responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 338

قائل إنهما فرض و من قائل إن المضمضة سنة و الاستنشاق فرض هذا حكمهما في الظاهر قد نقلناه

[حكم المضمضة و الاستنشاق في الباطن]

فأما حكمهما في الباطن فمنهما ما هو فرض و منهما ما هو سنة فأما المضمضة فالفرض منها التلفظ بلا إله إلا اللّٰه فإن بها يتطهر لسانك من الشرك و صدرك فإن حروفها من الصدر و اللسان و كذلك في كل فرض أوجب اللّٰه عليك التلفظ به مما لا ينوب فيه عنك غيرك فيسقط عنك كفرض الكفاية كرجل أبصر أعمى على بعد يريد السقوط في حفرة يتأذى بالسقوط فيها أو يهلك فيتعين عليه فرضا أن ينادي به يحذره من السقوط بما يفهم عنه لكونه لا يلحقه فإن سبقه إنسان إلى ذلك سقط عنه ذلك الفرض الذي كان تعين عليه فإن تكلم به فهو خير له و ليس بفرض عليه فإذا تمضمض في باطنه بهذا و أمثاله فقد أصاب خيرا و قال خيرا و هو حسن القول و صدق اللسان طهور من الكذب و الجهر بالقول الحسن طهور من الجهر بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ و إن كان جزاء بقوله إِلاّٰ مَنْ ظُلِمَ و لكن السكوت عنه أفضل و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر طهور من نقيضيهما فمثل هذا فرض المضمضة و سننها و كذلك الاستنشاق

[الأنف في عرف العرب رمز العزة و الكبرياء]

فاعلم إن الاستنشاق في الباطن لما كان الأنف في عرف العرب محل العزة و الكبرياء و لهذا تقول العرب في دعائها أرغم اللّٰه أنفه و قد اتفق هذا على رغم أنفه و الرغام التراب أي حطك اللّٰه من كبريائك و عزك إلى مقام الذلة و الصغار فكنى عنه بالتراب فإن الأرض سماها اللّٰه ذلولا على المبالغة فإن أذل الأذلاء من وطئه الذليل و العبيد أذلاء و هم يطئون الأرض بالمشي عليها في مناكبها فلهذا سماها ببنية المبالغة

[الاستنثار أو استعمال أحكام العبودية]

و لا يندفع هذا و لا تزول الكبرياء من الباطن إلا باستعمال أحكام العبودية و الذلة و الافتقار و لهذا شرع الاستنثار في الاستنشاق فقيل له اجعل في أنفك ماء ثم استنثر و الماء هنا علمك بعبوديتك إذا استعملته في محل كبريائك خرج الكبرياء من محله و هو الاستنثار و منه فرض و استعماله في الباطن فرض بلا شك و أما كونه سنة فمعناه أنك لو تركته صح وضوؤك و محله في هذا القدر أنك لو تركت معاملتك لعبدك أو لمن هو تحت أمرك و هنا سر خفي يتضمنه رب أعطني كذا أو لمن هو دونك بالتواضع و أظهرت العزة و حكم الرئاسة لمصلحة تراها أباحها لك الشارع فلم تستنشق جاز حكم طهارتك دون استعمال هذا الفعل و إن كان استعمالها أفضل فهذا موضع سقوط فرضها فلهذا قلنا قد يكون سنة و قد يكون فرضا لعلمنا أنه لو أجمع أهل مدينة على ترك سنة وجب قتالهم و لو تركها واحد لم يقتل فإن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم كان لا يغير على مدينة إذا جاءها ليلا حتى يصبح فإن سمع أذانا أمسك و إلا أغار و كان يتلو إذا لم يسمع أذانا إنا إذا نزلنا بساحة قوم فَسٰاءَ صَبٰاحُ الْمُنْذَرِينَ

[ما من حكم في الشريعة ظاهرا إلا و له ما يقابله باطنا]

و ما من حكم من أحكام فرائض الشريعة و سننها و استحباباتها إلا و لها في الباطن حكم أو أزيد على قدر ما يفتح للعبد في ذلك فرضا كان أو سنة أو مستحبا لا بد من ذلك و حد ذلك في سائر العبادات المشروعة كلها و بهذا يتميز حكم الظاهر من الباطن فإن الظاهر يسرى في الباطن و ليس في الباطن أمر مشروع يسرى في الظاهر بل هو عليه مقصور فإن الباطن معان كلها و الظاهر أفعال محسوسة فينتقل من المحسوس إلى المعنى و لا ينتقل من المعنى إلى الحس

(باب التحديد في غسل الوجه)

لا خلاف إن غسل الوجه فرض و حكمه في الباطن المراقبة و الحياء من اللّٰه مطلقا و ذلك أن لا تتعدى حدود اللّٰه تعالى و اختلف علماء الرسوم في تحديد غسل الوجه في الوضوء في ثلاثة مواضع منها البياض الذي بين العذار و الأذن و الثاني ما سدل من اللحية و الثالث غسل اللحية فأما البياض المذكور فمن قائل إنه من الوجه و من قائل إنه ليس من الوجه و أما ما انسدل من اللحية فمن قائل بوجوب إمرار الماء عليه و من قائل بأن ذلك لا يجب و أما تخليل اللحية فمن قائل بوجوب تخليلها و من قائل إنه لا يجب

(وصل في حكم ما ذكرناه في الباطن)

[غسل الوجه من الناحية الباطنية]

أما غسل الوجه مطلقا من غير نظر إلى تحديد الأمر في ذلك فإن منه ما هو فرض و منه ما ليس بفرض فأما الفرض فالحياء من اللّٰه أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك و أما السنة منه الحياء من اللّٰه أن تكشف عورتك في خلوتك فالله أولى أن تستحيي منه مع علمك أنه ما من جزء فيك إلا و هو يراه منك و لكن حكمه في أفعالك من حيث أنت مكلف ما ذكرناه و قد ورد به الخبر و كذلك النظر إلى عورة امرأتك و إن كان قد أبيح لك ذلك و لكن استعمال الحياء فيها أفضل و أولى فيسقط الفرض

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 338
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست