responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 284

و المكروه اجتنبه فعلا كان أو تركا و المباح أنت مخير فيه فإن غلب عليك طلب الأرباح فاجتنب المباح و اشتغل بالواجب أو المندوب غير أنك إذا تصرفت في المباح فتصرف فيه على حضور أنه مباح و أن الشارع لو لا ما أباحه لك ما تصرفت فيه فتكون مأجورا في مباحك لا من حيث كونه مباحا إلا من حيث إيمانك به أنه شرع من عند اللّٰه فإن الحكم لا ينتقل بعد موت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فإن الحكم هو عين الشرع و قد سد ذلك الباب فالمباح مباح لا يكون واجبا و لا محظورا أبدا و كذلك كل واحد من الأحكام و إن خطر لك خاطر في فرض فقم إليه بلا شك فإنه من الملك و إذا خطر لك خاطر في مندوب فاحفظ أول الخاطر فإنه قد يكون من إبليس فأثبت عليه فإذا خطر لك أن تتركه لمندوب آخر هو أعلى منه و أولى فلا تعدل عن الأول و أثبت عليه و احفظ الثاني و افعل الأول و لا بد فإذا فرغت منه اشرع في الثاني فافعله أيضا فإن الشيطان يرجع خاسئا بلا شك حيث لم يتفق له مقصوده و بهذا الدواء يذهب مرض الشيطان من نفسك و تكون عمري المقام ما يلقاك الشيطان في فج إلا سلك فجا غير فجك إذا عاملته بمثل هذا فحافظ على ما نبهتك عليه فإن اللّٰه قد أثنى على الذين يُسٰارِعُونَ فِي الْخَيْرٰاتِ وَ هُمْ لَهٰا سٰابِقُونَ و يكفي هذا القدر وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباب السادس و الخمسون)
في معرفة الاستقراء و صحته من سقمه



للاستقراء حد في المعاني يلازمه القوي من الرجال
له حكم و لا يعطيك علما فصورته كمنزلة الظلال
مزاحمة الدليل بقوم فيها و أين العين من شخص المثال
منازلة الظنون و إن منها لمعطيك النزول إلى سفال
فلا تحكم بالاستقراء قطعا فما عين الغزالة كالغزال
و إن ظهرت بالاستقراء علوم فما حكم التضمر كالهزال

[متى يكون الاستقراء صحيحا]

خرج مسلم في صحيحه أن اللّٰه يقول شفعت الملائكة و شفع النبيون و شفع المؤمنون و بقي أرحم الراحمين فسمى نفسه عز و جل أرحم الراحمين و قال إنه خَيْرُ الْغٰافِرِينَ و

قال في الصحيح أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا فإذا استقرينا الوجود إن الكرام الأصول لا يصدر منهم إلا مكارم الأخلاق من الإحسان للمحسن و التجاوز عن المسيء و العفو عن الزلة و إقالة العثرة و قبول المعذرة و الصفح عن الجاني و أمثال هذا مما هو من مكارم الأخلاق و استقرينا ذلك فوجدنا لا يخطئ بقول شاعر العرب في ذلك

أن الجياد على أعراقها تجري
و الحق أولى بصفة مكارم الأخلاق من المخلوقين فهنا تكون صحة الاستقراء في الإلهيات

[متى يكون الاستقراء سقيما]

و أما سقم الاستقراء فلا يصح في العقائد فإن مبناها على الأدلة الواضحة فإنه لو استقرينا كل من ظهرت منه صنعة وجدناه جسما و نقول إن العالم صنعة الحق و فعله و قد تتبعنا الصناع فما وجدنا صانعا إلا ذا جسم فالحق جسم تعالى اللّٰه عن ذلك علوا كبيرا و تتبعنا الأدلة في المحدثات فما وجدنا عالما لنفسه و إنما الدليل يعطي أن لا يكون عالم إلا بصفة زائدة على ذاته تسمى علما و حكمها فيمن قامت به أن يكون عالما و قد علمنا إن الحق عالم فلا بد أن يكون له علم و يكون ذلك العلم صفة زائدة على ذاته قائمة به كلا بل هو اللّٰه العالم الحي القادر القاهر الخبير كل ذلك لنفسه لا بأمر زائد على ذاته إذ لو كان ذلك بأمر زائد على نفسه و هي صفات كمال لا يكون كمال الذات إلا بها فيكون كماله بزائد على ذاته و تتصف ذاته بالنقص إذا لم يقم به هذا الزائد فهذا من الاستقراء و هذا الذي دعا المتكلمين أن يقولوا في صفات الحق لا هي هو و لا هي غيره و فيما ذكرناه ضرب من الاستقراء الذي لا يليق بالجناب العالي ثم إنه لما استشعر القائلون بالزائد سلكوا في العبارة عن ذلك مسلكا آخر فقالوا ما عقلناه بالاستقراء و إنما قلنا أعطى الدليل أنه لا يكون عالم إلا من قام به العلم و لا بد أن يكون أمرا زائدا على ذات العالم لأنه من صفات المعاني يقدر رفعه مع بقاء الذات فلما أعطى الدليل ذلك طردناه شاهدا و غائبا يعني في الحق و الخلق و هذا هرب منهم و عدول عن عين

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 284
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست