responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 318

ممن ذكرنا و من المؤمنين و هي الأماكن التي كانت معينة لأهل النار لو دخلوها و الجنة الثالثة جنة الأعمال و هي التي ينزل الناس فيها بأعمالهم فمن كان أفضل من غيره في وجوه التفاضل كان له من الجنة أكثر و سواء كان الفاضل دون المفضول أ و لم يكن غير أنه فضله في هذا المقام بهذه الحالة فما من عمل من الأعمال إلا و له جنة و يقع التفاضل فيها بين أصحابها بحسب ما تقتضي أحوالهم

ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم أنه قال لبلال يا بلال بم سبقتني إلى الجنة فما وطئت منها موضعا إلا سمعت خشخشتك أمامي فقال يا رسول اللّٰه ما أحدثت قط إلا توضأت و لا توضأت إلا صليت ركعتين فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بهما فعلمنا أنها كانت جنة مخصوصة بهذا العمل فكان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يقول لبلال بم نلت أن تكون مطرقا بين يدي تحجبني من أين لك هذه المسابقة إلى هذه المرتبة فلما ذكر له ذلك قال له صلى اللّٰه عليه و سلم بهما فما من فريضة و لا نافلة و لا فعل خير و لا ترك محرم و مكروه إلا و له جنة مخصوصة و نعيم خاص يناله من دخلها

[مراتب التفاضل في الأعمال و الطاعات]

و التفاضل على مراتب فمنها بالسن و لكن في الطاعة و الإسلام فيفضل الكبير السن على الصغير السن إذا كانا على مرتبة واحدة من العمل بالسن فإنه أقدم منه فيه و يفضل أيضا بالزمان فإن العمل في رمضان و في يوم الجمعة و في ليلة القدر و في عشر ذي الحجة و في عاشوراء أعظم من سائر الأزمان و كل زمان عينه الشارع و تقع المفاضلة بالمكان كالمصلي في المسجد الحرام أفضل من صلاة المصلي في مسجد المدينة و كذلك الصلاة في مسجد المدينة أفضل من الصلاة في المسجد الأقصى و هكذا فضل الصلاة في المسجد الأقصى على سائر المساجد و يتفاضلون أيضا بالأحوال فإن الصلاة في الجماعة في الفريضة أفضل من صلاة الشخص وحده و أشباه هذا و يتفاضلون بالأعمال فإن الصلاة أفضل من إماطة الأذى و قد فضل اللّٰه الأعمال بعضها على بعض و يتفاضلون أيضا في نفس العمل الواحد كالمتصدق على رحمه فيكون صاحب صلة رحم و صدقة و المتصدق على غير رحمه دونه في الأجر و كذلك من أهدى هدية لشريف من أهل البيت أفضل ممن أهدى لغير شريف أو بره أو أحسن إليه و وجوه المفاضلة كثيرة في الشرع و إن كانت محصورة و لكن أريتك منها أنموذجا تعرف به ما قصدناه بالمفاضلة و الرسل عليهم السلام إنما ظهر فضلها في الجنة على غيرها بجنة الاختصاص و أما بالعمل فهم في جنات الأعمال بحسب الأحوال كما ذكرنا و كل من فضل غيره ممن ليس في مقامه فمن جنات الاختصاص لا من جنات الأعمال و من الناس من يجمع في الزمن الواحد أعمالا كثيرة فيصرف سمعه فيما ينبغي في زمان تصريفه بصره في زمان تصريفه يده في زمان صومه في زمان صدقته في زمان صلاته في زمان ذكره في زمان نيته من فعل و ترك فيؤجر في الزمن الواحد من وجوه كثيرة فيفضل غيره ممن ليس له ذلك و لذلك لما ذكر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم الثمانية الأبواب من الجنة أن يدخل من أيها شاء

قال أبو بكر يا رسول اللّٰه و ما على الإنسان أن يدخل من الأبواب كلها قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أرجو أن تكون منهم يا أبا بكر فأراد أبو بكر بذلك القول ما ذكرنا أن يكون الإنسان في زمان واحد في أعمال كثيرة تعم أبواب الجنة

[النشأة الآخرة و النشأة الدنيا]

و من هنا أيضا تعرف النشأة الآخرة فكما لا تشبه الجنة الدنيا في أحوالها كلها و إن اجتمعت في الأسماء كذلك نشأة الإنسان في الآخرة لا تشبه نشأة الدنيا و إن اجتمعتا في الأسماء و الصورة الشخصية فإن الروحانية على نشأة الآخرة أغلب من الحسية و قد ذقناه في هذه الدار الدنيا مع كثافة هذه النشأة فيكون الإنسان بعينه في أماكن كثيرة و أما عامة الناس فيدركون ذلك في المنام

[رؤيا ابن عربي الكعبة مبنية بلبن فضة و ذهب]

و لقد رأيت رؤيا لنفسي في هذا النوع و أخذتها بشرى من اللّٰه فإنها مطابقة لحديث نبوي عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم حين ضرب لنا مثله في الأنبياء عليهم السلام

فقال صلى اللّٰه عليه و سلم مثلي في الأنبياء كمثل رجل بنى حائطا فأكمله إلا لبنة واحدة فكنت أنا تلك اللبنة فلا رسول بعدي و لا نبي فشبه النبوة بالحائط و الأنبياء باللبن التي قام بها هذا الحائط و هو تشبيه في غاية الحسن فإن مسمى الحائط هنا المشار إليه لم يصح ظهوره إلا باللبن فكان صلى اللّٰه عليه و سلم خاتم النبيين فكنت بمكة سنة تسع و تسعين و خمسمائة أرى فيما يرى النائم الكعبة مبنية بلبن فضة و ذهب لبنة فضة و لبنة ذهب و قد كملت بالبناء و ما بقي فيها شيء و أنا أنظر إليها و إلى حسنها فالتفت إلى الوجه الذي بين الركن اليماني و الشامي هو إلى الركن الشامي أقرب فوجدت موضع لبنتين لبنة فضة و لبنة ذهب ينقص من الحائط في الصفين في الصف

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 318
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست