responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 321

الماكثون المكرمون المنعمون و أنتم السادة الأشراف الذين أطعتموني و اجتنبتم محارمي فارفعوا إلي حوائجكم أقضها لكم و كرامة و نعمة قال فيقولون ربنا ما كان هذا أملنا و لا أمنيتنا و لكن حاجتنا إليك النظر إلى وجهك الكريم أبدا أبدا و رضي نفسك عنا فيقول لهم العلي الأعلى مالك الملك السخي الكريم تبارك و تعالى فهذا وجهي بارز لكم أبدا سرمدا فانظروا إليه و أبشروا فإن نفسي عنكم راضية فتمتعوا و قوموا إلى أزواجكم فعانقوا و أنكحوا و إلى ولائدكم ففاكهوا و إلى غرفكم فادخلوا و إلى بساتينكم فتنزهوا و إلى دوابكم فاركبوا و إلى فرشكم فاتكئوا و إلى جواريكم و سراريكم في الجنان فاستأنسوا و إلى هداياكم من ربكم فأقبلوا و إلى كسوتكم فالبسوا و إلى مجالسكم فتحدثوا ثم قيلوا قائلة لا نوم فيها و لا غائلة في ظل ظليل و أمن مقيل و مجاورة الجليل ثم روحوا إلى نهر الكوثر و الكافور و الماء المطهر و التسنيم و السلسبيل و الزنجبيل فاغتسلوا و تنعموا طوبى لكم وَ حُسْنُ مَآبٍ ثم روحوا فاتكئوا على الرفارف الخضر و العبقري الحسان و الفرش المرفوعة في الظل الممدود و الماء المسكوب و الفاكهة الكثيرة لاٰ مَقْطُوعَةٍ وَ لاٰ مَمْنُوعَةٍ ثم تلا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إِنَّ أَصْحٰابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فٰاكِهُونَ هُمْ وَ أَزْوٰاجُهُمْ فِي ظِلاٰلٍ عَلَى الْأَرٰائِكِ مُتَّكِؤُنَ لَهُمْ فِيهٰا فٰاكِهَةٌ وَ لَهُمْ مٰا يَدَّعُونَ سَلاٰمٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ثم تلا هذه الآية أَصْحٰابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلاً

[رفع الحجاب و التنعم بمشاهدة الذات]

إلى هنا انتهى حديث أبي بكر النقاش الذي أسندناه في باب القيامة قبل هذا في حديث المواقف ثم إن الحق تعالى بعد هذا الخطاب يرفع الحجاب و يتجلى لعباده فيخرون سجدا فيقول لهم ارفعوا رءوسكم فليس هذا موطن سجوديا عبادي ما دعوتكم إلا لتنعموا بمشاهدتي فيمسكهم في ذلك ما شاء اللّٰه فيقول لهم هل بقي لكم شيء بعد هذا فيقولون يا ربنا و أي شيء بقي و قد نجيتنا من النار و أدخلتنا دار رضوانك و أنزلتنا بجوارك و خلعت علينا ملابس كرمك و أريتنا وجهك فيقول الحق جل جلاله بقي لكم فيقولون يا ربنا و ما ذاك الذي بقي فيقول دوام رضاي عنكم فلا أسخط عليكم أبدا فما أحلاها من كلمة و ما ألذها من بشرى فبدأ سبحانه بالكلام خلقنا فقال كُنْ فأول شيء كان لنا منه السماع فختم بما به بدأ فقال هذه المقالة فختم بالسماع و هو هذه البشرى و تتفاضل الناس في رؤيته سبحانه و يتفاوتون فيها تفاوتا عظيما على قدر علمهم فمنهم و منهم ثم يقول سبحانه لملائكته ردوهم إلى قصورهم فلا يهتدون لأمرين لما طرأ عليهم من سكر الرؤية و لما زادهم من الخير في طريقهم فلم يعرفوها فلو لا أن الملائكة تدل بهم ما عرفوا منازلهم فإذا وصلوا إلى منازلهم تلقاهم أهلهم من الحور و الولدان فيرون جميع ملكهم قد كسي بهاء و جمالا و نورا من وجوههم أفاضوه إفاضة ذاتية على ملكهم فيقولون لهم لقد زدتم نورا و بهاء و جمالا ما تركناكم عليه فيقول لهم أهلهم و كذا كم أنتم قد زدتم من البهاء و الجمال ما لم يكن فيكم عند مفارقتكم إيانا فينعم بعضهم ببعض

[الراحة المطلقة و الرحمة المطلقة في أهل الجنة و في أهل النار]

و اعلم أن الراحة و الرحمة مطلقة في الجنة كلها و إن كانت الرحمة ليست بأمر وجودي و إنما هي عبارة عن الأمر الذي يلتذ و يتنعم به المرحوم و ذلك هو الأمر الوجودي فكل من في الجنة متنعم و كل ما فيها نعيم فحركتهم ما فيها نصب و أعمالهم ما فيها لغوب إلا راحة النوم ما عندهم لأنهم ما ينامون فما عندهم من نعيم النوم شيء و نعيم النوم هو الذي يتنعم به أهل النار خاصة فراحة النوم محلها جهنم و من رحمة اللّٰه بأهل النار في أيام عذابهم خمود النار عنهم ثم تسعر بعد ذلك عليهم فيخف عنهم بذلك من آلام العذاب على قدر ما خبت النار قال تعالى كُلَّمٰا خَبَتْ زِدْنٰاهُمْ سَعِيراً و هذا يدلك أن النار محسوسة بلا شك فإن النار ما تتصف بهذا الوصف إلا من كون قيامها بالأجسام لأن حقيقة النار لا تقبل هذا الوصف من حيث ذاتها و لا الزيادة و لا النقص و إنما هو الجسم المحرق بالنار هو الذي يسجر بالنارية و إن حملنا هذه الآية على الوجه الآخر قلنا قوله تعالى كُلَّمٰا خَبَتْ يعني النار المسلطة على أجسامهم زِدْنٰاهُمْ يعني المعذبين سَعِيراً فإنه لم يقل زدناها و معنى ذلك أن العذاب ينقلب إلى بواطنهم و هو أشد العذاب الحسي يشغلهم عن العذاب المعنوي فإذا خبت النار في ظواهرهم و وجدوا الراحة من حيث حسهم سلط اللّٰه عليهم في بواطنهم التفكر فيما كانوا فرطوا فيه من الأمور التي لو عملوا بها لنالوا السعادة و تسلط عليهم الوهم بسلطانه فيتوهمون عذابا أشد مما كانوا فيه فيكون عذابهم بذلك التوهم في نفوسهم أشد من حلول العذاب المقرون بتسلط النار المحسوسة على أجسامهم و تلك النار التي أعطاها الوهم هي النار اَلَّتِي تَطَّلِعُ

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 321
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست