه في حالاتها من أقوال و أفعال و إن لم يكن بطريق الوجوب و لكن أولياء اللّٰه أولى بصورة الكمال في العبادات لأنهم يناجون من له الكمال المحقق بما يجب له فإن ذلك واجب عليهم أوجبته معرفتهم و شهودهم

[توجيه الوجه عن شرع الرب]

ابتداء التوجيه فيقول العبد وجهت وجهي فأضاف العبد الوجه إلى نفسه عن شرع ربه له فيه أدبا مع اللّٰه بحضوره مع الحق في أنه لسانه الذي يتكلم به و دعاه إلى هذه الإضافة قوله تعالى بيني و بين عبدي فأثبته و إنما هو بالحقيقة مضاف إلى سيده فإن العبد الأديب العارف هو وجه سيده إذ لا ينبغي أن يضاف إلى العبد شيء فهو المضاف و لا يضاف إليه فإذا أضاف السيد نفسه إليه فهو على جهة التشريف و التعريف مثل قوله وَ إِلٰهُكُمْ و مثل ذلك و أضاف فعل التوجيه إلى نفسه لعلمه أن اللّٰه قد أضاف العمل إلى العبد فقال يقول العبد الحمد لله و القول عمل من الأعمال فالعالم لا يزال أبدا يجري مع الحق على

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 417
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست