responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 406

خياله إن ضعف عن تعليق العلم به من حيث ما يقتضيه جلاله فإن المصلي و إن واجه الحق في قبلته كما ورد في النص فإنه كما قال مِنْ وَرٰائِهِمْ مُحِيطٌ فهو السابق و الهادي فهو سبحانه الذي نواصي الكل بيده الهادي إلى صراط مستقيم و الذي يسوق اَلْمُجْرِمِينَ إِلىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَ تَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَ مٰا رَبُّكَ بِغٰافِلٍ عَمّٰا تَعْمَلُونَ

(فصل بل وصل في الصلاة في داخل البيت)

[أقوال الفقهاء في الصلاة داخل الكعبة]

فمن قائل بمنع الصلاة في داخل الكعبة على الإطلاق و من قائل بإجازة ذلك على الإطلاق و من العلماء من فرق في ذلك بين النفل و الفرض و كل له مستند في ذلك يستند إليه

اعتبار ذلك في الباطن

و بعد تقرير الحكم في الظاهر الذي شرع لنا و تعبدنا به و لم نمنع من الاعتبار بعد هذا التقرير فنقول هذه حالة من كان الحق سمعه و بصره و لسانه و يده و رجله لكن في حال إجالة كل جارحة فيما خلقت له هكذا قيد الصادق في خبره و في ذلك ذكرى لِمَنْ كٰانَ لَهُ قَلْبٌ و لما كانت هذه الحالة الواردة من الشارع في الخبر الصحيح عنه و تأيد الكشف بذلك الخبر عند السامع حالة النوافل و نتيجتها لهذا

تنفل في الكعبة رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم لما دخلها كما ورد و كان يصلي الفريضة خارج البيت كما كان يتنفل على الراحلة حيث توجهت به فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ و قد علمنا إن الأمر في نفسه قد يكون كما نراه و نشهده و هذا هو الذي أعطى مشاهدة هذا المقام فهو يراه سمع غيره كما يراه سمع نفسه فالكرامة التي حصلت لهذا الشخص إنما هي الكشف و الاطلاع لا أنه لم يكن الحق سمعه ثم كان إلا أن يتعالى اللّٰه عن العوارض الطارئة و هذه المسألة من أعز المسائل الإلهية

[اللّٰه هو الوجود و به ظهرت الأعيان]

فمن استصحب هذا الحكم في الظاهر أجاز الصلاة كلها فرضها و نفلها داخل الكعبة فإن كل ما سوى اللّٰه لا يمكنه الخروج عن قبضة الحق فهو موجدهم بل وجودهم و منه استفادوا الوجود و ليس الوجود خلاف الحق و لا خارجا عنه يعطيهم منه هذا محال بل هو الوجود و به ظهرت الأعيان

يقول القائل بحضرة رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم مرتجزا و هو يسمع

و اللّٰه لو لا اللّٰه ما اهتدينا و لا تصدقنا و لا صلينا
و رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يعجبه ذلك و يصدقه في قوله

فنحن به سبحانه و له كما ورد في الخبر الصحيح فإذا نظرنا إلى ذواتنا و إمكاننا فقد خرجنا عنه و إمكاننا يطلبنا بالنظر و الافتقار إليه فإنه الموجد أعياننا بجوده من وجوده و هو اعتبار قوله وَ مِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ فتفسيره من كل جهة خرجت مصليا فاستقبل المسجد الحرام و في الإشارة من حيث خرجت إلى الوجود أي من زمان خروجك من العدم إلى الوجود و في الاعتبار يقول بأي وجه خرجت من الحق إلى إمكانك و مشاهدة ذاتك فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ يقول فارجع بالنظر و الاستقبال مفتقرا مضطرا إلى مأمنه خرجت فإنه لا أين لك غيره فانظر فيه تجده محيطا بك مع كونه مستقبلك فقد جمع بين الإطلاق و التقييد فأنت تظن إنك خرجت عنه و ما استقبلت إلا هو و هو من ورائك محيط و حيثما كنتم من الأسماء الإلهية و الأحوال فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ ذواتكم شَطْرَهُ أي لا تعرضوا عنه و وجه الشيء عينه و ذاته فإن الإعراض عن الحق وقوع في العدم و هو الشر الخالص كما إن الوجود هو الخير الخالص و الحق هو الوجود و الخلق هو العدم

قال لبيد

ألا كل شيء ما خلا اللّٰه باطل
فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في هذا القول إنه أصدق بيت قالته العرب
و لا شك أن الباطل عبارة عن العدم

[حيثما أدركتك الصلاة فصل إلا ما خصصه الشارع من ذلك]

و أما حكم هذه الآية في الظاهر إن صلاة الفرض تجوز داخل الكعبة إذ لم يرد نهي في ذلك و لا منع و قد ورد و ثبت حيثما أدركتك الصلاة فصل إلا الأماكن التي خصصها الدليل الشرعي من ذلك لا لأعيانها و إنما ذلك لوصف قام بها فيخرج بنصه ذلك القدر لذلك الوصف و قوله وَ مِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ أي و إذ خرجت من الكعبة أو من غيرها و أردت الصلاة فول وجهك شطرها أي لا تستقبل بوجهك في صلاتك جهة أخرى لا تكون الكعبة فيها فقبلتك فيها ما استقبلت منها و كذلك إذا خرجت منها ما قبلتك إلا ما يواجهك منها سواء أبصرتها أو غابت عن بصرك و ليس في وسعك أن تستقبل ذاتها كلها بذاتها لكبرها و صغر ذاتك جرما فالصلاة في داخلها كالصلاة خارجا عنها و لا فرق فقد استقبلت منها و أنت في داخلها ما استقبلت و لا تتعرض بالوهم لما استدبرت منها إذا كنت فيها فإن الاستدبار

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 406
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست