responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 327

ذلك الأمر واقعا بحكم الاتفاق بالنظر إليه و إن كان علما في نفس الأمر فإن الناظر فيه ما هو على يقين و إن قطع به في نفسه لغموض الأمر فما يصح أن يكون مع الإنصاف على يقين من نفسه أنه ما فاتته دقيقة في نظره و لا فات لمن مهد له السبيل قبله من غير نبي يخبر عن اللّٰه فإن المتأخر على حساب المتقدم يعتمد فلما رأينا ذلك علمنا أن لله أسرارا في خلقه و من حصل في هذه المرتبة من العلم لم يكن أحد أقوى في الايمان منه بما جاءت به الرسل و ما جاء به رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من عند اللّٰه إلا من يدعو إِلَى اللّٰهِ عَلىٰ بَصِيرَةٍ كالرسول و أتباعه و إن كلامنا في المفاضلة إنما هو بين هؤلاء و بين المؤمنين أهل التقليد لا بين الرسل و أولياء اللّٰه و خاصته الذين تولى اللّٰه تعليمهم فأتاهم رحمة من عنده و علمهم من لدنه علما : فهم فيما علموه بحكم القطع لا بحكم الاتفاق

[علم الخط نبي بعث به قبل هو إدريس]

يقول رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في علم الخط إن نبيا من الأنبياء بعث به قيل هو إدريس عليه السلام فأوحى اللّٰه إليه في تلك الأشكال التي أقامها اللّٰه له مقام الملك لغيره و كما يجيء الملك من غير قصد من النبي لمجيئه كذلك يجيء شكل الخط من غير قصد الضارب صاحب الخط إليه و هذه هي الأمهات خاصة ثم شرع له أن يشرع و هي السنة التي يرى الرسول أن يضعها في العالم و أصلها الوحي كذلك ما يولد صاحب الخط عن الأمهات من الأولاد و أولاد الأولاد فتفصح له تلك الأشكال عن الأمر المطلوب على ما هو عليه و الضمير فيه كالنية في العمل فلا يخطئ قال عليه السلام في العلماء العالمين بالخط فمن وافق خطه يعني خط ذلك النبي فذاك يقول فقد أصاب الحق فهذا مثل من يدعو إِلَى اللّٰهِ عَلىٰ بَصِيرَةٍ من اتباع الرسل فقوله فإن وافق فما جعله علما عنده لكونه لا يقطع به و إن كان علما في نفس الأمر فهذا الفرق بين هؤلاء و بين من يدعو إِلَى اللّٰهِ عَلىٰ بَصِيرَةٍ و من هو عَلىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ فاعلم العلماء بالله بعد ملائكة اللّٰه رسل اللّٰه و أولياؤه ثم العلماء بالأدلة و من دونهم و إن وافق العلم في نفس الأمر فليس هو عند نفسه بعالم للتردد الإمكانى الذي يجده في نفسه المنصف فما هو مؤمن إلا بما جاء في كتاب اللّٰه على التعيين و ما جاء عن رسوله على الجملة لا على التفصيل إلا ما حصل له من ذلك تواترا و لهذا قيل للمؤمنين آمِنُوا بِاللّٰهِ وَ رَسُولِهِ فقد بانت لك مراتب الخلق في العلم بالله

[الرسول معلم في التوحيد للعالم بالله و الجاهل به]

فإذا جاء الرسول و بين يديه العلماء بالله و غير العلماء بالله و

قال للجميع قولوا لا إله إلا اللّٰه علمنا على القطع أنه صلى اللّٰه عليه و سلم في ذلك القول معلم لمن لا علم له بتوحيد اللّٰه من المشركين و علمنا أنه في ذلك القول أيضا معلم للعلماء بالله و توحيده إن التلفظ به واجب و أنه العاصم لهم من سفك دمائهم و أخذ أموالهم و سبي ذراريهم و لهذا

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللّٰه فإذا قالوها عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحق الإسلام و حسابهم على اللّٰه و لم يقل حتى يعلموا فإن فيهم العلماء فالحكم هنا للقول لا للعلم و الحكم يَوْمَ تُبْلَى السَّرٰائِرُ في هذا للعلم لا للقول فقالها هنا العالم و المؤمن و المنافق الذي ليس بعالم و لا مؤمن فإذا قالوا هذه الكلمة عصموا دماءهم و أموالهم إلا بحقها في الدنيا و الآخرة و حسابهم على اللّٰه في الآخرة من أجل المنافق و من ترتب عليه حق لأحد فلم يؤخذ منه و أما في الدنيا فمن أجل الحدود الموضوعة فإن قول لا إله إلا اللّٰه لا يسقطها في الدنيا و لا في الآخرة و أما حسابهم على اللّٰه في الآخرة يَوْمَ يَجْمَعُ اللّٰهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مٰا ذٰا أُجِبْتُمْ فيعلمون بقرينة الحال أنه سؤال و استفهام عن إجابتهم بالقلوب فيقولون لاٰ عِلْمَ لَنٰا أي لم نطلع على القلوب إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّٰمُ الْغُيُوبِ تأكيد و تأييد لما ذكرنا

[أركان الإسلام الخمس]

ثم قال صلى اللّٰه عليه و سلم من اسمه الملك بنى الإسلام على خمس فصيره ملكا شهادة أن لا إله إلا اللّٰه و هي القلب و أن محمدا رسول اللّٰه حاجب الباب و إقام الصلاة المجنبة اليمنى و إيتاء الزكاة المجنبة اليسرى و صيام رمضان التقدمة و الحج الساقة و ربما كانت الصلاة التقدمة لكونها نورا فهي تحجب الملك و

قد ورد في الخبر أن حجابه النور و تكون الزكاة الميمنة لأنها إنفاق يحتاج إلى قوة لإخراج ما كان يملكه عن ملكه و يكون الحج الميسرة لما فيه من الإنفاق و القرابين حيث تجتمع بالزكاة في الصدقة و الهدية و كلاهما من أعمال الأيدي و يكون الصوم في الساقة فإن الخلف نظير الأمام و هو ضياء فإن الصبر ضياء يريد الصوم و الضياء من النور فهو أولى بالساقة للموازنة فإن الآخر يمشي على أثر الأول و هكذا يكون الايمان الإلهي يوم القيامة فيأتي الايمان يوم القيامة في صورة ملك على هذه الصفة فأهل لا إله إلا اللّٰه في القلب و أهل الصلاة في التقدمة و أهل الزكاة و هي الصدقة في الميمنة و أهل الحج في الميسرة و أهل الصيام في الساقة جعلنا اللّٰه ممن قام بناء بيته على هذه القواعد

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 327
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست