responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 280

بالكليات فأثبتوا له العلم سبحانه مع كونهم غير مؤمنين و قصدوا تنزيهه سبحانه في ذلك و إن أخطئوا في التعبير عن ذلك فتولى اللّٰه بعنايته لبعض عباده تعليمهم بنفسه بإلهامه و إفهامه إياهم فألهمها فجورها و تقواها في أثر قوله وَ نَفْسٍ وَ مٰا سَوّٰاهٰا فبين لها الفجور من التقوى إلهاما من اللّٰه لها لتجتنب الفجور و تعمل بالتقوى

[تنزيل الكتاب على الأنبياء و تنزيل الفهم على قلوب الأولياء]

كما كان أصل تنزيل الكتاب من اللّٰه على أنبيائه كان تنزيل الفهم من اللّٰه على قلوب بعض المؤمنين به فالأنبياء عليهم السلام ما قالت على اللّٰه ما لم يقل لها و لا أخرجت ذلك من نفوسها و لا من أفكارها و لا تعملت فيه بل جاءت به من عند اللّٰه كما قال تعالى تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ و قال فيه إنه لاٰ يَأْتِيهِ الْبٰاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لاٰ مِنْ خَلْفِهِ و إذا كان الأصل المتكلم فيه من عند اللّٰه لا من فكر الإنسان و رويته و علماء الرسوم يعلمون ذلك فينبغي إن يكون أهل اللّٰه العاملون به أحق بشرحه و بيان ما أنزل اللّٰه فيه من علماء الرسوم فيكون شرحه أيضا تنزيلا من عند اللّٰه على قلوب أهل اللّٰه كما كان الأصل و كذا

قال علي بن أبي طالب رضي اللّٰه عنه في هذا الباب ما هو الا فهم يؤتيه اللّٰه من شاء من عباده في هذا القرآن فجعل ذلك عطاء من اللّٰه يعبر عن ذلك العطاء بالفهم عن اللّٰه فأهل اللّٰه أولى به من غيرهم

[الدولة في الحياة الدنيا لأهل الظاهر من علماء الرسوم]

فلما رأى أهل اللّٰه أن اللّٰه قد جعل الدولة في الحياة الدنيا لأهل الظاهر من علماء الرسوم و أعطاهم التحكم في الخلق بما يفتون به و ألحقهم بالذين يَعْلَمُونَ ظٰاهِراً مِنَ الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ هُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غٰافِلُونَ وَ هُمْ في إنكارهم على أهل اللّٰه يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً سلم أهل اللّٰه لهم أحوالهم لأنهم علموا من أين تكلموا و صانوا عنهم أنفسهم بتسميتهم الحقائق إشارات فإن علماء الرسوم لا ينكرون الإشارات فإذا كان في غد يوم القيامة يكون الأمر في الكل كما قال القائل

سوف ترى إذا انجلى الغبار أ فرس تحتك أم حمار
كما يتميز المحقق من أهل اللّٰه من المدعي في الأهلية غدا يوم القيامة قال بعضهم

إذا اشتبكت دموع في خدود تبين من بكى ممن تباكى
أين عالم الرسوم من

قول علي بن أبي طالب رضي اللّٰه عنه حين أخبر عن نفسه أنه لو تكلم في الفاتحة من القرآن لحمل منها سبعين وقرا هل هذا إلا من الفهم الذي أعطاه اللّٰه في القرآن فاسم الفقيه أولى بهذه الطائفة من صاحب علم الرسوم فإن اللّٰه يقول فيهم لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ فأقامهم مقام الرسول في التفقه في الدين و الإنذار و هو الذي يدعو إِلَى اللّٰهِ عَلىٰ بَصِيرَةٍ كما يدعو رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم على بصيرة لا على غلبة ظن كما يحكم عالم الرسوم فشتان بين من هو فيما يفتي به و يقوله على بصيرة منه في دعائه إلى اللّٰه و هو عَلىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ و بين من يفتي في دين اللّٰه بغلبة ظنه

[العلم المأخوذ عن الميت و العلم المأخوذ عن الحي الذي لا يموت]

ثم إن من شأن عالم الرسوم في الذب عن نفسه إنه يجهل من يقول فهمني ربي و يرى أنه أفضل منه و أنه صاحب العلم إذ يقول من هو من أهل اللّٰه إن اللّٰه ألقى في سرى مراده بهذا الحكم في هذه الآية أو يقول رأيت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في واقعتي فأعلمني بصحة هذا الخبر المروي عنه و بحكمه عنده قال أبو يزيد البسطامي رضي اللّٰه عنه في هذا المقام و صحته يخاطب علماء الرسوم أخذتم علمكم ميتا عن ميت و أخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت يقول أمثالنا حدثني قلبي عن ربي و أنتم تقولون حدثني فلان و أين هو قالوا مات عن فلان و أين هو قالوا مات و كان الشيخ أبو مدين رحمه اللّٰه إذا قيل له قال فلان عن فلان عن فلان يقول ما نريد نأكل قديدا هاتوا ائتوني بلحم طري يرفع همم أصحابه هذا قول فلان أي شيء قلت أنت ما خصك اللّٰه به من عطاياه من علمه اللدني أي حدثوا عن ربكم و اتركوا فلانا و فلانا فإن أولئك أكلوه لحما طريا و الواهب لم يمت و هو أقرب إليكم مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ

[الفيض الإلهي دائم و المبشرات جزء من أجزاء النبوة]

و الفيض الإلهي و المبشرات ما سد بابها و هي من أجزاء النبوة و الطريق واضحة و الباب مفتوح و العمل مشروع و اللّٰه يهرول لتلقى من أتى إليه يسعى و مٰا يَكُونُ مِنْ نَجْوىٰ ثَلاٰثَةٍ إِلاّٰ هُوَ رٰابِعُهُمْ و هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مٰا كٰانُوا فمن كان معك بهذه المثابة من القرب مع دعواك العلم بذلك و الايمان به لم تترك الأخذ عنه و الحديث معه و تأخذ عن غيره و لا تأخذ عنه فتكون حديث عهد بربك يكون المطر فوق رتبتك

حيث برز إليه رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم بنفسه حين نزل و حسر عن رأسه حتى أصابه الماء فقيل له في ذلك فقال إنه حديث عهد بربه تعليما لنا و تنبيها

[إشارات الصوفية في شرح كتاب اللّٰه]

ثم لتعلم إن أصحابنا ما اصطلحوا على ما جاءوا به في شرح كتاب اللّٰه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 280
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست