responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 353

اتفق العلماء بالشريعة على طهارة أسئار المسلمين و بهيمة الأنعام و اختلفوا فيما عدا ذلك فمن قائل بطهارة كل حيوان و من قائل استثني و اختلف أهل الاستثناء خلافا كثيرا

(وصل حكم الباطن في ذلك)

[الإيمان حياة و الحياة عين الطهارة في الحي]

فأما حكم الباطن في ذلك فإن سؤر المؤمن و كل حيوان فهو طاهر فإن الايمان و الحياة عين الطهارة في الحي و المؤمن إذ بالحياة كان التسبيح من الحي لله تعالى و إذ بالإيمان كان قبول ما يرد به الشرع مما يحيله العقل أو لا يحيله من المؤمن بلا شك و

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من عرف نفسه عرف ربه فما بقي للعبد من العلم بعد معرفته بنفسه الذي هو سؤره و كل حيوان فإنه مشارك للإنسان المؤمن في الدلالة فسؤره مثل ذلك بذلك القدر مما بقي يعرف ربه و

[الإيمان لأنه قبول الحق يعطي زيادة في معرفة الحق]

أما أصحاب الخلاف في الاستثناء فما نظروا في المؤمن و لا في الحيوان من كونه حيوانا و لا مؤمنا فهو بحسب ما نظر فيه هذا المستثنى و يجري معه الحكم و التفصيل فيه يطول و إنما اشترطنا المؤمن دون الإنسان وحده إذ كان الايمان يعطي من المعرفة بالله ما يعطيه الحيوان و الإنسان و زيادة مما لا يدركه الإنسان من حيث إنسانيته و لا حيوانيته بل من كونه مؤمنا فلهذا قلنا سؤر المؤمن فإنه أتم في المعرفة

(باب في الطهارة بالأسئار)

اختلف العلماء بالشريعة في الطهارة بالأسئار على خمسة أقوال فمن قائل إنها طاهرة بإطلاق و به نقول و من قائل إنه لا يجوز للرجل أن يتطهر بسؤر المرأة و من قائل إنه يجوز للرجل أن يتطهر بسؤر المرأة ما لم تكن جنبا أو حائضا و من قائل لا يجوز لكل واحد منهما أن يتطهر بفضل طهور صاحبه و لكن يشرعان معا و من قائل إنه لا يجوز أصلا و من قائل يجوز للرجل أن يتطهر بسؤر المرأة ما لم تخل به

(وصل حكم الباطن في ذلك)

[الرجل يزيد على المرأة درجة]

فأما حكم الباطن في ذلك فاعلم إن الرجل يزيد على المرأة درجة فإذا اتخذا دليلا على العلم بالله من حيث ما هما رجل و امرأة لا غير فمن رأى أن لزيادة الدرجة في الدلالة فضلا على من ليس لها تلك الدرجة نقصه من العلم بذلك القدر فمن لم يجز الطهارة بذلك قال إنما يدل من كونه رجلا و امرأة أي من كونهما فاعلا و منفعلا على علم خاص في الإله و هو العلم بالمؤثر فيه و هذا يوجد في كل فاعل و منفعل فلا يجوز أن يوجد مثل هذا في العلم بالله و لا يتطهر به القلب من الجهل بالله

[جل المعرفة بالله أن يكون خالقنا و خالق الممكنات كلها]

و من أجازه قال جل المعرفة بالله أن يكون خالقنا و خالق الممكنات كلها و إذا ثبت افتقارنا إليه و غناه عنا فلا نبالي بما فاتنا من العلم به فهذان قولان بالجواز و بعدم الجواز

[الوقوف على وجه دليل زيادة في معرفة المدلول]

و بهذا الاعتبار نأخذ ما بقي من الأقسام مثل الشروع معا غير إن في الشروع معا زيادة في المعرفة و هي عدم التقييد بالزمان و هو حال الوقوف على وجه الدليل و هو أيضا كالنظر في دلالتهما من حيث ما يشتركان فيه و ليس إلا الإنسانية

[التغرب عن موطن الأنوثة أو المعرفة الحجابية]

و مثل طهارة المرأة بفضل الرجل فإنه يعطي في الدلالة ما تعطي المرأة و زيادة و مثل طهور الرجل بفضل المرأة ما لم تكن جنبا بالتغرب عن موطن الأنوثة و هو منفعل فقد اشترك مع الأنثى التي انفعلت عنه فإنه منفعل عن موجدة و من تغرب عن موطن الأنوثة من تشبيهها بالرجل فإن ذلك يقدح في أنوثتها أو حائضا و هي صفة تمنع من مناجاة الحق في الصلاة و المطلوب من العلم بالله القربة و الحال في الحيض البعد من اللّٰه من حيث تناجيه فالمعرفة بهذه الصفة تكون معرفة حجابية من الاسم البعيد

[للعبد أثر في جناب العلي الأقدس]

و أما قول القائل ما لم تخل به فإن لم تخل به جازت الطهارة و إن خلت به لم تجز فاعلم إن العالم بالله كما يعلم أن ذاته منفعلة في وجود عينها عن اللّٰه و لا يعرف أنه يرضي اللّٰه و يغضبه بأفعاله إذ قد وقع التكليف فما عرفه معرفة تامة فقد خلى بالمعرفة و هذا يقدح في طهارة تلك المعرفة و إذا عثر على إن له أثرا في ذلك الجناب مثل قوله تعالى أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّٰاعِ إِذٰا دَعٰانِ فأعطى الدعاء من الداعي في نفس المدعو الإجابة و لا معنى للانفعال إلا مثل هذا فهذا حقيقة قوله ما لم تخل به

(باب الوضوء بنبيذ التمر)

اختلف علماء الشريعة في الوضوء بنبيذ التمر فأجاز الوضوء به بعضهم و منع به الوضوء أكثر العلماء و بالمنع أقول لعدم صحة الخبر النبوي فيه الذي اتخذوه دليلا و لو صح الحديث لم يكن قوله نصا في الوضوء به فإنه

قال صلى اللّٰه عليه و سلم فيه تمرة طيبة و ماء طهور أي جمع النبيذ بين التمر و الماء فسمي نبيذا فكان الماء طهورا قبل الامتزاج و إن صح قوله فيه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 353
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست