responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 416

أثنى على عبدي أي خلع على حلل الثناء و الحق سبحانه على الحقيقة المثنى على نفسه بلسان عبده كما أخبرنا أنه قال على لسان عبده سمع اللّٰه لمن حمده فانظر ما أشرف مرتبة المصلي كيف وصفه الحق بأنه يخلع حلل الثناء على سيده و أين المصلي الذي تكون هذه حالته هيهات بل الناس استنابوا ألسنتهم لسوء أدبهم و عدم علمهم بمن دعاهم و بما دعوا له من طلب الثناء فلم يجيبوا إلا بظواهرهم و راحوا بقلوبهم إلى أغراضهم فهم المصلون الساهون في صلاتهم لا عن صلاتهم للحالة الظاهرة من الإجابة لندائه و لكونهم أقاموا ظواهرهم نوابا عنهم بين يدي القبلة عن أمر اللّٰه فلما دعاهم الحق إلى هذا المقام و جاء العالم بالله و كبر تكبيرة الإحرام كما ذكرناه و لم ير نفسه أهلا لمناجاة ربه إلا بعد تجديد طهارة لقوله وَ ثِيٰابَكَ فَطَهِّرْ و الثوب في الاعتبار القلب قال العربي

فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
و قيل في تفسير قوله وَ ثِيٰابَكَ فَطَهِّرْ إنه أمر بتقصير ثيابه

يقول علي بن أبي طالب رضي اللّٰه عنه في هذا المعنى

تقصيرك الثوب حقا أنقى و أبقى و اتقى

[طهر القلب لمناجاة و في مناجاة الرب]

و لا شك أن العبد فرض عليه رؤية تقصيره في طاعة ربه فإنه يقصر بذاته عما يجب لجلال ربه من التعظيم فهو تنبيه إلهي على أن يطهر العبد قلبه إذ كان ثوب ربه الذي وسعه في

قوله وسعني قلب عبدي فمثل هذا الثوب هو المأمور بتطهيره في هذا المقام ثم إن العارف رأى أن طهر قلبه لمناجاة ربه إذا طهره بنفسه لا بربه زاده دنسا إلى دنسه كمن يزيل النجاسة من ثوبه ببوله لكونه مائعا و أن التطهير المطلوب هنا إنما هو البراءة من نفسه ورد الأمر كله إلى اللّٰه فإن اللّٰه يقول وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ و لهذا لا يصح له عندنا أن يناجيه في الصلاة بغير كلامه لأنه لا يليق أن يكون في الصلاة شيء من كلام الناس و كذا ورد في الخبر أن الصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح الحديث ثم أيد هذا القول بما أمر به

حين نزل قوله تعالى فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قال صلى اللّٰه عليه و سلم لنا اجعلوها في ركوعكم و لما نزلت سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال صلى اللّٰه عليه و سلم لنا اجعلوها في سجودكم فعمنا القرآن في أحوالنا من قيام و ركوع و سجود فما ذكره المصلي في شيء من صلاته إلا بما شرعه له على لسان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و عرفنا أنه مٰا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوىٰ إِنْ هُوَ إِلاّٰ وَحْيٌ يُوحىٰ و إن لم نسم كل كلام إلهي قرآنا مع علمنا أنه كلام اللّٰه فالقرآن كلام اللّٰه و ما كل كلام اللّٰه قرآن فالكل كلامه فلا نناجيه في شيء من الصلاة إلا بكلامه

[دعاء التوجيه عند العارف]

كذلك التطهير الذي أمر به سبحانه في قوله وَ ثِيٰابَكَ فَطَهِّرْ فيقول العارف في صلاته بين تكبيرة الإحرام و قراءة فاتحة الكتاب امتثالا لهذا الأمر اللهم باعد بيني و بين خطاياي و هي النجاسات المتعلقة بثوبه كما باعدت بين المشرق و المغرب و السبب في ذلك أن العبد العالم إذا دعاه الحق إلى مناجاته فقد خصه بمحل القربة منه فإذا أشهده خطاياه في موطن القرب و هي في ذاتها في كل البعد من تلك المكانة كان العبد في محل البعد عما طلب الحق منه من القرب فدعا اللّٰه قبل الشروع في المناجاة أن يحول بينه و بين مشاهدة خطاياه أن تظهر له في قلبه في هذا الموطن الذي هو موطن القربة و لذلك قال بعضهم في حد التوبة أن تنسى ذنبك فإن ذكر الجفاء في موطن الصفا جفا و ما رأيت فيمن رأيت أحدا تحقق بهذا المقام ذوقا إلا بعض الملوك في مقامه مع الخلق فلا يريد أن يظهر له شيء من خطاياه بتخيل أو تذكر كما باعدت بين المشرق و المغرب و في هذا التشبيه علم عزيز غزير و لكنه أراد هنا البعديين الضدين إذ كان الضدان لا يجتمعان و العلم الذي نبهنا عليه مبطون في هذين الضدين إذ يجتمعان في حكم ما كالبياض و السواد يجتمعان في اللون كالمحدث و غير المحدث في الوصف بالوجوب فالمشرق و إن بعد عن المغرب حسا فإنه يشاهد كل واحد صاحبه على التقابل و هو بعد حسي بالموضعين و بعد معنوي بالشروق و الغروب فإن الغروب يضاد الشروق و محل الشروق الذي هو المشرق بعيد جدا من محل الغروب الذي هو المغرب و لم يقل كما باعدت بين السواد و البياض فإن اللونية تجمع بينهما فانظر ما أحكم هذا التعليم و ما أحقه و أدقه و تأدب مع اللّٰه حيث طلب البعد من خطاياه و ما طلب إسقاطها عنه حتى لا يكون في ذلك الموطن في حظ نفسه يسعى و يطلب فيكون بمنزلة من وجه الملك فيه ليدخل عليه فلما دخل عليه طلب منه ابتداء ما يصلح لنفسه فهذا سيئ الأدب و إنما ينبغي له أن يطلب من الحق ما يليق مما تطلبه تلك الحالة من التأهب لمناجاة سيده فطلب البعد من الخطايا ما طلب الإسقاط

(وصل فيه و منه) [تتمة شرح حديث دعاء التوجيه]

ثم قال اللهم نقني من

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 416
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست