responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 279



تنبيه عصمة من قال الإله له كن فاستوى كائنا و القوم إشهاد

[الغيبة عن رؤية وجه الحق في الأشياء،عين المرض]

اعلم أيدنا اللّٰه و إياك بروح منه أن الإشارة عند أهل طريق اللّٰه تؤذن بالبعد أو حضور الغير قال بعض الشيوخ في محاسن المجالس الإشارة نداء على رأس البعد و بوح بعين العلة يريد أن ذلك تصريح بحصول المرض فإن العلة مرض و هو قولنا أو حضور الغير و لا يريد بالعلة هنا السبب و لا العلة التي اصطلح عليها العقلاء من أهل النظر و صورة لمرض فيها إن المشير غاب عنه وجه الحق في ذلك الغير و من غاب عنه وجه الحق في الأشياء تمكنت منه الدعوى و الدعوى عين المرض و قد ثبت عند المحققين أنه ما في الوجود إلا اللّٰه و نحن و إن كنا موجودين فإنما كان وجودنا به و من كان وجوده بغيره فهو في حكم العدم و الإشارة قد ثبتت و ظهر حكمها فلا بد من بيان ما هو المراد بها

[علماء الرسوم و الصوفية:العلم الظاهر و العلم الباطن]

فاعلم إن اللّٰه عز و جل لما خلق الخلق خلق الإنسان أطوارا فمنا العالم و الجاهل و منا المنصف و المعاند و منا القاهر و منا المقهور و منا الحاكم و منا المحكوم و منا المتحكم و منا المتحكم فيه و منا الرئيس و الرءوس و منا الأمير و المأمور و منا الملك و السوقة و منا الحاسد و المحسود و ما خلق اللّٰه أشق و لا أشد من علماء الرسوم على أهل اللّٰه المختصين بخدمته العارفين به من طريق الوهب الإلهي الذين منحهم أسراره في خلقه و فهمهم معاني كتابه و إشارات خطابه فهم لهذه الطائفة مثل الفراعنة للرسل عليهم السلام و لما كان الأمر في الوجود الواقع على ما سبق به العلم القديم كما ذكرناه عدل أصحابنا إلى الإشارات كما عدلت مريم عليها السلام من أجل أهل الإفك و الإلحاد إلى الإشارة فكلامهم رضي اللّٰه عنهم في شرح كتابه العزيز الذي لاٰ يَأْتِيهِ الْبٰاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لاٰ مِنْ خَلْفِهِ إشارات و إن كان ذلك حقيقة و تفسيرا لمعانيه النافعة و رد ذلك كله إلى نفوسهم مع تقريرهم إياه في العموم و فيما نزل فيه كما يعلمه أهل اللسان الذين نزل ذلك الكتاب بلسانهم فعم به سبحانه عندهم الوجهين كما قال تعالى سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ يعني الآيات المنزلة في الآفاق و في أنفسهم

[التفسير بالاشارة،رواية عما يراه الصوفي في نفسه]

فكل آية منزلة لها وجهان وجه يرونه في نفوسهم و وجه آخر يرونه فيما خرج عنهم فيسمون ما يرونه في نفوسهم إشارة ليأنس الفقيه صاحب الرسوم إلى ذلك و لا يقولون في ذلك إنه تفسير وقاية لشرهم و تشنيعهم في ذلك بالكفر عليه و ذلك لجهلهم بمواقع خطاب الحق و اقتدوا في ذلك بسنن الهدى فإن اللّٰه كان قادرا على تنصيص ما تأوله أهل اللّٰه في كتابه و مع ذلك فما فعل بل أدرج في تلك الكلمات الإلهية التي نزلت بلسان العامة علوم معاني الاختصاص التي فهمها عباده حين فتح لهم فيها بعين الفهم الذي رزقهم و لو كان علماء الرسوم ينصفون لاعتبروا في نفوسهم إذا نظروا في الآية بالعين الظاهرة التي يسلمونها فيما بينهم فيرون أنهم يتفاضلون في ذلك و يعلو بعضهم على بعض في الكلام في معنى تلك الآية و يقر القاصر بفضل غير القاصر فيها و كلهم في مجرى واحد و مع هذا الفضل المشهود لهم فيما بينهم في ذلك ينكرون على أهل اللّٰه إذا جاءوا بشيء مما يغمض عن إدراكهم و ذلك لأنهم يعتقدون فيهم أنهم ليسوا بعلماء و أن العلم لا يحصل إلا بالقلم المعتاد في العرف و صدقوا فإن أصحابنا ما حصل لهم ذلك العلم إلا بالتعلم و هو الإعلام الرحماني الرباني قال تعالى اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسٰانَ مِنْ عَلَقٍ اِقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ اَلَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسٰانَ مٰا لَمْ يَعْلَمْ فإنه القائل أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهٰاتِكُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ و قال تعالى خَلَقَ الْإِنْسٰانَ عَلَّمَهُ الْبَيٰانَ فهو سبحانه معلم الإنسان

[أهل اللّٰه هم ورثة الأنبياء في العلم و الهدى و الحكمة]

فلا نشك أن أهل اللّٰه هم ورثة الرسل عليهم السلام و اللّٰه يقول في حق الرسول وَ عَلَّمَكَ مٰا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ و قال في حق عيسى وَ يُعَلِّمُهُ الْكِتٰابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ التَّوْرٰاةَ وَ الْإِنْجِيلَ و قال في حق خضر صاحب موسى عليه السلام وَ عَلَّمْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا عِلْماً فصدق علماء الرسوم عندنا فيما قالوا إن العلم لا يكون إلا بالتعلم و أخطئوا في اعتقادهم إن اللّٰه لا يعلم من ليس بنبي و لا رسول يقول اللّٰه يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشٰاءُ و هي العلم و جاء بمن و هي نكرة و لكن علماء الرسوم لما آثروا الدنيا على الآخرة و آثروا جانب الخلق على جانب الحق و تعودوا أخذ العلم من الكتب و من أفواه الرجال الذين من جنسهم و رأوا في زعمهم أنهم من أهل اللّٰه بما علموا و امتازوا به عن العامة حجبهم ذلك عن إن يعلموا أن لله عبادا تولى اللّٰه تعليمهم في سرائرهم بما أنزله في كتبه و على ألسنة رسله و هو العلم الصحيح عن العالم المعلم الذي لا يشك مؤمن في كمال علمه و لا غير مؤمن فإن الذين قالوا إن اللّٰه لا يعلم الجزئيات ما أرادوا نفي العلم عنه بها و إنما قصدوا بذلك أنه تعالى لا يتجدد له علم بشيء بل علمها مندرجة في علمه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست