responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 315

الأعمال فإنه حين نبذه وراء ظهره ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ أي تيقن قال الشاعر

فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج
أي تيقنوا

ورد في الصحيح يقول اللّٰه له يوم القيامة أ ظننت أنك ملاقي و قال تعالى وَ ذٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدٰاكُمْ

[الموطن] الثالث الموازين

فتوضع الموازين لوزن الأعمال فيجعل فيها الكتب بما عملوا و آخر ما يوضع في الميزان قول الإنسان الحمد لله و لهذا

قال صلى اللّٰه عليه و سلم الحمد لله تملأ الميزان فإنه يلقى في الميزان جميع أعمال العباد إلا كلمة لا إله إلا اللّٰه فيبقى من ملئه تحميدة فتجعل فيمتلئ بها فإن كفة ميزان كل أحد بقدر عمله من غير زيادة و لا نقصان و كل ذكر و عمل يدخل الميزان إلا لا إله إلا اللّٰه كما قلنا و سبب ذلك أن كل عمل خير له مقابل من ضده فيجعل هذا الخير في موازنته و لا يقابل لا إله إلا اللّٰه إلا الشرك و لا يجتمع توحيد و شرك في ميزان أحد لأنه إن قال لا إله إلا اللّٰه معتقدا لها فما أشرك و إن أشرك فما اعتقد لا إله إلا اللّٰه فلما لم يصح الجمع بينهما لم يكن لكلمة لا إله إلا اللّٰه من يعادلها في الكفة الأخرى و لا يرجحها شيء فلهذا لا تدخل الميزان و أما المشركون فَلاٰ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيٰامَةِ وَزْناً أي لا قدر لهم و لا يوزن لهم عمل و لا من هو من أمثالهم ممن كذب بلقاء اللّٰه و كفر بآياته فإن أعمال خير المشرك محبوطة فلا يكون لشرهم ما يوازنه فَلاٰ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيٰامَةِ وَزْناً و أما صاحب السجلات فإنه شخص لم يعمل خير قط إلا أنه تلفظ يوما بكلمة لا إله إلا اللّٰه مخلصا فتوضع له في مقابلة التسعة و التسعين سجلا من أعمال الشر كل سجل منها كما بين المغرب و المشرق و ذلك لأنه ما له عمل خير غيرها فترجح كفنها بالجميع و تطيش السجلات فيتعجب من ذلك و لا يدخل الموازين إلا أعمال الجوارح شرها و خيرها السمع و البصر و اللسان و اليد و البطن و الفرج و الرجل و أما الأعمال الباطنة فلا تدخل الميزان المحسوس لكن يقام فيها العدل و هو الميزان الحكمي المعنوي محسوس لمحسوس و معنى لمعنى يقابل كل شيء بمثله فلهذا توزن الأعمال من حيث ما هي مكتوبة

[الموطن] الرابع الصراط

و هو الصراط المشروع الذي كان هنا معنى ينصب هنالك حسا محسوسا يقول اللّٰه لنا وَ أَنَّ هٰذٰا صِرٰاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لاٰ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ و

لما تلا رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم هذه الآية خط خطا و خط عن جنبتيه خوطا هكذا و هذا هو صراط التوحيد و لوازمه و حقوقه

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللّٰه فإذا قالوها عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحق الإسلام و حسابهم على اللّٰه أراد بقوله و حسابهم على اللّٰه أنه لا يعلم أنهم قالوها معتقدين لها إلا اللّٰه فالمشرك لا قدم له على صراط التوحيد و له قدم على صراط الوجود و المعطل لا قدم له على صراط الوجود فالمشرك ما وحد اللّٰه هنا فهو من الموقف إلى النار مع المعطلة و من هو من أهل النار الذين هم أهلها إلا المنافقين فلا بد لهم أن ينظروا إلى الجنة و فيها من النعيم فيطمعون فذلك نصيبهم من نعيم الجنان ثم يصرفون إلى النار و هذا من عدل اللّٰه فقوبلوا بأعمالهم و الطائفة التي لا تخلد في النار إنما تمسك و تسأل و تعذب على الصراط و الصراط على متن جهنم غائب فيها و الكلاليب التي فيه بها يمسكهم اللّٰه عليه و لما كان الصراط في النار و ما ثم طريق إلى الجنة إلا عليه قال تعالى وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلاّٰ وٰارِدُهٰا كٰانَ عَلىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا و من عرف معنى هذا القول عرف مكان جهنم ما هو و لو قاله النبي صلى اللّٰه عليه و سلم لما سئل عنه لقلته فما سكت عنه و قال في الجواب في علم اللّٰه إلا بأمر إلهي فإنه مٰا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوىٰ و ما هو من أمور الدنيا فسكوتنا عنه هو الأدب و قد أتى في صفة الصراط أنه أدق من الشعر و أحد من السيف و كذا هو علم الشريعة في الدنيا لا يعلم وجه الحق في المسألة عند اللّٰه و لا من هو المصيب من المجتهدين بعينه و لذلك تعبدنا بغلبات الظنون بعد بذل المجهود في طلب الدليل لا في المتواتر و لا في خبر الواحد الصحيح المعلوم فإن المتواتر و إن أفاد العلم فإن العلم المستفاد من التواتر إنما هو عين هذا اللفظ أو العلم إن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم قاله أو عمل به و مطلوبنا بالعلم ما يفهم من ذلك القول و العمل حتى يحكم في المسألة على القطع و هذا لا يوصل إليه إلا بالنص الصريح المتواتر و هذا لا يوجد إلا نادرا مثل قوله تعالى تِلْكَ عَشَرَةٌ كٰامِلَةٌ في كونها عشرة خاصة فحكمها بالشرع أحد من السيف و أدق من الشعر في الدنيا فالمصيب للحكم واحد لا بعينه و الكل مصيب للأجر فالشرع هنا هو الصراط المستقيم و لا يزال في كل ركعة من الصلاة يقول اِهْدِنَا الصِّرٰاطَ الْمُسْتَقِيمَ فهو أحد من السيف و أدق من الشعر فظهوره في الآخرة محسوس أبين و أوضح من ظهوره في الدنيا إلا لمن دعا إلى اللّٰه على

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 315
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست