responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 300

أخبار بلا شك عند كل عاقل عارف بالكلام فإن اللّٰه أخبرنا أن هذا حرام و هذا حلال و لذا قال تعالى في ذم من قال عن اللّٰه ما لم يقل وَ لاٰ تَقُولُوا لِمٰا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هٰذٰا حَلاٰلٌ وَ هٰذٰا حَرٰامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللّٰهِ الْكَذِبَ فإنه ألحق الحكم بالخبر لأنه خبر بلا شك إلا أنه ليس في قوة البشر في أكثر الأشياء إدراك قبح الأشياء و لا حسنها فإذا عرفنا الحق بها عرفناها و منها ما يدرك قبحه عقلا في عرفنا مثل كالكذب و كفر المنعم و حسنه عقلا مثل الصدق و شكر المنعم و كون الإثم يتعلق ببعض أنواع الصدق و الأجر يتعلق ببعض أنواع الكذب فذلك لله يعطي الأجر على ما شاءه من قبح و حسن و لا يدل ذلك على حسن الشيء و لا قبحه كالكذب في نجاة مؤمن من هلاك يؤجر عليه الإنسان و إن كان الكذب قبيحا في ذاته و الصدق كالغيبة يأثم بها الإنسان و إن كان الصدق حسنا في ذاته فذاك أمر شرعي يعطي فضله من شاء و يمنعه من شاء كما قال يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشٰاءُ وَ اللّٰهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ

[مرتبة النفس و التنفس و ارتباط الموت بالحياة]

و اعلم أن أشد الخلق عذابا في النار إبليس الذي سن الشرك و كل مخالفة و سبب ذلك أنه مخلوق من النار فعذابه بما خلق منه أ لا ترى النفس به تكون حياة الجسم الحساس فإذا منع بالشنق أو الخنق خروج ذلك النفس انعكس راجعا إلى القلب فأحرقه من ساعته فهلك لحينه فبالنفس كانت حياته و به كان هلاكه و هلاكه على الحقيقة بالنفس من كونه متنفسا لا من كونه ذا نفس و لا من كونه متنفسا فقط بل من كونه يجذب بالقوة الجاذبة نفس الهواء البارد إلى قلبه و يخرج بالقوة الدافعة النفس الحار المحرق آمن قلبه فسبب هذه الأحوال بها تكون حياته

[أشد الناس عذابا في النار]

فإن الذي يرمى في النار هو متنفس و لكن لا يخلو من أحد الوجهين إما إنه لا يتنفس في النار فتكون حالته حالة المشنوق الذي يخنق بالحبل فيقتله نفسه و إما أن يتنفس فيجذب بالقوة الجاذبة هواء ناريا محرقا إذا وصل إلى قلبه أحرقه فلهذا قلنا في سبب الحياة هذه الأمور كلها فعذاب إبليس في جهنم بما فيها من الزمهرير فإنه يقابل النار الذي هو أصل نشأة إبليس فيكون عذابه بالزمهرير و بما هو نار مركبة فيه من ركن الهواء و الماء و التراب فلا بد أن يتعذب بالنار على قدر مخصوص و عامة عذابه بما يناقض ما هو الغالب عليه في أصل خلقه و النار ناران نار حسية و هي المسلطة على إحساسه و حيوانيته و ظاهر جسمه و باطنه و نار معنوية و هي التي تطلع على الأفئدة و بها يتعذب روحه المدبر لهيكله الذي أمر فعصى فمخالفته عذبته و هي عين جهله بمن استكبر عليه

[يوم التغابن:يوم عذاب النفوس]

فلا عذاب على الأرواح أشد من الجهل فإنه غبن كله و لهذا سمي يَوْمُ التَّغٰابُنِ يريد يوم عذاب النفوس فيقول يا ويلتا عَلىٰ مٰا فَرَّطْتُ و هو يَوْمَ الْحَسْرَةِ يقول يوم الكشف من حسرت عن الشيء إذا كشفت عنه فكأنه يقول يا ليتني حسرت عن هذا الأمر في الدنيا فأكون على بصيرة من أمري فيغتبن في نفسه و التغابن يدرك في ذلك اليوم الكل الطائع و العاصي فالطائع يقول يا ليتني بذلت جهدي و وفيت حق استطاعتي و تدبرت كلام ربي فعملت بمقتضاه مع كونه سعيدا و المخالف يقول يا ليتني لم أخالف ربي فيما أمرني به و نهاني ف‌ ذٰلِكَ يَوْمُ التَّغٰابُنِ و سيأتي هذا في باب يوم القيامة إن شاء اللّٰه

[جهنم:آلام أهلها صفة الغضب الإلهي و وجودها محل التنزل الرحماني]

و لما أعلمناك بمرتبة النفس و التنفس إنما جئنا به لتعلم إن جهنم لما اختص بآلام أهلها صفة الغضب الإلهي و اختص بوجودها التنزل الرحماني الإلهي و

جاء في الخبر الصحيح نفس الرحمن مشعرا بصفة الغضب فكان التنفس ملحقا صفة الغضب بمن حل به و لهذا لما أتى نفس الرحمن من قبل اليمن حل الغضب الإلهي بالكفار بالقتل و السيف الذي وقعت بهم الأنصار فنفس اللّٰه بذلك عن دينه و نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم فإن ذا الغضب إذا وجد على من يرسل غضبه نفس عنه ما يجده من أ لم الغضب و أكمل الصورة في محمد صلى اللّٰه عليه و سلم فقام به على الكفار لأجل ردهم كلمة اللّٰه صفة الغضب فنفس الرحمن عنه بما أمره به من السيف و نفس عنه بأصحابه و أنصاره فوجد الراحة فإنه وجد حيث يرسل غضبه فافهم من هذا آلام أهل النار و الصورة الحجابية المحمدية على الغضب الإلهي على أعداء اللّٰه و إن الآلام أرسلت على الأعداء فقامت بهم و نفس اللّٰه عن دينه و هو أمره و كلامه و هو عين علمه في خلقه و علمه ذاته جل و تعالى و قد بينا لك أمر جهنم من حيث ما هي دار فلنبين إن شاء اللّٰه في الباب الذي يلي هذا الباب مراتب أهل النار

[دركات جهنم المائة و زبانيتها]

ثم اعلم أن اللّٰه قد جعل فيها مائة درك في مقابلة درج الجنة و لكل درك قوم مخصوصون لهم من الغضب الإلهي الحال بهم آلام مخصوصة و أن المتولي عذابهم من الولاة الذين ذكرناهم في الباب قبل هذا من هذا الكتاب القائم و الإقليد و الحامد

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست