responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 395

السرحان و هو المستطيل و جعله الشارع من الليل و لا يجوز بظهوره صلاة الصبح و لا يمنع مريد الصوم من الأكل و يشبه أن يكون شبيه الفجر المستطير الذي يصلى بظهوره صلاة الصبح و لا يجوز للصائم أن يأكل بظهوره إلا أن الأظهر عندي إنه شبيه الفجر المستطير الذي يصلى بظهوره الصبح و ذلك لاتصاله بالحمرة إلى طلوع الشمس لا ينقطع بظلمة كما ينقطع الفجر الكاذب كذلك البياض الذي في أول الليل متصل بالحمرة فإذا غابت الحمرة بقي البياض فلو كانت بين البياض و الحمرة ظلمة قليلة كما يكون بين الفجر المستطيل و حمرة أسفار الصبح كنا نلحقها بالفجر الكاذب و نلغي حكمها فكان و اللّٰه أعلم أن الذي يراعي مغيب البياض في أول وقت العشاء أوجه و لكن إذا ثبت أن الشارع صلى في البياض بعد مغيب الشفق الأحمر فنقف عنده فللشارع إن يعتبر البياض و الحمرة التي تكون في أول الليل بخلاف ما نعتبرها في آخر الليل و إن كان ذلك عن آثار الشمس في غروبها و طلوعها و أما قوله تعالى و الصبح إذا تنفس فالأوجه عندي في تفسيره أنه الفجر المستطيل لانقطاعه كما ينقطع نفس المتنفس ثم بعد ذلك تتصل أنفاسه و أما آخر وقتها فمن قائل إنه ثلث الليل و من قائل إنه إلى نصف الليل و من قائل إنه إلى طلوع الفجر و به أقول و لقد رأيت قولا و لا أدري من قاله و لا أين رأيته إن آخر وقت صلاة العشاء ما لم تنم و لو سهرت إلى طلوع الفجر

(الاعتبار في الباطن في
ذلك الاعتبار في أول وقت هذه الصلاة و آخره)

اعلم أن العالم قد قسمه الحق على ثلاث مراتب و قسم الحق أوقات الصلوات على ثلاث مراتب فجعل عالم الشهادة و هو عالم الحس و الظهور هو بمنزلة صلاة النهار فأناجي الحق بما يعطيه عالم الشهادة و الحس من الدلالة عليه و ما ينظر إليه من الأسماء و

قد قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في مثل هذا إن اللّٰه قال على لسان عبده سمع اللّٰه لمن حمده يعني في الصلاة فناب العبد هنا مناب الحق و هذا من الاسم الظاهر فكان الحق ظهر بصورة هذا القائل سمع اللّٰه لمن حمده و كذلك قوله تعالى لنبيه محمد صلى اللّٰه عليه و سلم في حق الأعرابي فَأَجِرْهُ حَتّٰى يَسْمَعَ كَلاٰمَ اللّٰهِ و هو ما سمع إلا الأصوات و الحروف من فم النبي صلى اللّٰه عليه و سلم و قال اللّٰه إن ذلك كلامي و أضافه إلى نفسه فكان الحق ظهر في عالم الشهادة بصورة التالي لكلامه فافهم و جعل عالم الغيب و هو عالم العقل و هو بمنزلة صلاة العشاء و صلاة الليل من مغيب الشفق إلى طلوع الفجر فيناجي المصلي ربه في تلك الصلاة بما يعطيه عالم الغيب و العقل و الفكر من الأدلة و البراهين عليه سبحانه و تعالى و هو خصوص دلالة لخصوص معرفة يعرفها أهل الليل و هي صلاة المحبين أهل الأسرار و غوامض العلوم المكتنفين بالحجب فيعطيهم من العلوم ما يليق بهذا الوقت و في هذا العالم و هو وقت معارج الأنبياء و الرسل و الأرواح البشرية لرؤية الآيات الإلهية المثالية و التقريب الروحاني و هو وقت نزول الحق من مقام الاستواء إلى السماء الأقرب إلينا للمستغفرين و التائبين و السائلين و الداعين فهو وقت شريف و من صلى هذه الصلاة في جماعة فكأنما قام نصف ليله و في هذا الحديث رائحة لمن يقول إن آخر وقتها إلى نصف الليل و جعل سبحانه عالم التخيل و البرزخ الذي هو تنزل المعاني في الصور الحسية فليست من عالم الغيب لما لبسته من الصور الحسية و ليست من عالم الشهادة لأنها معاني مجردة و أن ظهورها بتلك الصور أمر عارض عرض للمدرك لها لا للمعنى في نفسه كالعلم في صورة للبن و الدين في صورة القيد و الايمان في صورة العروة و هو من أوقات الصلوات وقت المغرب و وقت صلاة الصبح فإنهما وقتان ما هما من الليل و لا من النهار فهما برزخان بينهما من الطرفين لكون زمان الليل و النهار دوريا و لهذا قال تعالى يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهٰارِ وَ يُكَوِّرُ النَّهٰارَ عَلَى اللَّيْلِ من كور العمامة فيخفي كل واحد منهما بظهور الآخر كما قال يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهٰارَ أي يغطيه و كذلك النهار يغشى الليل فيناجي المصلي ربه في هذا الوقت بما يعطيه عالم البرزخ من الدلالات على اللّٰه في التجليات و تنوعاتها و التحول في الصور كما ورد في الأخبار الصحاح

[برزخية صلاتي المغرب و الصبح و الفرق بينهما]

غير أن برزخية صلاة المغرب هو خروج العبد من عالم الشهادة إلى عالم الغيب فيمر بهذا البرزخ الوتري فيقف منه على أسرار قبول عالم الغيب لعالم الشهادة و هو بمنزلة الحس الذي يعطي للخيال صورة فيأخذها الخيال بقوة الفكر فيلحقها بالمعقولات لأن الخيال قد لطف صورتها التي كانت لها في الحس من الكثافة فتروحنت بوساطة هذا البرزخ و سببه وتر صلاة المغرب فإن الفعل للوتر فهو الذي لطف صورتها على الحقيقة ليقبلها عالم الغيب و العقل لأن العقل لا يقبل صور الكثيف و الغيب لا يقبل الشهادة فلا بد أن

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 395
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست