responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 383

(وصل اعتباره في الباطن)

فالثياب الباطنة الصفات فإن لباس الباطن صفاته يقول إمرؤ القيس لعنيزة

و إن كنت قد ساءتك مني خليقة فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
أراد ما لبسه من ثياب مودتها في قلبه يقول اللّٰه وَ لِبٰاسُ التَّقْوىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ و هو موجه عندي لقرائن الأحوال مثل قوله تعالى فَإِنَّ خَيْرَ الزّٰادِ التَّقْوىٰ سواء إن تفطنت لما أراد هنا بالتقوى و اعتبار الأبدان القلوب و الأرواح فاعلم و اعتبار المساجد مواطن المناجاة و أحوالها الإلهية

(باب في ذكر ما تزال به هذه النجاسات من هذه المحال)

اتفق العلماء بالشريعة على إن الماء الطاهر المطهر يزيلها من هذه المحال الثلاثة و عندنا كل ما يزيل عينها فهو مزيل من تراب و حجر و مائع و يعتبر اللون في بقاء عينها إن كانت ذات لون يدركه البصر و لا يعتبر بقاء الرائحة مع ذهاب العين لعلم عندنا آخر

(وصل الاعتبار في ذلك)

إن العلم الذي أنتجته التقوى في قوله تعالى وَ اتَّقُوا اللّٰهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللّٰهُ و قوله إِنْ تَتَّقُوا اللّٰهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقٰاناً فذلك العلم هو المزيل المطهر هذه المحال الثلاثة التي ذكرناها و هي في الباطن الصفات و القلوب و الأحوال التي قلنا إنها الثياب و الأبدان و المساجد

[النسبة بين الحجارة و القلوب]

و اتفق العلماء أيضا أن الحجارة تزيلها من المخرجين و هو المعبر عنه في الشرع بالاستجمار و لا يصح عندي الاستجمار بحجر واحد فإنه نقيض ما سمي به الاستجمار فإن الجمرة الجماعة و أقل الجماعة اثنان و الاعتبار هنا في محل الاتفاق إن الحجارة لما أوقع اللّٰه النسبة بينها و بين القلوب في أمور منها ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجٰارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً و القسوة مما ينبغي أن يتطهر منها كانت ما كانت فإنها من نجاسات القلوب المأخوذ بها و المعفو عنها

[الأحجار التي يتفجر منها الأنهار]

وَ إِنَّ مِنَ الْحِجٰارَةِ لَمٰا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهٰارُ و هي من القلوب العلوم الغزيرة الواسعة المحيطة بأكثر المعلومات و تفجرها خروجها على ألسنة العلماء للتعليم في الفنون المختلفة

[الأحجار التي تشقق فيخرج منها الماء]

و إن من الحجارة لَمٰا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمٰاءُ و هي القلوب التي تغلب عليها الأحوال فتخرج في الظاهر على ألسنة أصحابها بقدر ما يشقق منها و بقدر العلم الذي فيها فينتفع بها الناس

[الأحجار التي تهبط من خشية اللّٰه]

و إن من الحجارة لَمٰا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّٰهِ و هبوط القلوب المشبهة بالحجارة في هبوطها هو نزولها من عزتها إلى عبوديتها و نظرها في عجزها و قصورها بالأصالة و قد قلنا إن الماء هو المطهر المزيل للنجاسات من هذه المحال فالأحجار التي هي منابع هذا الماء حكمها في إزالة النجاسة من المخرجين حكم ما خرج منها و هو العلم في الاعتبار كما إن الخشية مما يتطهر بها فإن الخشية من خصائص العلماء بالله المرضيين عنهم المطلوب منهم الرضي عن اللّٰه قال تعالى إِنَّمٰا يَخْشَى اللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ الْعُلَمٰاءُ و قال رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ

[العلم الطاهر المطهر]

و العلم طاهر مطهر و لا سيما العلم الذي هو تنتجه التقوى فإن غيره من العلوم و إن كان طاهرا مطهرا فما هو في القوة مثل هذا العلم الذي نشير إليه فالخشية المنعوت بها الأحجار هي التي أدتها إلى الهبوط و هو التواضع من الرفعة التي أعطاها اللّٰه فإنه لما وصفها بالهبوط علمنا إن الأحجار التي في الجبال يريد و الجبال الأوتاد التي سكن اللّٰه بها ميد الأرض فلما جعلها أوتادا أورثها ذلك فخر العلو منصبها فنزلت هذه الأحجار هابطة من خشية اللّٰه لما سمعت اللّٰه يقول تِلْكَ الدّٰارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهٰا لِلَّذِينَ لاٰ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لاٰ فَسٰاداً وَ الْعٰاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ و الإرادة من صفات القلوب فنزلت من علوها و إن كان بربها هابطة من خشية اللّٰه حذرا أن لا يكون لها حظ في الدار الآخرة التي تنتقل إليها و أعني بالدار الآخرة هنا دار سعادتها فإن في الآخرة منزل شقاوة و منزل سعادة فكانت لهذا طاهرة مطهرة

[تجليات الحق على القلوب]

و أما اختصاص تطهيرها المخرجين و اعتبر المخرجين اللذين هما مخرج الكثيف و هو الرجيع و اللطيف و هو البول فاعلم إن للحق سبحانه في القلوب تجليين التجلي الأول في الكثائف و هو تجليه في الصور التي تدركها الأبصار و الخيال مثل رؤية الحق في النوم فأراه في صورة تشبه الصور المدركة بالحس و قد قال لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فيزيل هذا العلم من قلبك تقيد الحق بهذه الصور التي تجلى لك فيها في حال نومك أو في حال تخيلك في عبادتك إذ قال لك رسوله صلى اللّٰه عليه و سلم عنه تعالى لا عن هواه فإنه صلى اللّٰه عليه و سلم مٰا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوىٰ

اعبد اللّٰه كأنك تراه فجاء بكان و هي تعطي الحقائق

[تجلى الخيال]

فإن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم لما قال لمن قال أنا مؤمن حقا فما حقيقة إيمانك فقال كأني أنظر إلى عرش ربي بارزا فأتى بكان و الرؤية و قال له رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 383
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست