responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 336

الرسل و الأعمال الظاهرة و ما عندهم في بواطنهم من الايمان مثقال ذرة فبهذا القدر تميزوا من الكفار و قيل فيهم إنهم منافقون قال تعالى إِنَّ(اللّٰهَ جٰامِعُ)الْمُنٰافِقِينَ وَ الْكٰافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً فذكر الدار فالمنافقون يعذبون في أسفل جهنم و الكافرون لهم عذاب في الأعلى و الأسفل

[العذاب في جهنم على مراتب و طبقات]

فإن اللّٰه قد رتب مراتب و طبقات للعذاب في نار جهنم لأعمال مخصوصة بأعضاء مخصوصة على ميزان معلوم لا يتعداه فالمؤمن ليس للنار اطلاع على محل إيمانه البتة فما له نصيب في النار اَلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ و إن خرج عنه هناك فإن عنايته سارية في محله من الإنسان و إنما يخرج عنه ليحميه و يرد عنه من عذاب اللّٰه ما شاء اللّٰه كما خرج عنه في الدنيا إذا أوقع المعصية

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في المؤمن يشرب الخمر و يسرق و يزني إنه لا يفعل شيئا من ذلك و هو مؤمن حال فعله و قال إن الايمان يخرج عنه في ذلك الوقت حال الفعل و تأول الناس هذا الحديث على غير وجهه لأنهم ما فهموا مقصود الشارع و فسروا الايمان بالأعمال فقالوا إنه أراد العمل فأبان النبي صلى اللّٰه عليه و سلم مراده بذلك في الحديث الآخر

فقال صلى اللّٰه عليه و سلم إن العبد إذا زنى خرج عنه الايمان حتى يصير عليه كالظلة فإذا أقلع رجع إليه الايمان

[المعصية و الايمان لا يجتمعان]

فاعلم أن الحكمة الإلهية في ذلك أن العبد إذا شرع في المخالفة التي هو بها مؤمن أنها مخالفة و معصية فقد عرض نفسه بفعله إياها لنزول عذاب اللّٰه عليه و إيقاع العقوبة به و أن ذلك الفعل يستدعي وقوع البلاء به من اللّٰه فيخرج عنه إيمانه الذي في قلبه حتى يكون عليه مثل الظلة فإذا نزل البلاء من اللّٰه يطلبه تلقاه إيمانه فيرده عنه فإن الايمان لا يقاومه شيء و يمنعه من الوصول إليه رحمة من اللّٰه و ما بعد بيان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بيان و لهذا قلنا إن العبد المؤمن لا يخلص له أبدا معصية لا تكون مشوبة بطاعة و هي كونه مؤمنا بها أنها معصية فهو من الذين خَلَطُوا عَمَلاً صٰالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً فقال اللّٰه عَسَى اللّٰهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ و التوبة الرجوع فمعناه أن يرجع عليهم بالرحمة فإنه تعالى تمم الآية بقوله إِنَّ اللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ و قال العلماء إن عسى من اللّٰه واجبة فإنه لا مانع له

[الايمان عين الطهارة الباطن]

ثم نرجع و نقول إنه لما كان الايمان عين طهارة الباطن لم يتمكن أن يتصور الخلاف فيه كما تصور في الطهارة الظاهرة إلا بوجه دقيق يكون حكم الظاهر فيه في الباطن حكم الباطن في طهارة الظاهر فنقول من ذلك الوجه هل من شرط طهارة الباطن بالإيمان التلفظ به فينطق اللسان بما يعتقده القلب من ذلك أم لا فيكون في عالم الغيب إذا لم يظهر بما يعتقده في الباطن منافقا كمنافق الظاهر في عالم الشهادة فإن المؤمن يعتقد وجوب الصلاة مثلا و لا يصلي و لا يتطهر كما أن المنافق يصلي و يتطهر و لا يؤمن بوجوبها عليه بقلبه و لا يعتقده أو لا يفعله لقول ذلك الرسول الذي شرعه له فهذا معنى ذلك إذا حققت النظر فيه حتى بسري الحكم في الظاهر و الباطن على صورة ما هو في الظاهر من الخلاف و الإجماع فاعلم ذلك

(وصل)و أما أفعال هذه الطهارة

فقد ورد بها الكتاب و السنة و بين فرضها من سننها من استحباب أفعال فيها و لهذه الطهارة شروط و أركان و صفات و عدد و حدود معينة في محالها

[النية شرط في صحة الطهارة]

فمن شروطها النية و هي القصد بفعلها على جهة القربة إلى اللّٰه تعالى عند الشروع في الفعل فمن الناس من ذهب إلى أنها شرط في صحة ذلك الفعل الذي لا يصح إلا بوجودها و ما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب و لا بد و هو مذهبنا و به نقول في الطهارة الظاهرة و الباطنة و هي عندنا في الباطن آكد و أوجب لأن النية من صفات الباطن أيضا فحكمها في طهارة الباطن أقوى لأنها تحكم في موضع سلطانها و الظاهر غريب عنها فلهذا لم يختلف في علمنا في الباطن و اختلف في ذلك في الظاهر و قد تقدم من الكلام في النية طرف يغني و ذهب آخرون إلى أنها ليست بشرط صحة و أغنى ما ذكرناه في طهارة الوضوء بالماء

(وصل) [غسل اليد قبل إدخالها في إناء الوضوء]

اختلف علماء الشريعة في غسل اليد قبل إدخالها في الإناء الذي تريد الوضوء منه على أربعة أقوال فمن قائل إن غسلهما سنة بإطلاق و من قائل إن ذلك مستحب لمن يشك في طهارة يده و من قائل إن غسل اليد واجب على القائم من النوم في الإناء الذي يريد الوضوء منه و من قائل إن ذلك واجب على المنتبه من نوم الليل خاصة و هذا حصر مذاهب العلماء في علمي في هذه المسألة و لكل قائل حجة من الاستدلال يدل بها على قوله و ليس كتابنا هذا موضع إيراد أدلتهم و

تتميم [حكم غسل اليد من الوجهة الباطنية]

حكم هذه المسألة في الباطن غسل اليد هو طهارتها بما كلفه الشارع فيها بتركه و ذلك على قسمين منه ما هو واجب و منه ما هو مندوب إليه و الواجب عندنا و الفرض على السواء لفظان متواردان على معنى واحد فلا فرق

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست