responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 290

علمك به أنه لا ينضبط سبحانه و لا يتقيد و لا يشبه شيئا و لا يشبه شيء فلا ينضبط مضبوط لتميزه عما ينضبط فقد انضبط ما لا ينضبط مثل قولك العجز عن درك الإدراك إدراك و الحق إنما وسعه القلب و معنى ذلك أن لا يحكم على الحق تعالى بأنه لا يقبل و لا يقبل فإن ذات الحق و أنيته مجهولة عند الكون و لا سيما و قد أخبر جل جلاله عن نفسه بالنقيضين في الكتاب و السنة فشبه في موضع و نزه في موضع ب‌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و شبيه بقوله وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ فتفرقت خواطر التشبيه و تشتتت خواطر التنزيه فإن المنزه على الحقيقة قد قيده و حصره في تنزيهه و أخلي عنه التشبيه و المشبه أيضا قيده و حصره في التشبيه و أخلي عنه التنزيه و الحق في الجمع بالقول بحكم الطائفتين فلا ينزه تنزيها يخرج عن التشبيه و لا يشبه تشبيها يخرج عن التنزيه فلا تطلق و لا تقيد لتميزه عن التقييد و لو تميز تقيد في إطلاقه و لو تقيد في إطلاقه لم يكن هو فهو المقيد بما قيد به نفسه من صفات الجلال و هو المطلق بما سمي به نفسه من أسماء الكمال و هو الواحد الحق الجلي الخفي لا إله إلا هو العلي العظيم

(وصل) [السدرة هي المرتبة الخامسة التي تنتهي إليها الأعمال]

و أما أسرار أهل الإلهام المستدلين فلا تتجاوز سدرة المنتهى فإن إليها تنتهي أعمال بنى آدم و نهاية كل أمر إلى ما منه بدا فإن قال لك عارف ممن لا علم له بهذا الأمر إن الكرسي موضع القدمين فقل له ذلك عالم الخلق و الأمر و التكليف إنما انقسم من السدرة فإنه قطع أربع مراتب و السدرة هي المرتبة الخامسة فنزل من قلم إلى لوح إلى عرش إلى كرسي إلى سدرة

[الأحكام الشرعية الخمسة و ما يقابلها من مراتب الوجود]

فظهر الواجب من القلم و المندوب من اللوح و المحظور من العرش و المكروه من الكرسي و المباح من السدرة و المباح قسم النفس و إليها تنتهي نفوس عالم السعادة و لأصولها و هي الزقوم تنتهي نفوس أهل الشقاء و قد بيناها في كتاب التنزلات الموصلية في باب يوم الإثنين و إذا ظهرت قسمة الأحكام من السدرة فإذا صعدت الأعمال التي لا تخلو من أحد هذه الأحكام لا بد أن تكون نهايتها إلى الموضع الذي منه ظهرت إذ لا تعرف من كونها منقسمة إلى السدرة ثم يكون من العقل الذي هو القلم نظر إلى الأعمال المفروضة فيمدها بحسب ما يرى فيها و يكون من اللوح نظر إلى الأعمال المندوب إليها فيمدها بحسب ما يرى فيها و يكون من العرش نظر إلى المحظورات و هو مستوي الرحمن فلا ينظرها إلا بعين الرحمة و لهذا يكون مال أصحابها إلى الرحمة و يكون من الكرسي نظر إلى الأعمال المكروهة فينظر إليها بحسب ما يرى فيها و هو تحت حيطة العرش و العرش مستوي الرحمن و الكرسي موضع القدمين فيسرع العفو و التجاوز عن أصحاب المكروه من الأعمال و لهذا يؤجر تاركها و لا يؤاخذ فاعلها

[عذاب أهل الجحيم في الجحيم:الخلود في النار]

فكتاب الأبرار في عليين : و يدخل فيهم العصاة أهل الكبائر و الصغائر و أما كتاب الفجار ففي سجين : و فيه أصول السدرة التي هي شجرة الزقوم فهناك تنتهي أعمال الفجار في أسفل سافلين فإن رحمهم الرحمن من عرش الرحمانية بالنظرة التي ذكرناها جعل لهم نعيما في منزلهم فلا يموتون فيه و لا يحبون فهم في نعيم النار دائمون مؤبدون كنعيم النائم بالرؤيا التي يراها في حال نومه من السرور و ربما يكون في فراشه مريضا ذا بؤس و فقر و يرى نفسه في المنام ذا سلطان و نعمة و ملك فإن نظرت إلى النائم من حيث ما يراه في منامه و يلتذ به قلت إنه في نعيم و صدقت و إن نظرت إليه من حيث ما تراه في فراشه الخشن و مرضه و يأسه و فقره و كلومه قلت إنه في عذاب هكذا يكون أهل النار ف‌ لاٰ يَمُوتُ فِيهٰا وَ لاٰ يَحْيىٰ أي لا يستيقظ أبدا من نومته فتلك الرحمة التي يرحم اللّٰه بها أهل النار الذين هم أهلها و أمثالها كالمحرور منهم بتنعم بالزمهرير و المقرور منهم يجعل في الحرور و قد يكون عذابهم توهم وقوع العذاب بهم و ذلك كله بعد قوله لاٰ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ العذاب وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ذلك زمان عذابهم و أخذهم بجرائمهم قبل أن تلحقهم الرحمة التي سبقت الغضب الإلهي فإذا اطلع أهل الجنان في هذه الحالة على أهل النار و رأوا منازلهم في النار و ما أعد اللّٰه فيها و ما هي عليه من قبح المنظر قالوا معذبون و إذا كوشفوا على الحسن المعنوي الإلهي في خلق ذلك المسمى قبحا و رأوا ما هم فيه في نومتهم و علموا أحوال أمزجتهم قالوا منعمون فسبحان القادر على ما يشاء لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فقد فهمت قول اللّٰه تعالى لاٰ يَمُوتُ فِيهٰا وَ لاٰ يَحْيىٰ و

قول رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها و لا يحيون وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباب التاسع و الخمسون في معرفة الزمان الموجود و المقدر)

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 290
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست