responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 348

يراه بعضهم فطهارة الشريعة رؤيتها من اللّٰه الواحد الحق و لهذا لا ينبغي لنا أن نطعن في حكم مجتهد لأن الشرع الذي هو حكم اللّٰه قد قرر ذلك الحكم فهو شرع اللّٰه بتقريره إياه و هي مسألة يقع في محظورها أصحاب المذاهب كلهم لعدم استحضارهم لما نبهنا عليه مع كونهم عالمين به و لكنهم غفلوا عن استحضاره فأساءوا الأدب مع اللّٰه في ذلك حين فاز بذلك الأدباء من عباد اللّٰه فمن خطأ مجتهدا بعينه فقد خطأ الحق فيما قرره حكما

[تخطئة القول بنسبة الأفعال كلها إلى اللّٰه من جميع الوجوه]

فإذا انخرق الشرع فظهر في مسألة ما حكم من أحكام التوحيد مما تزيل حكم الشرع مطلقا انتقل الحكم الطهارة ذلك التوحيد المؤثر في إزالة حكم الشريعة كمن ينسب الأفعال كلها إلى اللّٰه من جميع الوجوه فلا يبالي فيما يظهر عليه من مخالفة أو موافقة فمثل هذا التوحيد يجب التنزيه منه لظهور هذا الأثر فإنه خرق للشريعة و رفع لحكم اللّٰه كما لا يجوز المسح مع زوال اسم الخف فإن كان الخرق يبقى اسم الخف عليه كان الحكم كما قررناه من المسح على الخف و مسح ما ظهر من الرجل و هو أن يبين في ذلك التوحيد المعين في هذه المسألة الوجه المشروع و هو أن نقول وَ اللّٰهُ خَلَقَكُمْ وَ مٰا تَعْمَلُونَ فالأعمال خلق لله مع كونها منسوبة إلينا فلم ينسبها من جميع الوجوه فلم يؤثر في المسح و يكون الحكم في ذلك كما قررناه

[ظهور التوحيد في ثلاث منازل]

و أهل طريقنا اختلفوا في هذه المسألة اختلافا كثيرا على صورة ما اختلف فيه أهل المسح على الخف سواء فأما من حده بثلاثة أصابع فراعى ظهور التوحيد في ثلاث منازل و هو حكم الشرع في الإنسان في معناه و في حسه و في خياله فإذا عم التوحيد هذه الثلاثة لم يجز الأخذ به و انتقل إلى مسح الرجل أو غسله كما ينتقل تنزيه الإنسان نفسه عن مثل هذا التوحيد حيث أزال حكم الشرع منه فحكم حكم من زال عنه اسم الخف

(باب في توقيت المسح)

[اختلاف الفقهاء في التوقيت المسح]

اختلف في ذلك فمن قائل بالتوقيت فيه ثلاثة أيام و لياليهن للمسافر و يوما و ليلة للمقيم و من قائل بأن لا توقيت و ليمسح ما بدا له ما لم يقم مانع كالجنابة

(وصل حكمه في الباطن)

[معنى مسح المسافر ثلاثة أيام و لياليهن]

فأما الحكم في ذلك في الباطن على مذهب القائل بالتوقيت فقد قررنا في المسح على الخف في باب العالم و المتعلم أن ذلك سفر حيث انتقل الأمر من المعلم إلى المتعلم و قد كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إذا علم الناس شرائعهم كرر الكلمة ثلاث مرات حتى تفهم عنه لأنه مأمور بالبيان و الإبلاغ هذا معنى مسح المسافر ثلاثا

[توقيت الحاضر بيوم و ليلة]

و أما توقيت الحاضر بيوم و ليلة فإنه ليس له في نفسه إلا قيام ذلك الأمر فيعلمه فلا يعيد عليه لنفسه لأنه قد ظهر له و هو من نفسه على يقين و ما هو على يقين من قبول غيره لذلك عند التعليم فيكرره ثلاث مرات ليتيقن أن قد فهم عنه

[معنى عدم التوقيت في المسح]

و من لم يقل بالتحديد نظر إلى فطر المتعلمين فمنهم من يفهم بأول مرة و منهم من لا يفهم إلا بعد تفصيل و تكرار المرة بعد المرة حتى يفهم فلا يوقت عددا بعينه في حال تعليمه غيره الذي هو بمنزلة السفر و لا ينظره في نفسه الذي هو بمنزلة الحضر فإنه في نفسه قد يمكن أن يتصور فيما ظهر له أنه ربما يكون شبهة فيحقق النظر فيه مرارا فلا توقيت

[الجنابة هي الغربة و الجنيب هو الغريب]

و أما حكم الجنابة في إزالة الخف فالجنابة هي الغربة و الجنيب الغريب فإذا وقع في القلب أمر غريب يقدح في الشرع جرد النظر في ذلك بالعقل دون الاستدلال بالشرع مثل أن يخطر له خاطر البرهمى المنكر للشريعة فلا يقبل دليل الشرع على إبطال هذا القول الذي خطر له فإنه محل النزاع فلا بد أن ينزع من الاستدلال بالشرع إلى الاستدلال بما تعطيه أدلة النظر و سواء وقع ذلك له كالحضر أو لغيره كالسفر كما إن الجنب سواء كان مسافرا أو حاضرا لا بد من إزالة الخف

(باب في شرط المسح على الخفين)

[اختلاف الفقهاء في شرط المسح على الخفين]

فمن قائل إن من شرط المسح أن يكون الرجلان طاهرتين بطهر الوضوء و من قائل إنه ليس من شرطه إلا طهارتهما من النجاسة و به أقول و القول الأول أحوط و بقي شرط آخر أن لا يكون خف على خف فمن قائل بجواز المسح عليهما و به أقول و من قائل بالمنع و هكذا حكم الجرموق

(وصل في حكم الباطن في ذلك)

[تنزيه الحق عن الهرولة تكذيبه فيما وصف به نفسه]

و أما حكم الباطن في ذلك فإن الطهر المعقول في الباطن هو التنزيه كما قررناه عقلا و شرعا و هذه الطهارة الخاصة للرجلين طهارة شرعية و قد وصف نفسه تعالى بأن له الهرولة لمن أقبل إليه يسعى و السعي و الهرولة من صفات الأرجل فمن نزه الحق عن الهرولة فقد أكذب الحق فيما وصف به نفسه و إن كان العقل لا يقبل من حيث دليله هذه النسبة إليه تعالى و الايمان يقبلها و ينفي التشبيه بقوله تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 348
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست