responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 410

عبدا في الصلاة و العبودة هي الذلة و قال تعالى في وصف الأرض إنه جعلها لنا ذلولا فنمشي في مناكبها : فهي تحت أقدامنا و هذا غاية الذلة من يكون يطئوها الذليل و لما كانت بهذه المنزلة من الذلة أمرنا أن نضع عليها أشرف ما عندنا في ظاهرنا و هو الوجه و إن نمرغه في التراب فعل ذلك جبر الانكسار الأرض بوطء الذليل عليها الذي هو العبد فاجتمع بالسجود وجه العبد و وجه الأرض فانجبر كسرها فإن اللّٰه عند المنكسرة قلوبهم فكان العبد في ذلك المقام بتلك الحالة أقرب إلى اللّٰه سبحانه من سائر أحوال الصلاة لأنه سعى في حق الغير لا في حق نفسه و هو جبر انكسار الأرض من ذلتها تحت وطء الذليل لها فتنبه لما أشرت إليك فإن الشرع ما ترك شيئا إلا و قد أشار إليه إيماء علمه من علمه و جهله من جهله و لهذا لم يعلم أسرار هذه الأمور إلا أهل الكشف و الوجود فإن جميع العالم يخاطبونهم و يعرفونهم بحقائقهم و لقد أخبرني أبو العباس الحريري بمصر سنة ثلاث و ستمائة عن أبي عبد اللّٰه القرياقى أنه كان يمشي معه في سويقة وردان و كان قد اشترى قصرية صغيرة لابن صغير كان عنده ليبول فيها فضمهم منزل و القصرية عنده جديدة و معهم رجال صالحون فأرادوا أكل شيء فطلبوا إداما يأتدمون به فاتفق رأيهم على أن يشتروا قطارة السكر فقالوا هذه القصرية ما مسها قذر و هي جديدة على حالها فملئوها قطارة و قعدوا يأكلون إلى أن فرغوا و انصرف الناس و مشى صاحب القصرية بها مع أبي العباس قال أبو العباس فو الله لقد سمعت بإذني هذه و سمع معي الشيخ أبو عبد اللّٰه القرياقى القصرية و هي تقول بعد أن أكل في أولياء اللّٰه أكون وعاء للقذر و اللّٰه لا كان ذلك و انتفضت من يده و سقطت على الأرض فتكسرت قال أبو العباس فأخذنا من كلامها حال فلما قال لي ذلك قلت له إنكم غبتم عن وجه موعظة القصرية إياكم ليس الأمر كما زعمتم و كم من قصرية أكل فيها من هو خير منكم و بعد ذلك استعملت في القذر و إنما قالت لكم يا إخواني لا ينبغي لكم بعد أن جعل اللّٰه قلوبكم أوعية لمعرفته و تجليه أن تجعلوها وعاء للاغيار و ما نهاكم اللّٰه أن تكون قلوبكم وعاء له ثم تكسرت أي هكذا فكونوا مع اللّٰه فقال لي ما جعلنا بالنا لما نبهتنا عليه

(فصل بل وصل في اشتمال الصلاة على أقوال و أفعال)

أما الشروط المشترطة في الصلاة فمنها أقوال و منها أفعال أما الأفعال فجميع الأفعال المباحة التي ليست أفعال الصلاة إلا قتل الحية و العقرب في الصلاة فإنهم اختلفوا في ذلك و اتفقوا على أن الفعل الخفيف لا يبطل الصلاة الاعتبار في النفس في ذلك عقرب الهوى و حية الشهوة تخطر للمناجي ربه فهل يقتلهما أو يصرفهما في مصرفهما الذي عين لهما الشارع لما علم العارف أن قتلهما محال فيهوي ما عند اللّٰه بهواه و يشتهي دوام مناجاته بشهوته فيرى بأن لا يقتلهما من هذا مذهبه و يرى قتلهما من يرى أنهما قد حالا بينه و بين مناجاته ربه و أما الأقوال فإنها أيضا التي ليست من أقوال الصلاة فلم تختلف العلماء في أنها تفسد الصلاة عمدا إلا أن العلماء اختلفوا من ذلك في موضعين الموضع الواحد إذا تكلم ساهيا و الموضع الآخر إذا تكلم عامدا لإصلاح الصلاة و من قائل و هو قول شاذ إن من تكلم في الصلاة عامد الأحياء نفس أو أمر كبير إنه يبني على ما مضى من صلاته و لا يفسدها ذلك و هو مذهب الأوزاعي و من قائل إن الكلام عمدا لإصلاح الصلاة لا يفسدها و من قائل إن الكلام يفسدها كيف كان إلا مع النسيان و من قائل إن الكلام يفسدها مع النسيان و مع غير النسيان الاعتبار المصلي يناجي ربه فإذا ناجى غيره من أجله ما زال من مناجاة ربه و إذا ناجى غيره لا من أجل ربه فقد خرج عن صلاته و النسيان في مناجاة الحق غير معتبر إلا من غلب من أصحابنا على المناجي مشاهدة الحجاب فإن اللّٰه لا يناجي عبده إلا من وراء حجاب كما قال تعالى وَ مٰا كٰانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّٰهُ إِلاّٰ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ و أقرب الحجب الصورة التي يقع فيها التجلي هذا أقرب الحجب فإنه ما هو الصورة و لا غيرها فمن شغلته الصورة عن نسبة ما هو الصورة أو شغله ما هو الصورة عن نسبة هو الصورة فهو الناسي في الحالتين فيكون حكمه في الاعتبار كحكمه في الظاهر من الخلاف الواقع بين العلماء فافهم

(فصل بل وصل في النية في الصلاة)

فمن قائل إنها شرط في صحة الصلاة بل قد اتفق العلماء عليها إلا من شذ اعتبار النفس في ذلك قد يقصد العبد مناجاة ربه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 410
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست