responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 317

و من الدم الفاسد المؤلم لا يحيون و لا ينعمون فيورثهم أكله سقما و مرضا ثم يدخل أهل الجنة الجنة ف‌ مٰا هُمْ مِنْهٰا بِمُخْرَجِينَ وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ انتهى الجزء الثامن و العشرون

(الباب الخامس و الستون في معرفة الجنة و منازلها و درجاتها و ما يتعلق بهذا الباب)

(بسم اللّٰه الرحمن الرحيم)

مراتب الجنة المحسوسة انقسمت إلى منازل و الأعمال تطلبها
فكل ذي عمل تجري ركائبه به إليها و رسل اللّٰه تحجبها
و جنة الاختصاصات التي انفهقت للمكرمين جنان الورث تعقبها
نور الكواكب كنا نستضيء بها و نورنا اليوم في عدن مكوكبها
لو أن غير صراط العرش مركبنا لزال عند ورود الشرع مركبها
فصالح العمل المشروع يظهرها نورا و من ذاته الإجلال يكسبها

[الجنة جنتان:جنة حسية و جنة معنوية]

اعلم أيدنا اللّٰه و إياك أن الجنة جنتان جنة محسوسة و جنة معنوية و العقل يعقلهما معا كما إن العالم عالمان عالم لطيف و عالم كثيف و عالم غيب و عالم شهادة و النفس الناطقة المخاطبة المكلفة لها نعيم بما تحمله من العلوم و المعارف من طريق نظرها و فكرها و ما وصلت إليه من ذلك بالأدلة العقلية و نعيم بما تحمله من اللذات و الشهوات مما يناله بالنفس الحيوانية من طريق قواها الحسية من أكل و شرب و نكاح و لباس و روائح و نغمات طيبة تتعلق بها الأسماع و جمال حي في صورة حسنة معشوقة يعطيها البصر في نساء كاعبات و وجوه حسان و ألوان متنوعة و أشجار و أنهار كل ذلك تنقله الحواس إلى النفس الناطقة فتلتذ به من جهة طبيعتها و لو لم يلتذ به إلا الروح الحساس الحيواني لا النفس الناطقة لكان الحيوان يلتذ بالوجه الجميل من المرأة المستحسنة و الغلام الحسن الوجه و الألوان و المصاغ فلما لم نر شيئا من الحيوان يلتذ بشيء من ذلك علمنا قطعا إن النفس الناطقة هي التي تلتذ بجميع ما تعطيه القوة الحسية مما تشاركها في إدراكه الحيوانات و مما لا تشاركها فيه

[الجنة المحسوسة خلقت بطالع الأسد و الجنة المعنوية من الفرح الإلهي]

و اعلم أن اللّٰه خلق هذه الجنة المحسوسة بطالع الأسد الذي هو الإقليد و برجه هو الأسد و خلق الجنة المعنوية التي هي روح هذه الجنة المحسوسة من الفرح الإلهي من صفة الكمال و الابتهاج و السرور فكانت الجنة المحسوسة كالجسم و الجنة المعقولة كالروح و قواه و لهذا سماها الحق تعالى الدار الحيوان لحياتها فأهلها يتنعمون فيها حسا و معنى فالمعنى الذي هو اللطيفة الإنسانية و الجنة أيضا أشد تنعما بأهلها الداخلين فيها و لهذا تطلب ملأها من الساكنين و

قد ورد في خبر عن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم أن الجنة اشتاقت إلى بلال و علي و عمار و سلمان فوصفها بالشوق إلى هؤلاء و ما أحسن موافقة هذه الأسماء لما في شوقها من المعاني فإن الشوق من المشتاق فيه ضرب ألم لطلب اللقاء و بلال من أبل الرجل من مرضه و استبل و يقال بل الرجل من دائه و بلال معناه و سلمان من السلامة من الآلام و الأمراض و عما رأى بعمارتها بأهلها يزول ألمها فإن اللّٰه سبحانه يتجلى لعباده فيها فعلي يعلو بذلك التجلي شأنها على النار التي هي أختها حيث فازت بدرجة التجلي و الرؤية إذ كانت النار دار حجاب فانظر في موافقة هذه الأسماء الأربعة لصورة حال الجنة حين وصفها بالشوق إلى هؤلاء الأصحاب من المؤمنين

[مراتب الناس في نعيم الجنة]

و الناس على أربع مراتب في هذه المسألة فمنهم من يشتهي و يشتهي و هم الأكابر من رجال اللّٰه من رسول و نبي و ولي كامل و منهم من يشتهي و لا يشتهي و هم أصحاب الأحوال من رجال اللّٰه المهيمون في جلال اللّٰه الذين غلب معناهم على حسهم و هم دون الطبقة الأولى فإنهم أصحاب أحوال و منهم من يشتهي و لا يشتهي و هم عصاة المؤمنين و منهم من لا يشتهي و لا يشتهي و هم المكذبون بِيَوْمِ الدِّينِ و القائلون بنفي الجنة المحسوسة و لا خامس لهؤلاء الأربعة الأصناف

[جنات الاختصاص و الميراث و الأعمال]

و اعلم أن الجنات ثلاث جنات جنة اختصاص إلهي و هي التي يدخلها الأطفال الذين لم يبلغوا حد العمل و حدهم من أول ما يولد إلى أن يستهل صارخا إلى انقضاء ستة أعوام و يعطي اللّٰه من شاء من عباده من جنات الاختصاص ما شاء و من أهلها المجانين الذين ما عقلوا و من أهلها أهل التوحيد العلمي و من أهلها أهل الفترات و من لم تصل إليهم دعوة رسول و الجنة الثانية جنة ميراث ينالها كل من دخل الجنة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست