responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 367

لذاته هو رب فلا يتصف العبد بشيء من صفات الحق بالمعنى الذي اتصف بها الحق و لا الحق يتصف بما هو حقيقة للعبد فالجنب لا يمس المصحف أبدا بهذا الاعتبار و لا ينبغي أن يقرأه في هذه الحال

[العبد ينبغي أن لا تظهر عليه إلا العبادة المحضة]

و ينبغي للعبد أن لا تظهر عليه إلا العبادة المحضة فإنه جنب كله فلا يمس المصحف فإن تخلق فحينئذ تكون يد الحق تمس المصحف فإنه قال عن نفسه في العبد إذا أحبه أنه يده التي يبطش بها فانظر في هذا القرب المفرط و هذا الاتحاد أين هو من بعد الحقائق و اللّٰه ما عرف اللّٰه إلا اللّٰه فلا تتعب نفسك يا صاحب النظر و در مع الحق كيفما دار و خذ منه ما يعرفك به من نفسه و لا تقس فتفتلس لا بل تبتئس و تعلم أن يد الحق طاهرة على أصلها مقدسة كطهارة الماء المستعمل في العبادة فتنبه لما عرفتك به في هذا الفصل

(باب قراءة القرآن للجنب)

[آراء العلماء في قراءة الجنب القرآن]

اختلف علماء الشريعة في ذلك فمن الناس من منع قراءة القرآن للجنب بحد و بغير حد و من الناس من أجاز ذلك و أما الوارث عندي فلا يقرأ القرآن جنبا اقتداء بمن ورثه لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ و لم يكن يحجزه عن قراءة القرآن شيء ليس الجنابة و لكن الغالب عندي من قرينة الحال أنه كره أن يذكر اللّٰه تاليا إلا على طهارة كاملة فإنه تيمم لرد السلام و

قال إني كرهت أن أذكر اللّٰه إلا على طهر أو قال على طهارة و من الناس من أجاز للجنب قراءة القرآن بحد و بغير حد و به أقول بغير حد أيضا و لكن أكرهه اقتداء برسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم

(وصل الاعتبار في ذلك)

المقتدى بأفعال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يمنع من قراءة القرآن في الجنابة بغير حد و قد أعلمناك أن الجنابة هي الغربة و الغربة نزوح الشخص عن موطنه الذي ربي فيه و ولد فيه فمن اغترب عن موطنه حرم عليه الاتصاف بالأسماء الإلهية في حال غربته قال تعالى ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ كما كان عند نفسه في زعمه فإنه تغرب عن موطنه فهو صاحب دعوى

[القرآن ما سمي قرآنا إلا لحقيقة الجمعية التي فيه]

و الذي أقول في هذه المسألة لأهل التحقيق أن القرآن ما سمي قرآنا إلا لحقيقة الجمعية التي فيه فإنه يجمع ما أخبر الحق به عن نفسه و ما أخبر به عن مخلوقاته و عباده مما حكاه عنهم فلا يخلو هذا الجنب في تلاوته إذا أراد أن يتلو إما أن ينظر و يحضر في أن الحق يترجم لنا بكلامه ما قال عباده أو ينظر فيه من حيث المترجم عنه فإن نظر من حيث المترجم عنه فيتلو و بالأول فلا يتلو حتى يتطهر في باطنه و صورة طهارة باطنه أن يكون الحق لسانه الذي يتكلم به كما كان الحق يده في مس المصحف فيكون الحق إذ ذاك هو يتلو كلامه لا العبد الجنب

[القرآن محدث من حيث إتيانه قديم من حيث نزوله]

ثم إنه للعارف فيما يتلوه الحق عليه من صفات ذاته مما لا يخبر به عن أحد من خلقه و من كونه كلم عبده بهذا القرآن فليس المقصود من ذلك التعريف إلا قبوله و قبوله لا يكون إلا بالقلب فإذا قبله الايمان لم يمتنع من التلفظ به فإن القرآن في حقنا نزل و لهذا هو محدث الإتيان و النزول قديم من كونه صفة المتكلم به و هو اللّٰه

[كان الرسول لا يحجزه شيء عن قراءة القرآن ليس الجنابة]

و إنما قول من

قال عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إنه لا يحجزه عن قراءة القرآن شيء ليس الجنابة فما هو قول رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و إنما هو قول الراوي و ما هو معه في كل أحيانه فالحاصل منه أن يقول ما سمعته يقرأ القرآن في حال جنابته أي ما جهر به و لا يلزم قارئ القرآن الجهر به إلا فيما شرع الجهر به كتلقين المتعلم و كصلاة الجهر و النهي ما صح عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في ذلك و ما ورد و الخير لا يمنع منه

(باب الحكم في الدماء)

[الدماء الثلاثة المخصوصة بالمرأة]

اعلم أن الدماء ثلاثة دم حيض و دم استحاضة و دم نفاس و هذه كلها مخصوصة بالمرأة لا حكم للرجل فيها فليكن الاعتبار في ذلك للنفس فإن الغالب عليها التأنيث فإن اللّٰه قال فيها النفس اللوامة : و المطمئنة : فأنثها و لا حظ للقلب في هذه الدماء و لا للروح

[الكذب حيض النفوس]

فنقول إن أهل الطريق من المتقدمين و جماعة من غيرهم ممن اشترك مع أهل اللّٰه في الرياضات و المجاهدات من العقلاء قد أجمعوا على أن الكذب حيض النفوس فليكن الصدق على هذا طهارة النفس من هذا الحيض

[اعتبار دم الحيض]

فدم الحيض ما خرج على وجه الصحة و دم الاستحاضة ما خرج على وجه المرض فإنه خرج لعلة و لهذا حكم فاعتباره أن حيض النفس و هو الكذب و هو كما قلنا دم يخرج على وجه الصحة فهو الكذب على اللّٰه الذي يقول اللّٰه تعالى فيه وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرىٰ عَلَى اللّٰهِ كَذِباً أَوْ قٰالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ و

قول رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار فقوله متعمدا هو خروجه على وجه الصحة

[اعتبار دم الاستحاضة]

و أما صاحب الشبهة فلا فهذا يكذب

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 367
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست