responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 356

لا يوجب الوضوء إلا في لحوم الإبل و بالوضوء من لحوم الإبل أقول تعبدا و هو عبادة مستقلة مع كونه ما انتقضت طهارته بأكل لحوم الإبل فالصلاة بالوضوء المتقدم جائزة و هو عاص إن لم يتوضأ من لحوم الإبل

[وجوب الوضوء من لحوم الإبل تعبدا]

و هذا القول ما قال به أحد فيما اعلم قبلنا و إن نوى فيه رفع المانع فهو أحوط و اختلف الأئمة في الوضوء من لحوم الإبل فمن قائل بإيجاب الوضوء منه و من قائل لا يجب

(وصل حكم الباطن في ذلك)

[تلقي الأمور التي لا توافق الغرض الطبيعي]

النار الذي يجد الإنسان في نفسه و هي التي تنضج كبده هي مما يجري عليه من الأمور التي لا توافق غرضه الطبيعي فإن تلقاها بالتسليم و الرضي أو الصبر مع اللّٰه فيها كما تسمى اللّٰه تعالى بالصبور لقوله إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ و أمهلهم و لم يؤاخذهم و

قول رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم ليس شخص اصبر على أذى من اللّٰه حلما منه و إذا كان العبد بهذه المثابة لم تؤثر في طهارته

[لمة الشيطان في قلب الإنسان]

فإن تسخط و أثر فيه و لا سيما لحوم الإبل فإن الشارع سماها شياطين فتلك لمة الشيطان في القلب فانتقضت طهارته لأن محل اللمة القلب كما يطهر منها بلمة الملك و إنما لحوم الإبل بلمة الشيطان لأن الشيطان خلق مِنْ مٰارِجٍ مِنْ نٰارٍ و المارج لهب النار و الشارع كما قلنا سمي الإبل شياطين و نهى عن الصلاة في معاطنها و ما علل إلا بكونها شياطين و هم البعداء و الصلاة حال قربة و مناجاة فاعتبرنا في الباطن حكم الوضوء من لحوم الإبل و نقض الطهارة بهذا و لو كانت لمته بخير فإنه أضمر في ذلك الخير شرا لا يتفطن له إلا العالم المحقق العارف بالأمور الإلهية كيف ترد على القلوب

(باب الضحك في الصلاة من نواقض الوضوء)

[الإنسان الذي تختلف عليه الأحوال]

اعلم أن الضحك في الصلاة أوجب منه الوضوء بعضهم و منعه بعضهم و بالمنع أقول

(وصل حكم الباطن فيه)

إن الإنسان في صلاته تختلف عليه الأحوال مع اللّٰه في تلاوته إذا كان من أهل اللّٰه ممن يتدبر القرآن فآية تحزنه فيبكي و آية تسره فيضحك و آية تبهته فلا يضحك و لا يبكي و آية تفيده علما و آية تجعله مستغفرا و داعيا فطهارته باقية على أصلها

[الإنسان الذي لا تختلف عليه الأحوال]

و قد رأينا من أحواله دائما الضحك في صلاة و غير صلاة كالسلاوي و أمثاله نفعنا اللّٰه به و كأبي يزيد طيفور بن عيسى ابن شروشان البسطامي روى عنه أبو موسى الديبلي أنه قال ضحكت زمانا و بكيت زمانا و أنا اليوم لا أضحك و لا أبكي

[الغافل على تلاوته و مناجاة ربه أثناء صلاته]

و أما إذا غفل عن تلاوته و تدبرها و مناجاة ربه بزكائه و لهوه و أمثال ذلك مما يخرجه عن الحضور مع اللّٰه في صلاته فهذا ضحكه في الباطن في الصلاة في مذهب من يقول بنقض طهارته و من هذه حاله فقد انتقضت طهارته و وجب عليه استئناف طهارة قلبه مرة أخرى

(باب الوضوء من حمل الميت)

[لا يجتمع شيء مع شيء إلا لمناسبة]

قالت به طائفة من العلماء و منع أكثر العلماء من ذلك و بالمنع أقول

(وصل حكم الباطن فيه)

أما حكم الباطن في ذلك فإنه يتعلق بعلم المناسبة فلا يجتمع شيء مع شيء إلا لمناسبة بينهما قال أبو حامد الغزالي رأى بعض أهل هذا الشأن بالحرم غرابا و حمامة و رأى أن المناسبة بينهما تبعد فتعجب و ما عرف سبب أنس كل واحد منهما بصاحبه فأشار إليهما فدرجا فإذا بكل واحد منهما عرج فعرف أن العرج جمع بينهما

[حكاية الشيخ أبي مدين مع بعض التجار]

و كان رجل من التجار يقول لشيخنا أبي مدين أريد منك إذا رأيت فقيرا يحتاج إلى شيء تعرفني حتى يكون ذلك على يدي فجاءه يوما فقير عريان يحتاج إلى ثوب و كان مقام الشيخ و حاله في ذلك عدم الاعتماد على غير اللّٰه في جميع أموره في حق نفسه و في حق غيره فإن الشيوخ قد أجمعوا على أنه من صح توكله في نفسه صح توكله في غيره فتذكر أبو مدين رغبة التاجر فخرج مع الفقير إلى دكان التاجر ليأخذ منه ثوبا فماشاه إنسان أنكره الشيخ فسأله عن دينه فإذا هو مشرك فعرف المناسبة و تاب إلى اللّٰه من ذلك الخاطر فالتفت فإذا بالرجل قد فارقه و لم يعرف حيث ذهب

[الموت موتان:موت عن الخلق و موت عن الحق]

فلما أخبرت بحكايته و أنا أعرف بلادنا ما في بلاد الإسلام منها دينان أصلا فعلمت إن اللّٰه أرسل إليه من خاطره ذلك شخصا ينبهه فإن اللّٰه علمنا منه أنه يخلق من أنفاس العالم خلقا فكذلك من هذا الباب من حمل ميتا فلمناسبة بينهما و هو الموت فأما موت عن الأكوان و أما موت عن الحق فالميت عن الحق يتوضأ و الميت عن الأكوان باق على وضوئه

(باب نقض الوضوء من زوال العقل)

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 356
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست