responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 379

مسفوحا أعني كثيرا و بول ابن آدم و رجيعه إلا لرضيع و اختلفوا في غير ذلك

(وصل اعتبار الباطن في ميتة
الحيوان ذي الدم البري)

اعلم أن الموت موتان موت أصلي لا عن حياة متقدمة في الموصوف بالموت و هو قوله تعالى كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللّٰهِ وَ كُنْتُمْ أَمْوٰاتاً فهذا هو الموت الأصلي و هو العدم الذي للممكن إذ كان معلوم العين لله و لا وجود له في نفسه ثم قال تعالى فَأَحْيٰاكُمْ و موت عارض و هو الذي يطرأ على الحي فيزيل حياته و هو قوله تعالى ثُمَّ يُمِيتُكُمْ

[الموت العارض الذي يطرأ على الحي]

و هذا الموت العارض هو المطلوب في هذه المسألة ثم زاد وصفا آخر فقال ذي الدم الذي له دم سائل يقول أي الحيوان الذي له روح سائل أي سار في جميع أجزائه لا يريد من هي حياته عين نفسه التي هي لجميع الموجودات ثم زاد وصفا آخر فقال الذي ليس بمائي يريد الحيوان البري أي الذي في البر ما هو حيوان البحر إذ البحر عبارة عن العلم فيقول لا أريد بالحيوان الموجود في علم اللّٰه فإن في ذلك يقع الخلاف و إنما أريد الحيوان الذي ظهرت عينه و كانت حياته بالهواء فبهذه الشروط كلها ثبتت نجاسته بلا خلاف فإذا زال شرط منها لم يكن المطلوب بالاتفاق

[حياة العبد عارضة لا ذاتية]

فإذا كانت حياة العبد عارضة لا ذاتية فينبغي إن لا يزهو بها و لا يدعي فلما ادعى و قال أنا و غاب عن شهود من أحياه عرض له الموت العارض أي هذا أصلك فرده إلى أصله و لكن غير طاهر بسبب الدعوى و نسيان من أحياه ثم إنا نظرنا في السبب الموجب لهذه الدعوى قال كونه بريا فقلنا ما معنى كونه بريا فقال حياته من الهواء فعلمنا إن الهوى هو الذي أراده كما قال تعالى وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوىٰ فكل متردد بين هواءين لا بد من هلاكه كما قال صاحبنا أبو زيد عبد الرحمن الفازازى رحمه اللّٰه

هوى صحيح و هواء عليل صلاح حالي بهما مستحيل
أنشدنيها لنفسه بتلمسان سنة تسعين و خمسمائة فكل عبد اجتمعت فيه هذه الشروط اتفق العلماء على أنه نجس

[الصفة الخنزيرية:أو التولع بالقاذورات]

و أما اعتبار لحم الخنزير فإن لحمه مسرى الحياة الدمية فإن اللحم دم جامد و صفة الخنزيرية و هي التولع بالقاذورات التي تستخبثها النفوس و هي مذام الأخلاق إذا ذهبت الحياة من ذلك للحم كان نجسا و ذلك إذا اتفق أن يكون صاحب الخلق المذموم يغيب عن حكم الشرع فيه الذي هو روحه كان في حقه ميتة

[ترك الجزاء على السيئة من مكارم الأخلاق]

قال تعالى وَ جَزٰاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهٰا فقال مثلها و لم يقيد من وجه كذا فألحقها بمذام الأخلاق ثم قال فيمن لم يفعلها فَمَنْ عَفٰا وَ أَصْلَحَ فنبه على إن ترك الجزاء على السيئة من مكارم الأخلاق و لهذا قلنا بأي شيء ذهبت حياته إذ كانت التذكية لا تؤثر فيه طهارة

[جزاء السيئة سيئة فالعفو خير]

و

قد قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في الرجل الذي طلب القصاص من قاتل من هو وليه فطلب منه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أن يعفو عنه أو يقبل الدية فأبى فقال خذه فأخذه فلما قفى قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أما إنه إن قتله كان مثله يريد قوله تعالى وَ جَزٰاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهٰا فبلغ ذلك القول الرجل فرجع إلى النبي صلى اللّٰه عليه و سلم و خلى عن قتله و يبتني على هذا مسألة القبح و الحسن و هي مسألة كبيرة خاض الناس فيها و ليس هذا الباب موضع الكشف عن حقيقة ذلك و إن كنا قد ذكرناها في هذا الكتاب

[الحيوان البري هو العين الموجودة لنفسها لا بنفسها]

و الثالث من النجاسات المتفق عليها الدم نفسه من الحيوان البري إذا انفصل عن الحي أو عن الميت و كان كثيرا أعني بحيث أن يتفاحش فقد أعلمناك أن الحيوان البري هو لعين الموجودة لنفسها ما هي الموجود في علم اللّٰه كحيوان البحر و أن حياتها بالهواء و أن الدم هو الأصل الذي يخرج من حرارته ذلك البخار الذي تكون منه حياة ذلك الحيوان و هو الروح الحيواني فلما كان الدم أصلا في هذه النجاسة كان هو أولى بحكم النجاسة مما تولد عنه

[نجاسة الإنسان إذا كثرت منه الغفلة]

فالذي أورث العبد الدعوى هو العزة التي فطر الإنسان عليها حيث كان مجموع العالم و مضاهيا لجميع الموجودات على الإطلاق فلما غاب عن العناية الإلهية به في ذلك و الموت الأصلي الذي نبه اللّٰه عليه في قوله وَ كُنْتُمْ أَمْوٰاتاً و قوله تعالى وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً و قوله لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً لذلك اتفق العلماء على نجاسته إذا تفاحش أي كثرت منه الغفلة عن هذا المقام فإن لم يتفاحش لم يقع عليه الاتفاق في هذا الحكم

[الإنسان الكامل نائب الحق في الأرض و معلم الملك في السماء]

الرابع بول ابن آدم و رجيعه اعتباره اعلم أنه من شرفت مرتبته و علت منزلته كبرت صغيرته و من كان وضيع المنزلة خسيس المرتبة صغرت كبيرته و الإنسان شريف المنزلة رفيع المرتبة نائب الحق و معلم الملائكة فينبغي إن يطهر من عاشره و يقدس من خالطه فلما غفل عن حقيقته اشتغل بطبيعته فصاحبته الأشياء الطاهرة من المشارب و المطاعم أخذ طيبها بطبيعته لا بحقيقته و أخرج خبيثها بطبيعته

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 379
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست