responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 303

يقول اللّٰه تعالى تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبٰادِنٰا مَنْ كٰانَ تَقِيًّا فهذه الجنة التي حصلت لهم بطريق الورث من أهل النار الذين هم أهلها إذ لم يكن في علم اللّٰه أن يدخلوها و لم يقل في أهل النار إنهم يرثون من النار أماكن أهل الجنة لو دخلوا النار و هذا من سبق الرحمة بعموم فضله سبحانه فما نزل من نزل في النار من أهلها إلا بأعمالهم و لهذا يبقى فيها أماكن خالية و هي الأماكن التي لو دخلها أهل الجنة عمروها فيخلق اللّٰه خلقا يعمرونها على مزاج لو دخلوا به الجنة تعذبوا و هو

قوله صلى اللّٰه عليه و سلم فيضع الجبار فيها قدمه فتقول قط قط أي حسبي حسبي فإنه تعالى يقول لها هَلِ امْتَلَأْتِ فتقول هَلْ مِنْ مَزِيدٍ فإنه قال للجنة و النار لكل واحدة منكما ملؤها فما اشترط لهما إلا أن يملأهما خلقا و ما اشترط عذاب من يملأها بهم و لا نعيمهم و إن الجنة أوسع من النار بلا شك فإن عَرْضُهَا السَّمٰاوٰاتُ وَ الْأَرْضُ فما ظنك بطولها فهي للنار كمحيط الدائرة مما يحوي عليه و في التنزلات الموصلية رسمناها و بيناها على ما هي عليه في نفسها في باب يوم الإثنين و النار عرضها قدر الخط الذي يميز قطري دائرة فلك الكواكب الثابتة فأين هذا الضيق من تلك السعة و سبب هذا الاتساع جنات الاختصاص الإلهي

فورد في الخبر أنه يبقى أيضا في الجنة أماكن ما فيها أحد فيخلق اللّٰه خلقا للنعيم يعمرها بهم و هو أن يضع الرحمن فيها قدمه و ليس ذلك إلا في جنات الاختصاص فَالْحُكْمُ لِلّٰهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشٰاءُ وَ اللّٰهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ فمن كرمه أنه تعالى ما أنزل أهل النار إلا على أعمالهم خاصة

[الأئمة المضلون]

و أما قوله تعالى زِدْنٰاهُمْ عَذٰاباً فَوْقَ الْعَذٰابِ فذلك لطائفة مخصوصة و هم الأئمة المضلون يقول تعالى وَ لَيَحْمِلُنَّ أَثْقٰالَهُمْ وَ أَثْقٰالاً مَعَ أَثْقٰالِهِمْ و هم الذين أضلوا العباد و أدخلوا عليهم الشبه المضلة فحادوا بها عن سواء السبيل فضلوا و أضلوا و قالوا لهم اِتَّبِعُوا سَبِيلَنٰا وَ لْنَحْمِلْ خَطٰايٰاكُمْ يقول اللّٰه وَ مٰا هُمْ بِحٰامِلِينَ مِنْ خَطٰايٰاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكٰاذِبُونَ في هذا القول بل هم حاملون خطاياهم و الذين أضلوهم يحملون أيضا خطاياهم و خطايا هؤلاء مع خطاياهم و لا ينقص هؤلاء من خطاياهم من شيء

يقول صلى اللّٰه عليه و سلم من سن سنة سيئة فله وزرها و وزر من عمل بها دون أن ينقص ذلك من أوزارهم شيئا فهو قوله ثُمَّ ازْدٰادُوا كُفْراً فهؤلاء قيل فيهم زِدْنٰاهُمْ عَذٰاباً فَوْقَ الْعَذٰابِ فما أنزلوا من النار إلا منازل استحقاق بخلاف الجنة فإن أهل الجنة أنزلوا فيها منازل استحقاق مثل الكفار في النار بأعمالهم و أنزلوا أيضا منازل وراثة و منازل اختصاص و ليس ذلك في أهل النار

[فضل اللّٰه و رحمته على أهل النار في نفس النار]

و لا بد لأهل النار من فضل اللّٰه و رحمته في نفس النار بعد انقضاء مدة موازنة أزمان العمل فيفقدون الإحساس بالآلام في نفس النار لأنهم ليسوا بخارجين من النار أبدا فلا يموتون فيها و لا يحيون فتتخدر جوارحهم بإزالة الروح الحساس منها و ثم طائفة يعطيهم اللّٰه بعد انقضاء موازنة المدد بين العذاب و العمل نعيما خياليا مثل ما يراه النائم و جلده كما قال تعالى كُلَّمٰا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ هو كما قلنا خدرها فزمان النضج و التبديل يفقدون الآلام لأنه

إذا انقضى زمان الإنضاج خمدت النار في حقهم فيكونون في النار كالأمة التي دخلتها و ليست من أهلها فأماتهم اللّٰه فيها إماتة فلا يحسون بما تفعله النار في أبدانهم الحديث بكماله ذكره مسلم في صحيحه و هذا من فضل اللّٰه و رحمته

[أبواب جهنم]

و أما أبواب جهنم فقد ذكر اللّٰه من صفات أصحابها بعض ما ذكر و لكن من هؤلاء الأربع الطوائف الذين هم أهلها و من خرج بالشفاعة أو العناية ممن دخلها فقد جاء ببعض ما وصف اللّٰه به من دخلها من الأسباب الموجبة لذلك و هي باب الجحيم و باب سقر و باب السعير و باب الحطمة و باب لظى و باب الحامية و باب الهاوية و سميت الأبواب بصفات ما وراءها مما أعدت له و وصف الداخلون فيها بما ذكر اللّٰه تعالى في مثل قوله في لظى إنها تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَ تَوَلّٰى وَ جَمَعَ فَأَوْعىٰ و قال ما يقول أهل سقر إذا قيل لهم مٰا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قٰالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَ كُنّٰا نَخُوضُ مَعَ الْخٰائِضِينَ وَ كُنّٰا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ و قال في أهل الجحيم إنه يكذب بِيَوْمِ الدِّينِ وَ مٰا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاّٰ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ فوصفه بالإثم و الاعتداء ثم قال فيهم ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصٰالُوا الْجَحِيمِ ثُمَّ يُقٰالُ هٰذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ و هكذا في الحطمة و السعير و غير ذلك مما جاء به القرآن أو السنة

[المناسبات بين أعمال أهل النار و بين منازلهم في النار]

فهذا قد ذكرنا الأمهات و الطبقات و أما مناسبات الأعمال لهذه المنازل فكثيرة جدا يطول الشرح فيها و لو شرعنا في ذلك طال علينا المدى فإن المجال رحب و لكن الأعمال مذكورة و لعذاب عليها مذكور فمتى وقفت على شيء من ذلك و كنت على نور من ربك و بينة فإن اللّٰه يطلعك عليه بكرمه و الذي شرطنا في هذا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 303
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست