responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 391

الشمس إلى الظهر ربع اليوم ست ساعات و ليس بمحل لصلاة مفروضة بحكم التعيين و إنما قلنا بحكم التعيين من أجل الناسي و النائم فإن الوقت ما عين إيقاع الصلاة في ذلك الوقت و إنما عينه للناسي تذكره و للنائم تيقظه شرعا فسواء كان في ذلك الوقت أو في غيره فلهذا حررنا القول في ذلك و قلبا بحكم التعيين فإن مذهبي في كل ما أورده إني لا أقصد لفظة بعينها دون غيرها مما يدل على معناها إلا لمعنى و لا أزيد حرفا إلا لمعنى فما في كلامي بالنظر إلى قصدي حشو و إن تخيله الناظر فالغلط عنده في قصدي لا عندي و كان من زوال الشمس إلى طلوعها من اليوم الثاني وقتا مستصحبا لصلوات معينة مفروضة فيها متى وقعت وقعت في وقتها المعين لها

[أرباع الإنسان من الأكوان]

كذلك الإنسان مقسم على أربعة أرباع الثلاثة الأرباع منه متعبدة لله بأعمال مخصوصة كالثلاثة الأرباع من اليوم فارباع الإنسان ظاهره و باطنه الذي هو قلبه و لطيفته التي هي روحه المخاطب منه و طبيعته فظاهره و قلبه و روحه لا ينفك عن عبادة أصلا تتعلق به فأما أن يطيع و إما أن يعصي و الربع الواحد طبيعته و هو مثل زمان طلوع الشمس إلى الزوال من اليوم فهو يتصرف بطبعه مباحا له ذلك لا حرج عليه إلا إن شاه أن يلحقها بسائر أرباعه في العبادات فيعمل المباح له عمله من كونه مباحا شرعا و يحضر مع الايمان به كالمصلي من طلوع الشمس و إضاءتها إلى أول الزوال أعني الاستواء فلا يمنع من ذلك و هو ليس بوقت وجوب لشيء من الصلوات الخمس معين فافهم

[الأول أفضل الأشياء و أعلاها]

و أما اعتبار الوقت المرغب فيه على ما ذكرناه من الاختلاف و اتفق الكل على الأولية أو الأكثر و اختلفوا في الأحوال فاعلم إن الأول أفضل الأشياء و أعلاها لأنه لا يكون عن شيء بل تكون الأشياء عنه فلو كان عن شيء لم تصح له الأولية على الإطلاق فكذلك العبد يسعى في أن يعبد ربه من حيث أولية ربه لا من حيث أولية عينه فإن أولية عينه عن أوليات كثيرة قبله و أعني بذلك الأسباب فهو سبحانه السبب الأول الذي لا سبب لأوليته فإذا عبده العارف في تلك الأولية المنزهة عن إن يتقدمها أولية انسحبت عبادة هذا العارف من هناك على عبادة كل مخلوق خلقه اللّٰه من أول المخلوقات إلى حين وجوده و هي الأولية المؤثرة في إيجاد الكائنات فقد عبده في الوقت المرغب فيه سواء عبده بصفة خاصة من أعضائه المكلفة كصلاة الفذ المنفرد أو عبده بجميع أعضائه كصلاة الجماعة أو في زمان الحر أي في شدة خوفه و مجاهدته و حرقة اشتياقه و وجده و ولهه و كلفه أو في برد أي في حال علمه و ثلج يقينه و برده على أي حالة كان فالأولية أفضل له فإن اللّٰه يقول آمرا سٰارِعُوا و سٰابِقُوا و أثنى على من هذه حالته فقال أُولٰئِكَ يُسٰارِعُونَ فِي الْخَيْرٰاتِ وَ هُمْ لَهٰا سٰابِقُونَ

[الأمر الإلهي يحمل احتياطا على الوجوب و النهي على الحظر]

فالمبادرة إلى أول الأوقات في العبادات هو الأحوط و المطلوب من العباد في حال التكليف و لهذا الاحتراز و الاحتياط يحمل الأمر الإلهي إذا ورد معرى عن قرائن الأحوال التي يفهم منها الندب أو الإباحة على الوجوب و يحمل النهي كذلك على الحظر إذا تعرى عن قرينة حال تعطيك الكراهة و لا تتوقف عن حمل الأمر و النهي على ما قلناه إلا بقرينة حال تخرجهما عن حكم الوجوب في الأمر و حكم الحظر في النهي

[أهل الجمع و الوجود هم أهل الشريعة و الحقيقة]

فقد بان لك يا أخي اعتبار الأوقات مطلقا و اعتبار الوقت المرغب فيه بعد أن عرفناك بمذاهب علماء الشريعة فيه للجمع بين العبادتين الظاهرة في حسك و الباطنة في عقلك فتكون من أهل الجمع و الوجود فإنك إذا طلبت الطريق إلى اللّٰه من حيث ما شرعه اللّٰه كان الحق الذي هو المشرع غايتك و إذا طلبته من حيث ما تعطيه نفسك من الصفاء و الالتحاق بعالمها من التنزه عن الحكم الطبيعي عليها كان غايتها الالتحاق بعالم الروحاني خاصة و من هناك تنشأ لها شرائع الأرواح تسلك عليها و بها حتى يكون الحق غايتها هذا إن فسح اللّٰه له في الأجل و إن مات فلن يدرك ذلك أبدا و قد أفردنا لهذه الطريقة خلوة مطلقة غير مقيدة في جزء يعمل عليها المؤمن فيزيد إيمانا و يعمل بها و عليها غير المؤمن من كافر و معطل و مشرك و منافق فإذا و في العمل عليها و بها كما شرطناه و قررناه فإنه يحصل له العلم بما هو الأمر عليه في نفسه و يكون ذلك سبب إيمانه بوجود اللّٰه إن كان معطلا و بتوحيد اللّٰه إن كان مشركا و بحصول إيمانه إن كان كافرا و بإخلاصه إن كان منافقا أو مرتابا فمن دخل تلك الخلوة و عمل بتلك الشرائط كما قررنا أثمرت له ما ذكرناه و ما سبقني إليها أحد في علمي إلا إن كان و ما وصل إلي فإن اللّٰه لا تحجير عليه يؤتي الحكمة من يشاء فإني أعلم أن أحدا من أهل الطريق ما يجهلها إن كان صاحب كشف تام و لكن ما ذكروها و لا رأيت أحدا منهم نبه عليها إلا الخلوات المقيدة و لو لا ما سألني فيها أخونا و ولينا أبو العباس أحمد بن على

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 391
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست