responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 319

الأعلى ينقص لبنة ذهب و في الصف الذي يليه ينقص لبنة فضة فرأيت نفسي قد انطبعت في موضع تلك اللبنتين فكنت أنا عين تينك اللبنتين و كمل الحائط و لم يبق في الكعبة شيء ينقص و أنا واقف أنظر و اعلم إني واقف و اعلم إني عين تينك اللبنتين لا أشك في ذلك و أنهما عين ذاتي و استيقظت فشكرت اللّٰه تعالى و قلت متأولا إني في الاتباع في صنفي كرسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في الأنبياء عليهم السلام و عسى أن أكون ممن ختم اللّٰه الولاية بي وَ مٰا ذٰلِكَ عَلَى اللّٰهِ بِعَزِيزٍ و ذكرت حديث النبي صلى اللّٰه عليه و سلم في ضربه المثل بالحائط و أنه كان تلك اللبنة فقصصت رؤياى على بعض علماء هذا الشأن بمكة من أهل توزر فأخبرني في تأويلها بما وقع لي و ما سميت له الرائي من هو فالله أسأل أن يتمها علي بكرمه فإن الاختصاص الإلهي لا يقبل التحجير و لا الموازنة و لا العمل و إن ذٰلِكَ مِنْ فَضْلِ اللّٰهِ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشٰاءُ وَ اللّٰهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ

[جنات الأعمال:درجاتها و منازلها]

و اعلم أن جنة الأعمال مائة درجة لا غير كما إن النار مائة درك غير أن كل درجة تنقسم إلى منازل فلنذكر من منازلها ما يكون لهذه الأمة المحمدية و ما تفضل به على سائر الأمم فإنها خير أمة أُخْرِجَتْ لِلنّٰاسِ بشهادة الحق في القرآن و تعريفه و هذه المائة درجة في كل جنة من الثمان الجنات و صورتها جنة في جنة و أعلاها جنة عدن و هي قصبة الجنة فيها الكثيب الذي يكون اجتماع الناس فيه لرؤية الحق تعالى و هي أعلى جنة في الجنات هي في الجنات بمنزلة دار الملك يدور عليها ثمانية أسوار بين كل سورين جنة فالتي تلي جنة عدن إنما هي جنة الفردوس و هي أوسط الجنات التي دون جنة عدن و أفضلها ثم جنة الخلد ثم جنة النعيم ثم جنة المأوى ثم دار السلام ثم دار المقامة و أما الوسيلة فهي أعلى درجة في جنة عدن و هي لرسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم حصلت له بدعاء أمته فعل ذلك الحق سبحانه حكمة أخفاها فإنا بسببه نلنا السعادة من اللّٰه و به كنا خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّٰاسِ و به ختم اللّٰه بنا الأمم كما ختم به النبيين و هو صلى اللّٰه عليه و سلم بشر كما أمر أن يقول و لنا وجه خاص إلى اللّٰه عز و جل نناجيه منه و يناجينا و هكذا كل مخلوق له وجه خاص إلى ربه فأمرنا عن أمر اللّٰه أن ندعو له بالوسيلة حتى ينزل فيها و ينالها بدعاء أمته فافهم هذا الفضل العظيم و هذا من باب الغيرة الإلهية إن فهمت فلقد كرم اللّٰه هذا النبي و هذه الأمة فتحوى درجات الجنة من الدرج فيها على خمسة آلاف درج و مائة درج و خمسة أدراج لا غير و قد تزيد على هذا العدد بلا شك و لكن ذكرنا منها ما اتفق عليه أهل الكشف مما يجري مجرى الأنواع من الأجناس

[اختصاصات النبي محمد ص و أمته في الجنة]

و الذي اختصت به هذه الأمة المحمدية على سائر الأمم من هذه الأدراج اثنا عشر درجا لا غير لا يشاركها فيها أحد من الأمم كما

فضل صلى اللّٰه عليه و سلم غيره من الرسل في الآخرة بالوسيلة و فتح باب الشفاعة و في الدنيا بست لم يعطها نبي قبله كما ورد في الحديث الصحيح من حديث مسلم بن الحجاج فذكر منها عموم رسالته و تحليل الغنائم و النصر بالرعب و جعلت له الأرض كلها مسجدا و جعلت تربتها له طهورا و أعطى مفاتيح خزائن الأرض

[أصناف أهل الجنة الأربعة]

ثم اعلم أن أهل الجنة أربعة أصناف الرسل و هم الأنبياء و الأولياء و هم أتباع الرسل على بصيرة و بينة من ربهم و المؤمنون و هم المصدقون بهم عليهم السلام و العلماء بتوحيد اللّٰه إنه لا إله إلا هو من حيث الأدلة العقلية قال اللّٰه تعالى شَهِدَ اللّٰهُ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ وَ الْمَلاٰئِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ و هؤلاء هم الذين أريده بالعلماء و فيهم يقول اللّٰه تعالى يَرْفَعِ اللّٰهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجٰاتٍ

[الطريق الموصلة إلى العلم بالله]

و الطريق الموصلة إلى العلم بالله طريقان لا ثالث لهما و من وحد اللّٰه من غير هذين الطريقين فهو مقلد في توحيده(الطريق الواحدة)طريق الكشف و هو علم ضروري يحصل عند الكشف يجده الإنسان في نفسه لا يقبل معه شبهة و لا يقدر على دفعه و لا يعرف لذلك دليلا يستند إليه سوى ما يجده في نفسه إلا أن بعضهم قال يعطي الدليل و المدلول في كشفه فإنه ما لا يعرف إلا بالدليل فلا بد أن يكشف له عن الدليل و كان يقول بهذه المقالة صاحبنا أبو عبد اللّٰه بن الكتاني بمدينة فاس سمعت ذلك منه و أخبر عن حاله و صدق و أخطأ في إن الأمر لا يكون إلا كذلك فإن غيره يجد ذلك في نفسه ذوقا من غير أن يكشف له عن الدليل و أما أن يحصل له عن تجل إلهي يحصل له و هم الرسل و الأنبياء و بعض الأولياء(و الطريق الثاني)طريق الفكر و الاستدلال بالبرهان العقلي و هذا الطريق دون الطريق الأول فإن صاحب النظر في الدليل قد تدخل عليه الشبه القادحة في دليله فيتكلف الكشف عنها و البحث عن وجه الحق في الأمر المطلوب و ما ثم طريق ثالث فهؤلاء هم أولو العلم الذين شهدوا بتوحيد

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 319
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست