responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 371

التفصيل في فصول هذا الباب إن شاء اللّٰه تعالى فمن قائل إن هذه الطهارة أعني طهارة التراب بدل من الكبرى و من قائل إنها لا تكون بدلا من الكبرى و إنما نسب لفظة الصغرى و الكبرى للطهارة لعموم الطهارة في الاغتسال لجميع البدن و خصوصها ببعض الأعضاء في الوضوء فالحدث الأصغر هو الموجب للوضوء و الحدث الأكبر هو كل حدث يوجب الاغتسال

(وصل)اعتباره في الباطن

أن كل حدث يقدح في الايمان يجب منه الاغتسال بالماء الذي هو تجديد الايمان بالعلم إن كان من أهل النظر في الأدلة العقلية فيؤمن عن دليل عقلي فهو كواجد الماء القادر على استعماله و إن لم يكن من أهل النظر في الأدلة و كان مقلد ألزمته الطهارة بالإيمان من ذلك الحدث الذي أزال عنه الايمان بالسيف أو حسن لظن فهو المتيمم بالتراب عند فقد الماء أو عدم القدرة على استعمال الماء

[التقليد في الإيمان]

و هذا على مذهب من يرى أن التيمم بدل أيضا من الطهارة الكبرى فيرى التيمم للجنب و أما على مذهب من يرى أن الجنب لا يتيمم كابن مسعود و غيره هو الذي لا يرى التقليد في الايمان بل لا بد من معرفة اللّٰه و ما يجب له و يجوز و يستحيل بالدليل النظري و قال به جماعة من المتكلمين

[القياس في الأحكام الشرعية]

و أما كونه أعني التيمم بدلا من الطهارة الصغرى فهو أن يقدح له حدث في مسألة معينة لا في الايمان لعدم النص من الكتاب أو السنة أو الإجماع في ذلك فكما جاز له التيمم في هذه الطهارة الصغرى على البدل جاز له القياس في الحكم في تلك المسألة لعلة جامعة بين هذه المسألة التي لا حكم فيها منطوقا به و بين مسألة أخرى منطوق الحكم فيها من كتاب أو سنة أو إجماع

[الفقه في الدين ليس هو القياس في الأحكام]

و مذهبنا في قولنا إن التيمم ليس بدلا بل هو طهارة مشروعة مخصوصة معينة لحال مخصوص شرعها الذي شرع استعمال الماء لهذه العبادة المخصوصة و هو اللّٰه تعالى و رسوله صلى اللّٰه عليه و سلم فما هي بدل و إنما هو عن استخراج الحكم في تلك المسألة من نص ورد في الكتاب أو في السنة يدخل الحكم في هذه المسألة في مجمل ذلك الكلام و هو الفقه في الدين قال تعالى لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ و لا يحتاج إلى قياس في ذلك مثال ذلك رجل ضرب أباه بعضا أو بما كان فقال أهل القياس لا نص عندنا في هذه المسألة و لكن لما قال تعالى فَلاٰ تَقُلْ لَهُمٰا أُفٍّ وَ لاٰ تَنْهَرْهُمٰا قلنا فإذا ورد النهي عن التأفيف و هو قليل فالضرب بالعصا أشد فكان تنبيها من الشارع بالأدنى على الأعلى فلا بد من القياس عليه فإن التأفيف و الضرب بالعصا يجمعهما الأذى فقسنا الضرب بالعصا المسكوت عنه على التأفيف المنطوق به و قلنا نحن ليس لنا التحكم على الشارع في شيء مما يجوز أن يكلف به و لا التحكم و لا سيما في مثل هذا لو لم يرد في نطق الشرع غير هذا لم يلزمنا هذا القياس و لا قلنا به و لا ألحقناه بالتأفيف و إنما حكمنا بما ورد و هو قوله تعالى وَ بِالْوٰالِدَيْنِ إِحْسٰاناً فأجمل الخطاب فاستخرجنا من هذا المجمل الحكم في كل ما ليس بإحسان و الضرب بالعصا ما هو من الإحسان المأمور به من الشرع في معاملتنا لآبائنا فما حكمنا إلا بالنص و ما احتجنا إلى قياس

[الدين قد كمل فلا يجوز الزيادة فيه بقياس كما لم يجز النقص منه بتعطيل]

فإن الدين قد كمل و لا تجوز الزيادة فيه كما لم يجز النقص منه فمن ضرب أباه بالعصا فما أحسن إليه و من لم يحسن لأبيه فقد عصى ما أمره اللّٰه به أن يعامل به أبويه و من رد كلام أبويه و فعل ما لا يرضي أبويه مما هو مباح له تركه فقد عقهما و قد ثبت أن عقوق الوالدين من الكبائر فلهذا قلنا إن الطهارة بالتراب و هو التيمم ليس بدلا بل هي مشروعة كما شرع الماء و لها وصف خاص في العمل فإنه بين أنا لا نعمل به إلا في الوجوه و لا يدي و الوضوء و الغسل ليسا كذلك و ينبغي للبدل أن يحل محل المبدل منه و هذا ما حل محل المبدل منه في الفعل وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(باب فيمن تجوز له هذه الطهارة)

[التيمم للمريض و المسافر إذا عدما الماء]

اتفق علماء الشريعة على أن التيمم يجوز للمريض و المسافر إذا عدما الماء و عندنا أو عدم استعمال الماء مع وجوده لمرض قام به يخاف أن يزيد به المرض أو يموت لورود النص في ذلك

(وصل اعتباره في الباطن)

المسافر صاحب النظر في الدليل فإنه مسافر بفكره في منازل مقدماته و طريق ترتيبها حتى ينتج له الحكم في المسألة المطلوبة و المريض هو الذي لا تعطي فطرته لنظر في الأدلة لما يعلم من سوء فطرته و قصوره عن بلوغ المقصود من النظر بل الواجب أن يزجر عن النظر و يؤمر بالإيمان تقليدا

[المقلد و صاحب النظر و صاحب الكشف]

و قد قلنا فيما قبل إن المقلد في الايمان كالمتيمم بالتراب لأن التراب لا يكون في الطهارة أعني النظافة مثل الماء و لكن نسميه طهورا شرعا أعني التراب خاصة بخلاف الماء فإني أسميه طهورا شرعا و عقلا فصاحب

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 371
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست