responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 312

أن يمتد عمره دائما و لو لا أن الشرع عرف بانقضاء مدة هذه الدار و أن كل نفس ذائقة الموت و عرف بالإعادة و عرف بالدار الآخرة و عرف بأن الإقامة فيها في النشأة الآخرة إلى غير نهاية ما عرفنا ذلك و ما خرجنا في كل حال من موت و إقامة و بعث أخروي و نشأة أخرى و جنان و نعيم و نار و عذاب بأكل محسوس و شرب محسوس و نكاح محسوس و لباس على المجرى الطبيعي فعلم اللّٰه أوسع و أتم و الجمع بين العقل و الحس و العقول و المحسوس أعظم في القدرة و أتم في الكمال الإلهي ليستمر له سبحانه في كل صنف من الممكنات حكم عالم الغيب و الشهادة و يثبت حكم الاسم الظاهر و الباطن في كل صنف

[المعاد-اى الحشر- هو جسماني و روحاني]

فإن فهمت فقد وفقت و تعلم أن العلم الذي أطلع عليه النبيون و المؤمنون من قبل الحق أعم تعلقا من علم المنفردين بما تقتضيه العقول مجردة عن الفيض الإلهي فالأولى بكل ناصح نفسه الرجوع إلى ما قالته الأنبياء و الرسل على الوجهين المعقول و المحسوس إذ لا دليل للعقل يحيل ما جاءت به الشرائع على تأويل مثبتي المحسوس من ذلك و المعقول فالإمكان باق حكمه و المرجح موجود فبما ذا يحيل و ما أحسن قول القائل

زعم المنجم و الطبيب كلاهما لا تبعث الأجسام قلت إليكما
إن صح قولكما فلست بخاسر أو صح قولي فالخسار عليكما
فقوله فالخسار عليكما يريد حيث لم يؤمنوا بظاهر ما جاءتهم به الرسل عليهم السلام و قوله فلست بخاسر فإني مؤمن أيضا بالأمور المعنوية المعقولة مثلكم و زدنا عليكم بأمر آخر لم تؤمنوا أنتم به و لم يرد القائل به أنه يشك بقوله إن صح و إنما ذلك على مذهبك أيها المخاطب و هذا يستعمل مثله كثيرا فتدبر كلامي هذا و ألزم الايمان نفسك تربح و تسعد إن شاء اللّٰه تعالى

[كيفية الإعادة-المعاد-و الحشر و النشر]

و بعد أن تقرر هذا فاعلم إن الخلاف الذي وقع بين المؤمنين القائلين في ذلك بالحس و المحسوس إنما هو راجع إلى كيفية الإعادة فمنهم من ذهب إلى أن الإعادة تكون في الناس مثل ما بدأهم بنكاح و تناسل و ابتداء خلق من طين و نفخ كما جرى من خلق آدم و حواء و سائر البنين من نكاح و اجتماع إلى آخر مولود في العالم البشرى الإنساني و كل ذلك في زمان صغير و مدة قصيرة على حسب ما يقدره الحق تعالى هكذا زعم الشيخ أبو القاسم بن قسي في خلع النعلين له في قوله تعالى كَمٰا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فلا أدري هل هو مذهبه أو هل قصد شرح المتكلم به و هو خلف اللّٰه الذي جاء بذلك الكلام و كان من الأميين و منهم من قال بالخبر المروي إن السماء تمطر مطرا شبه المني تمخض به الأرض فتنشأ منه النشأة الآخرة و أما قوله تعالى عندنا كَمٰا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ هو قوله وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولىٰ فَلَوْ لاٰ تَذَكَّرُونَ و قوله كَمٰا بَدَأْنٰا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنٰا و قد علمنا إن النشأة الأولى أوجدها اللّٰه تعالى على غير مثال سبق فهكذا النشأة الآخرة يوجدها اللّٰه تعالى على غير مثال سبق مع كونها محسوسة بلا شك و قد ذكر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم من صفة نشأة أهل الجنة و النار ما يخالف ما هي عليه هذه النشأة الدنيا فعلمنا إن ذلك راجع إلى عدم مثال سابق ينشئها عليه و هو أعظم في القدرة و أما قوله وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ فلا يقدح فيما قلنا فإنه لو كانت النشأة الأولى عن اختراع فكر و تدبر و نظر إلى أن خلق أمرا فكانت إعادته إلى أن يخلق خلقا آخر مما يقارب ذلك و يزيد عليه أقرب للاختراع و الاستحضار في حق من يستفيد الأمور بفكره و اللّٰه منزه عن ذلك و متعال عنه علوا كبيرا فهو الذي يفيد العالم و لا يستفيد و لا يتجدد له علم بشيء بل هو عالم بتفصيل ما لا يتناهى بعلم كلي فعلم التفصيل في عين الإجمال و هكذا ينبغي لجلاله أن يكون

[عجب الذنب ما تقوم عليه النشأة الانسانية و هو لا يبلى]

فينشئ اللّٰه النشأة الآخرة على عجب الذنب الذي يبقى من هذه النشأة الدنيا و هو أصلها فعليه تركب النشأة الآخرة فأما أبو حامد فرأى إن العجب المذكور في الخبر أنه النفس و عليها تنشأ النشأة الآخرة و قال غيره مثل أبي زيد الرقراقي هو جوهر فرد يبقى من هذه النشأة الدنيا لا يتغير عليه تنشأ النشأة الأخرى و كل ذلك محتمل و لا يقدح في شيء من الأصول بل كلها توجيهات معقولة يحتمل كل توجيه منها أن يكون مقصودا و الذي وقع لي به الكشف الذي لا أشك فيه إن المراد بعجب الذنب هو ما تقوم عليه النشأة و هو لا يبلى أي لا يقبل البلى

[النفختان و اشتعال الصور البرزخية بأرواحها]

فإذا أنشأ اللّٰه النشأة الآخرة و سواها و عدلها و إن كانت هي الجواهر بأعيانها فإن الذوات الخارجة إلى الوجود من العدم لا تنعدم أعيانها بعد وجودها و لكن تختلف فيها الصور بالامتزاجات و الامتزاجات التي تعطي هذه الصور أعراض تعرض لها بتقدير العزيز العليم فإذا تهيأت هذه الصور

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 312
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست