responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 380

لا بحقيقته فكان طيبها نجسا و هو الدم و كان خبيثها نجسا و هو البول و الرجيع و كان الأولى أن لا يكسبه خبث الروائح فإنه من عالم الأنفاس فكانت نجاسته من حيث طبيعته و كذلك هي من كل حيوان غير أن حقائق الحيوانات و أرواحها ليست في علو الشرف و المنزلة مثل حقيقة الإنسان فكانت زلته كبيرة فاتفقوا بلا خلاف على نجاسته من مثل هذا و اختلفوا في سائر أبوال الحيوانات و رجيعها و إن كان الكل من الطبيعة فمن راعى الطبيعة قال بنجاسة الكل و من راعى منزلة الشرف و الانحطاط قال بنجاسة بول الإنسان و رجيعه و لم يعف عنه لعظم منزلته و عفا عمن هو دونه من الحيوانات فقد أبنت لك عن سبب الاتفاق و الاختلاف و الحمد لله وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(باب في ميتة الحيوان الذي لا دم له و في ميتة الحيوان البحري)

اختلف العلماء في هاتين الميتتين فمن قائل إنها طاهرة و به أقول و من قائل بطهارة ميتة البحر و نجاسة ميتة البر التي لا دم لها إلا ما وقع الاتفاق على طهارتها لكونها ليست ميتة كدود الخل و ما يتولد في المطعومات و من قائل بنجاسة ميتة البر و البحر إلا ما لا دم له

(وصل اعتباره في الباطن)

قد أعلمناك فيما تقدم آنفا من هذه الطهارة اعتبار الدم فمن قائل بطهارة ميتة الحيوان الذي لآدم له فهو البراءة من الدعوى لأن الحياة المتولدة من الدم فيها تقع الدعوى لا في الحياة التي لجميع الموجودات التي يكون بها التسبيح لله بحمده فإن تلك الحياة طاهرة على الأصل لأنها عن اللّٰه من غير سبب يحجبها عن اللّٰه و من قال بطهارة ميتة البحر و إن كان ذا دم فإنه في علم اللّٰه و لا حكم على الأشياء في علم اللّٰه و إنما تتعلق بها الأحكام إذا ظهرت في أعيانها و هو بروزها من العلم إلى الوجود الحسي و على مثل هذا تعتبر بقية ما اختلفوا فيه من ذلك في هذه المسألة انتهى الجزء الرابع و الثلاثون (بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)

(باب الحكم في أجزاء ما اتفقوا عليه أنه ميتة)

اختلف العلماء رضي اللّٰه عنهم في أجزاء ما اتفقوا عليه أنه ميتة مع اتفاقهم على إن اللحم من أجزاء الميتة ميتة و قد بينا اعتبار اللحم في لحم الخنزير و اختلفوا في العظام و الشعر فمن قائل إنهما ميتة و من قائل إنهما ليستا بميتة و به أقول و من قائل إن العظم ميتة و أن الشعر ليس بميتة

(وصل اعتبار الباطن في ذلك)

لما كان الموت المعتبر في هذه المسألة هو الطارئ المزيل للحياة التي كانت في هذا المحل نظرنا إلى مسمى الحياة فمن جعل الحياة النمو قال إنهما ميتة و من جعل الحياة الإحساس قال إنهما ليستا بميتة و من فرق قال إن العظم يحس فهو ميتة و الشعر لا يحس فليس بميتة فمن رأى نموه بالغذاء و حسه بالروح الحيواني فهما ميتة سواء عبر بالحياة عن النمو أو عن الحس و من كان يرى نموه بربه لا بالغذاء و إدراكه المحسوسات بربه لا بالحواس لم يلتفت إلى الواسطة لفنائه بشهود الأصل الذي هو خالقه و إن رأى أن الحق سمعه و بصره و هو عين حسه لم يصح عنده أنه ميتة أصلا و سواء كانت الحياة عبارة عن النمو أو عن الحس

(باب الانتفاع بجلود الميتة)

فمن قائل بالانتفاع بها أصلا دبغت أم لم تدبغ و من قائل بالفرق بين أن تدبغ و بين أن لا تدبغ و في طهارتها خلاف فمن قائل إن الدباغ مطهر لها و من قائل إن الدباغ لا يطهرها و لكن تستعمل في اليابسات ثم إن الذين ذهبوا إلى أن الدباغ مطهر اتفقوا على أنه مطهر لما تعمل فيه الذكاة يعني المباح الأكل من الحيوان و اختلفوا فيما لا تعمل فيه الذكاة فمن قائل إن الدباغ لا يطهر إلا ما تعمل فيه الذكاة فقط و أن الدباغ بدل من الذكاة في إفادة الطهارة و من قائل إن الدباغ يعمل في طهارة ميتات الحيوانات ما عدا الخنزير و من قائل بأن الدباغ يطهر جميع ميتات الحيوان الخنزير و غيره

[مذهب الشيخ الأكبر في الانتفاع بجلود الميتات و تطهيرها بالدباغ]

و الذي أذهب إليه و أقول به إن الانتفاع جائز بجلود الميتات كلها و أن الدباغ يطهرها كلها لا أحاشي شيئا من ميتات الحيوان

(وصل الاعتبار
في ذلك في الباطن)

قد عرفناك مسمى الميتة فالانتفاع لا يحرم بجلدها و هو استعمال الظاهر فمن أخذ في الأحكام بالظاهر من غير تأويل و لا عدول عن ظاهر الحكم الذي يدل عليه اللفظ فلا مانع له من ذلك و لا حجة علينا لمن يقول بما يدل عليه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 380
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست