responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 281

بالإشارة دون غيرها من الألفاظ إلا بتعليم إلهي جهله علماء الرسوم و ذلك أن الإشارة لا تكون إلا بقصد المشير بذلك أنه يشير لا من جهة المشار إليه و إذا سألتهم عن شرح مرادهم بالإشارة أجروها عند السائل من علماء الرسوم مجرى الغالب مثال ذلك الإنسان يكون في أمر ضاق به صدره و هو مفكر فيه فينادي رجل رجلا آخر اسمه فرج فيقول يا فرج فيسمعه هذا الشخص الذي ضاق صدره فيستبشر و يقول جاء فرج اللّٰه إن شاء اللّٰه يعني من هذا الضيق الذي هو فيه و ينشرح صدره كما

فعل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في مصالحة المشركين لما صدوه عن البيت فجاء رجل من المشركين اسمه سهيل فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم سهل الأمر أخذه فالا فكان كما تفاءل به رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فانتظم الأمر على يد سهيل و ما كان أبوه قصد ذلك حين سماه به و إنما جعله له اسما علما يعرف به من غيره و إن كان ما قصد أبوه تحسين اسم ابنه إلا لخير

[اصطلاح أهل اللّٰه على ألفاظ گ يعرفها سواهم إلا منهم]

و لما رأى أهل اللّٰه أنه قد اعتبر الإشارة استعملوها فيما بينهم و لكنهم بينوا معناها و محلها و وقتها فلا يستعملونها فيما بينهم و لا في أنفسهم إلا عند مجالسة من ليس من جنسهم أو لأمر يقوم في نفوسهم و اصطلح أهل اللّٰه على ألفاظ لا يعرفها سواهم إلا منهم و سلكوا طريقة فيها لا يعرفها غيرهم كما سلكت العرب في كلامها من التشبيهات و الاستعارات ليفهم بعضهم عن بعض فإذا خلوا بأبناء جنسهم تكلموا بما هو الأمر عليه بالنص الصريح و إذا حضر معهم من ليس منهم تكلموا بينهم بالألفاظ التي اصطلحوا عليها فلا يعرف الجليس الأجنبي ما هم فيه و لا ما يقولون و من أعجب الأشياء في هذه الطريقة و لا يوجد إلا فيها إنه ما من طائفة تحمل علما من المنطقيين و النجاة و أهل الهندسة و الحساب و التعليم و المتكلمين و الفلاسفة إلا و لهم اصطلاح لا يعلمه الدخيل فيهم إلا بتوقيف من الشيخ أو من أهله لا بد من ذلك إلا أهل هذه الطريقة خاصة إذا دخلها المريد الصادق و بهذا يعرف صدقه عندهم و ما عنده خبر بما اصطلحوا عليه فإذا فتح اللّٰه له عين فهمه و أخذ عن ربه في أول ذوقه و ما يكون عنده خبر بما اصطلحوا عليه و لم يعلم أن قوما من أهل اللّٰه اصطلحوا على ألفاظ مخصوصة فإذا قعد معهم و تكلموا باصطلاحهم على تلك الألفاظ التي لا يعرفها سواهم أو من أخذها عنهم فهم هذا المريد الصادق جميع ما يتكلمون به حتى كأنه الواضع لذلك الاصطلاح و يشاركهم في الكلام بها معهم و لا يستغرب ذلك من نفسه بل يجد علم ذلك ضروريا لا يقدر على دفعه و كأنه ما زال يعلمه و لا يدري كيف حصل له و الدخيل من غير هذه الطائفة لا يجد ذلك إلا بموقف فهذا معنى الإشارة عند القوم و لا يتكلمون بها إلا عند حضور الغير أو في تأليفهم و مصنفاتهم لا غير وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباب الخامس و الخمسون في معرفة الخواطر الشيطانية)



لو أن اللّٰه يفهمنا الذي فيها من الحكم
رأيت الأمر يعلو عن مجال الفكر و الهمم
يدق فليس تظهره إليك جوامع الكلم

[الخواطر أربعة لا خامس لها]

الخواطر أربعة لا خامس لها خاطر رباني و خاطر ملكي و خاطر نفسي و خاطر شيطاني و لا خامس هناك و قد ذكرنا معرفة الخواطر في هذا الكتاب و في بعض كتبنا فلنذكر في هذا الباب الخاطر الشيطاني خاصة

[أقسام الشياطين]

اعلم أن الشياطين قسمان قسم معنوي و قسم حسي ثم القسم الحسي من ذلك على قسمين شيطاني إنسي و شيطاني جني يقول اللّٰه عز و جل شَيٰاطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَ لَوْ شٰاءَ رَبُّكَ مٰا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَ مٰا يَفْتَرُونَ فجعلهم أهل افتراء على اللّٰه و حدث فيما بينهما في الإنسان شيطان معنوي و ذلك أن شيطان الجن و الإنس إذا ألقى من ألقى منهم في قلب الإنسان أمرا ما يبعده عن اللّٰه به فقد يلقي أمرا خاصا و هو خصوص مسألة بعينها و قد يلقي أمرا عاما و يتركه فإن كان أمرا عاما فتح له في ذلك طريقا إلى أمور لا يفطن لها الجني و لا الإنسي تتفقه فيه النفس و تستنبط من تلك الشبه أمورا إذا تكلم بها تعلم إبليس الغواية فتلك الوجوه التي تنفتح له في ذلك الأسلوب العام الذي ألقاه إليه أو لا شيطان الإنس أو شيطان الجن تسمى الشياطين المعنوية لأن كل واحد من شياطين الإنس و الجن يجهلون ذلك و ما قصدوه على التعيين و إنما أرادوا بالقصد الأول فتح هذا الباب عليه لأنهم علموا إن في قوته و فطنته

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 281
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست