responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 346

و يزيلها عن هذه القدم بحكم ما يسبق إلى الفهم إذ أبين إن القدم ما تشبه نسبتها إلى الحق نسبة أقدامنا إلينا من كل الوجوه فلهذا لم يتعلق الوجوب بالمسح و كان حكمه الجواز

(وصل)و أما من أجازه سفرا و منعه في الحضر

فذلك إذا كان التنزيه عملا فلا أثر له إلا في المتعلم السامع القابل فيسافر التنزيه من العالم المعلم إلى المتعلم على راحلة التلفظ و الكلام بعبارة أو إشارة من المعلم إلى المتعلم

(وصل)و أما من منع جوازه على الإطلاق

فإن حقيقة التنزيه إنما هي لله سبحانه فإنه المنزه لذاته و العبد لا يكون منزها أبدا و لا يصح و إن تنزه عن شيء ما لم يتنزه عن شيء آخر فمن حقيقته أنه لا يقبل التنزيه على الإطلاق و إذا كان بهذه الصفة لا يجوز تنزيهه فإنه خلاف العلم و الأمور العارضة لا أثر لها في الحقائق فإن قبول العبد لآثار التنزيه يدل على عدم التنزيه عن قبول الآثار فيه فهذا وجه منع جواز المسح على الخف و ما في معناه على الإطلاق إن فهمت

(وصل و تتميم)و أما الإشارة بالخفين

فإن المراد بهما النشأتان نشأة الجسم و نشأة الروح و لكل نشأة ما يليق بها من الطهارة فافهم

(باب تحديد محل المسح من الخف و ما في معناه)

اختلف علماء الشريعة في تحديد المسح على الخف

فمن قائل إن القدر الواجب من ذلك مسح أعلى الخف و ما زاد على ذلك فمستحب و هو مسح أسفل الخف

يقول علي بن أبي طالب رضي اللّٰه عنه لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه و قد رأيت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يمسح أعلى الخف و من قائل بوجوب مسح ظهورهما و بطونهما و من قائل بوجوب مسح ظهورهما فقط و لا يستحب صاحب هذا القول مسح بطونهما و من قائل إن الواجب مسح باطن الخف و مسح الأعلى مستحب و هو قول أشهب

(وصل في حكم الباطن في ذلك)

[التنزيه الذي هو الطهارة متعلقة إما الحق و إما العبد]

اعلم أن التنزيه المعبر عنه هنا بطهارة المسح متعلقة إما الحق كما قدمنا و إما العبد الذي نزهة و القسمة منحصرة فما ثم إلا عبد و رب و خالق و مخلوق و لنا في هذه المسألة لفظة أعلى و أسفل و صفة العلو لله تعالى لأنه رَفِيعُ الدَّرَجٰاتِ لذاته قال تعالى سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى و ما في القرآن أقرب نسبة إلى مسح أعلى الخف من هذه الآية و السفل لنا و كذلك أيضا ظاهر الخف و باطنه أعني هاتين اللفظتين قد يكون الحق له حكم الظاهر و الباطن و قد يكون حكم الظاهر له في خرق العوائد و حكم الباطن له في نفس العوائد و هي أكثر الآيات الدالة على اللّٰه لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ

[مراتب التنزيه التنزيه الأعلى سبحانه]

فتارة يعلق التنزيه بالأعلى سبحانه و تعالى حقيقة و هو حد الواجب من ذلك و يستحب إطلاق التنزيه على العبد من حيث إن عمله لذلك يعود عليه و هذا على مذهب من يرى أن الواجب مسح أعلى الخف و يستحب مسح أسفله

[التنزيه بالحق ظاهرا و باطنا]

و تارة يعلق التنزيه بالحق سبحانه ظاهرا و باطنا و هو الذي لا يرى في الوجود إلا اللّٰه لغلبة سلطان المشاهدة و التجليات عليه فيرى الحق ظاهرا و باطنا فلا يقع منه تنزيه إلا على الحق سبحانه و التنزيه نسبة عدمية لا وجودية و هو الذي يوجب مسح ظهور الخفين و بطونهما

[التنزيه بالله تعالى لكماله في ذاته]

و تارة يعلق التنزيه بالله تعالى لكماله في ذاته و لا يستحب تنزيه الخلق للنقص الذاتي الذي هو له فيقع في الكذب إن نزهة فيرى أنه لو تنزه الممكن يوما ما من جهة ما لصفة كمال هو عليها لكان من حيث تلك الصفة غنيا عن اللّٰه و مقاوما له و محال على الخلق أن يكونوا على صفة يكون لهم بها الغني عن اللّٰه فإنهم من جميع الوجوه فقراء إِلَى اللّٰهِ وَ اللّٰهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ فمنع من استحباب مسح أسفل الخف و قال ما ثم منزه إلا اللّٰه العلي الظاهر إلى عباده بنعوت الجلال و هذا كما قلنا مذهب من يرى مسح أعلى الخف و لا يستحب مسح أسفله

[وجوب التنزيه من الاسم الباطن]

و تارة يعلق التنزيه أعني وجوبه من اسمه الباطن و يقول إن الباطن محل يبعد العثور على ما يستحقه من نعوت الجلال لبطونه فيكون الواجب تنزيه الحق في اسمه الباطن من أثر الحجاب الذي حكم عليه إن يكون باطنا لا يدرك و اللّٰه أعلى و أجل أن يحوطه حجاب فوجب تنزيهه من حيث اسمه الباطن فهذا وجه من أوجب مسح الباطن من الخف كأشهب و استحب مسح أعلاه و هو الاسم الظاهر

[استحباب التنزيه من الاسم الظاهر]

فيقول و استحب تنزيه الحق في اسمه الظاهر و هو تجليه في الصورة لعباده فينزهه عن التقييد بها و لكن التنزيه الذي لا يخرجه عن العلم أنه عين تلك الصورة فإنه أعلم بنفسه من العقل به و من كل عالم سواه به و

قد قال عن نفسه إنه هو الذي يتجلى لعباده في تلك الصورة كما ذكره مسلم في صحيحه فيكون تنزيهه عند ذلك أنه لا يتقيد بصورة أي لا تقيده صورة بل يتجلى في أي صورة يظهر

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 346
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست